على بُعد بضعة أمتار من برلمان حكومة الجنوب بادي الفخامة بجوبا، أخذت هذه الصورة لهؤلاء الصبية أمام بوابته الرئيسية وهم يحدقون في أوجه الآتين إليه وقتها من الخرطوم لحضور حفل التوقيع على إنشاء السدود بالجنوب، ويحدقون ملياً في الزجاج المظلل لتلك السيارات الفارهة التي أقلت المسؤولين الى مقر البرلمان، في محاولة يائسة منهم لرؤية أحدهم غير آبهين بالغبار الذي يصيب وجوههم الوضيئة، ولكن محاولتهم تلك كانت تنتهي الى لا شئ، كما انتهت آمالهم في التنمية الى تلك النتيجة غير المشرفة لحكومة الجنوب بالاشتراك مع حكومة المركز. يجاور هؤلاء الصبية البرلمان في مسكنهم البائس، ويجدون مشقة كبيرة في مجرد الحصول على جرعة ماء من غير ان يضعوا باغاتهم في صف طويل كتلك التي تنقلها عدسات المصورين من داخل معسكر كلمة. هذا ما كان خارج البرلمان صبيحة السابع والعشرين من اغسطس الماضي، أما داخله فقد كان الرئيس عمر البشير يتحدث عن ان معركة السلام هي أكبر وأخطر من معركة الحرب لأن السلام فيه الاستجابة لتطلعات المواطنين العالية. وقال البشير بعد ان بدأ وكأنه رأى هذه الصورة على الطبيعة «ان من اخطر الأشياء على السلام هي اتساع الفاصل بين تطلعات المواطنين والواقع المعاش وإذا كان الفرق كبيراً سيكون هذا سبباً للتذمر والنقة وربما التمرد وحمل السلاح».