على طريقة اللغز الشهير الذي يقول (يذبح فى الضحية ،وله أربعة أرجل،ويقول بااااع)، اتهم سلفاكير ميارديت نائب رئيس الجمهورية، ورئيس الحركة الشعبية جهة ما بتزويد المسيرية بأسلحة ثقيلة (دوشكات)،وعربات لاندكروزر،وعضد سلفا حديثه بتأكيده على وجود وثائق تؤكد ما ذهب اليه. سلفا ألمح ايضاً الى ان الحركة لن تستمر في تقديم التنازلات الى ما لا نهاية ويمكن ان تكشف الحقائق في حينها، و لكنه شدد فى ذات السياق على ضرورة حل الأزمة بالحوار السلمي. سلفا اختار بعناية توقيتا زمنيا على هامش الاحتفالات بأعياد السلام للتحذير من نذر مواجهات جديدة فى الميرم بين المسيرية والجيش الشعبي ، وبالتزامن ايضاً مع اجتماع اللجنة الوزارية باللجنة العسكرية المكونة لابعاد القوات المسلحة والجيش الشعبي عن الحدود بغرض التوافق على خطوات اجرائية لاحتواء التوتر. ويرى مراقبون أن تصريحات سلفا الاخيرة بمثابة تحول جزئي في موقف الرجل من التوترات بين المسيرية والجيش الشعبي او بين المسيرية والدينكا كما يحلو لآخرين ان يصفوها..فعندما استعر القتل بين الطرفين خلال الاشتباكات التي جرت بمنطقة وارقويت شمال بحر الغزال وادت الى مقتل »40« شخصاً من قبيلة الدينكا، فيما لقي اكثر من «20» من افراد قبيلة المسيرية حتفهم كانت التوجيهات قد صدرت من الفريق سلفاكير لقائد الجيش الشعبي هناك بسحب قوات الحركة الى جنوب بحر العرب..ولكن يبدو ان ذلك كان اجراء أوليا من الحركة الشعبية ريثما تلتقط انفاسها وتفض الاشتباك الذي ابرقت سماؤه منذرة بدخول البلاد نفق الحرب الاهلية مرة اخرى بعد ان خرجت منها بالكاد. وفى الجانب الآخر يفند الامير الحريكة عز الدين رئيس مجلس أعلى المسيرية فى حديثه مع (الرأي العام) اتهامات سلفا ويؤكد أنها لا اساس لها من الصحة، فتحركات المسيرية فى صراعها الاخير امام الجيش الشعبي، كانت امام الجميع،ولم يستخدم المسيرية ولا سيارة واحدة، فقط يركبون الخيل،أو يكونون مجرد مشاة.والاسلحة التى استخدمها المسيرية كانت شخصية فى غالبها، بل ان البعض كان يحمل العصي والسياط. وبالعودة لاتهامات سلفا بكيفيتها التى تغني عن تحديد الجهة المتهمة بالاسم، فإنها يمكن قراءتها مع تلميحات سبق ان صدرت من بعض قادة الحركة فى أوقات سابقة، فُهم منها الجهة المقصودة.بل ان هذه «الجهة» اشير اليها ايضا بأنها قدمت الدعم لقبيلة المورلي في نزاعها الاخير مع الدينكا في منطقة جونقلي تحديدا. ويعود الامير الحريكة ليشدد على أن من قاتلوا جيش الحركة الشعبية، لم تكن لهم حتى أمكانيات للاتصال بخارج المنطقة، واستقطاب الدعم. لكن يبدو ان موضوع الجهات التي تدعم المسيرية ليس بأكثر اهمية من تحذير سلفا نفسه من نذر مواجهات جديدة فى الميرم بين المسيرية والجيش الشعبي، فشواهد النذر تبدو غير واضحة خاصة من الناحية العسكرية بعد التوجيهات التي صدرت لقوات الجيش الشعبي هناك بالانسحاب جنوبا، فى وقت أكد ل (الرأي العام ) شهود عيان من المنطقة بأن منطقة الجرف مازالت تشهد تمركزاً لقوات الجيش الشعبي. لقد كادت نذر الصراع تنطفيء لان الاشتباكات الاخيرة في وارقويت حفزّت عدداً من الاطراف على التدخل لتهدئة الاوضاع. والمهم ان كل هذه التدخلات الخفيفة والثقيلة والوساطات افلحت في نزع فتيل الازمة وتهدئة الخواطر،بما يبعد أي شبح لاشتباكات قادمة..ولكن حديث الرجل الاول في الحركة الشعبية والجيش الشعبي يعني ان ابعاد هذا الشبح كان مؤقتا. ويرى عبد الرسول النور احد السياسيين البارزين بقبيلة المسيرية في حديث ل (الرأي العام) ان تصريحات سلفا تدل على أنه تلقى معلومات مضللة وغير دقيقة، تبرر لهجوم الجيش الشعبي على المسيرية، واشار النور الى ان المسيرية عاتبون على الحكومة لعدم تدخل الجيش بجانبهم فى الصراع الاخير،وطالب النور سلفا بلقاء قيادات المنطقة ليشرحوا له موقفهم، كما شرحوا لباقان، فسلفا نائب رئيس للسودان ككل. ويذهب النور الى أن ما حدث فى منطقة بحر العرب بين المسيرية والجيش الشعبي يجئ بسبب مساعي الحركة الشعبية لتحقيق طموحها بمنطقة ابيي، ويرى ان ما حدث عبارة عن محاولة لتنزيل تقرير الخبراء- المختلف عليه- الى الارض وفرض الامر الواقع. غير أن د.مرتضى الطاهر استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين قال ل (الرأي العام) ان قادة الحركة وربما من باب المحافظة على اتفاقية نيفاشا التي بدأوا جني ثمارها فضلوا عدم اتهام المؤتمر الوطني بصورة علنية بدعم المسيرية رغم ان الاخير هو المقصود بالاتهامات.