تتزايد أرقام القتلى في المعارك الدائرة بين المسيرية والدينكا في مناطق التماس،وكل ما حسن الظن في أن الاوضاع ماضية للتهدئة،لكن سرعان ما تخيب التوقعات باستعار الحريق مرة أخرى، مضيفاً الى قوائم الموتى والجرحى من الفريقين أرقاماً جديدة،تقابل بدهشة باردة في «خرطوم جحا» التي لا تشعر بالخطر الا اذا دق عليها الباب. ما يحدث هذه الايام بين المسيرية والدينكا هو في الخطورة والأهمية أكبر من تجميد وزراء الحركة الشعبية لمناصبهم الوزارية في «عيد الفطر» أو عودتهم اليها في «عيد الاضحى»..! الوضع في حقيقته مترتب- قصير المدى- للتجاذب الذي حدث بين الشريكين بالخرطوم،حين اراد كل طرف ان يضغط على خصمه في مناطق الألم،وبعد ان انتهى التوتر بينهما وعادت الابتسامات المتبادلة لتمنح الشراكة فيتامينات مقوية،اذا بأوراق التكتيك التي استخدمت في مناطق التماس لتسهيل الوصول لتسوية بكابينة القيادة المركزية،اذا بتلك الاوراق تتجاوز اللحم لتهدد العظم بالكسر. المركزيون بالمؤتمر الوطني والحركة الشعبية يصيبهم العجز وهم يشاهدون المناورات التي اداروها وارادوا منها مكاسب سياسية فقط، تنقلب الى معارك حقيقية، تتحكم فيها القيادات المحلية، وتتحرك وفقاً لمتطلبات الميدان ونوازع الانتقام. نعم .. لم يبق من خيار للقيادات المركزية في الخرطوم وجوبا اما الجلوس على مقاعد المشاهدة أوأن يلتزم كل طرف جانب حلفائه ويدخل الى الصراع لتصبح الشراكة مبنية على المجهول. المسيرية يريدون من القوات المسلحة ان ترد اليهم ديناً قد سبق،حينما كانوا عونها في زمن الشدة. الدينكا لا يرضون من الحركة الشعبية التزام الحياد أو ادعائه،فجيش الحركة بقياداته المحلية الآن هو في قلب معركة القبيلة. القوات المسلحة تحاصرها نظرات الخذلان التي تنطلق نحو صدرها من عيون المسيرية كالرصاص..! القيادة السياسية في الطرفين تريد القيام بمهام الجودية في حرب دقت هي طبولها وظنت أن الامر سيقف عند ذلك..! زيارة وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين وباقان أموم الامين العام للحركة الشعبية واجتماعهما بقيادات وزعامات المسيرية والدينكا تمثل مترتباتها أكبر دليل على عجز القيادات المركزية في الخرطوم وجوبا في فرض ارادتهم على القيادات المحلية بالميرم وقرنتي. تجددت الاشتباكات بين المسيرية والدينكا بمنطقة وارقويت شمال بحر الغزال وادت الى مقتل 40 من قبيلة الدينكا و20 من المسيرية. حدث ذلك قبل ان يسترخي عبد الرحيم وباقان على مقاعدهما بالطائرة العائدة الى الخرطوم،وبعد أن عبرت توجيهات الفريق سلفاكير ميارديت الى الضفة الأخرى من النهر وهي تأمر قوات الحركة بالانسحاب من الولاية،فلا تجد مجيباً..! المسكنات لم تجد..والعقاقيربلا فاعلية..اذن الوضع يستدعي تدخل جراحي ماهر..! الضرورة تقتضي التعجيل بزيارة الرئيس البشير ونائبه الاول سلفاكير الى تلك المناطق.بشرط.. الا تكون تلك الزيارة زيارة تلفزيونية خاطفة،فخطورة الصراع واستثنائية الازمات تتطلب ايجاد حلول استثنائية تتجاوز البروتوكولات وأعراف المراسم. في مثل هذه المواقف تبرز ملكات القيادة. وتقاس كارزما تأثيرها على الواقع. الانجع للبشير وسلفا الذهاب الى بؤرة الحريق لا انتظاره في مستودع البارود..!