اقل من شهر يفصلنا عن الحدث المهم، الانتخابات الرئاسية الامريكية، وبعد شهر ربما اصبح ولاول مرة فى التاريخ للولايات المتحدةالامريكية رئيسا اسود، ولكن ليس هذا هو المهم وانما مشروع المرشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطى باراك اوباما الذى يحمل عنوان التغيير، هو الذى تشير التقديرات الى انه سيكون مفتاح السر فى معركة الوصول الى البيت الابيض، فمرحلة اوباما المحتملة تأتى على انقاض انهيار مشروع الرئيس الامريكى جورج بوش الذى ودع الادارة الامريكية تحت زلزال اقتصادى سيترك شروخا فى جدار الامبراطوية الامريكية الحديثة، التى مالت شمسها الى الغروب مع انتهاء ولاية بوش الثانية، وعلى مرمى عشرين يوما او يزيد من الانتخابات تتهيأ الظروف جميعها لصالح المرشح الاسود باراك اوباما حيث يقول آخر استطلاعات الرأى العام: ان اوباما واصل تقدمه على المرشح الجمهورى جون ماكين بحصوله على (48%) من الأصوات مقابل (43%) لماكين في إطار الاستطلاع اليومي الذي يجرى بين ناخبين أميركيين في أرجاء الولاياتالمتحدة من المرجح أن يدلوا بأصواتهم في انتخابات الرئاسة. وفارق الخمس نقاط يعد كبير لاسيما وهو يأتى فى وقت حسم فيه اغلب الناخبين توجهاتهم ، الا القلة من المترددين وسوف يسهم نشر هذا الاستطلاع فى ترجيحهم كفة الغالب او الاكثر احتمالا بالفوز، وهذه اول الظروف التى اشرنا اليها بأنها باتت فى صالح اوباما الذى كسب المزيد من أصوات النساء التي تشكل كتلة انتخابية مهمة في انتخابات الرابع من نوفمبر، كما كسب مزيدا من التأييد بين الأميركيين من أصل إسباني وبين الناخبين الشبان، كما يتقدم بفارق عشر نقاط على ماكين بين الناخبين المستقلين. الازمة المالية الدولية التى تعصف بالولاياتالمتحدة هذه الايام هى الاخرى خدمت اوباما من جهة رب ضارة نافعة ، حيث عزز أوباما تقدمه في معظم استطلاعات الرأي في الأسابيع القليلة الماضية بعد أن ركزت أزمة وول ستريت اهتمام الناخبين على الاقتصاد. وتظهر استطلاعات الرأي أن الناخب الأميركي يثق في أوباما أكثر في هذا المجال. الازمة المالية من جهة اخرى ضاعفت من حاجة المواطن الامريكى للتغيير، واشواق الامريكان للتغيير ستجد صداها فى برنامج اوباما الداعى الى التغيير بين ما يطرحه ماكين لا يعدو اكثر من كونه امتداداً لبرنامج الرئيس الامريكى جورج بوش، الذى اوصل الولاياتالمتحدة فى خواتيم ولايته الثانية الى اسوأ ازمة اقتصادية جعلت العديد من مراكز الدراسات تنبئ بنهاية هيمنة الولاياتالمتحدة على العالم الامر الذي ينكره الاميركيون فيما يعتبر بمثابة امر واقع في نظر اعدائها وحلفائها. فالجنود الاميركيون لم يحققوا النصر في العراق او في افغانستان فيما الاقتصاد يواجه احدى اسوأ الازمات منذ العام 1929 والمفهوم الليبرالي بات معرضا للاهتزاز. والإنهيار الامريكى الوشيك بات على كل لسان حتى وزير المال الالماني بير شتاينبروك خلع عنه رداء الدبلوماسية وقالها بصراحة ان الولاياتالمتحدة "ستفقد وضعها كقوة عظمى في النظام المالي العالمي" الذي سيصبح "متعدد الاقطاب".وفي مقالة افتتاحية نشرتها صحيفة ذي اوبزرفر البريطانية اعتبر الخبير السياسي جون غراي "اننا نعيش منعطفا جيوسياسيا تاريخيا يتبدل فيه توازن القوى على وجه الكوكب بلا رجعة. فعصر الهيمنة الاميركية الذي بدأ مع الحرب العالمية الثانية قد ولى". هذا التزامن بين الازمة المالية وتداعياتها والانتخابات من شأنه ان يخدم باراك اوباما ، فى المقابل تلقى المعسكر الجمهورى المنافس لاوباما ضربة قوية امس بعد أن أظهر تقرير نشر أمس أن لجنة للقيم بولاية ألاسكا وجدت أن حاكمة الولاية والمرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس قد أساءت استخدام سلطتها بعزل مفوض السلامة العامة في الولاية. وتتعلق المسألة بقرار اتخذته بالين بفصل مفوض الولاية للسلامة العامة والت مونيجان من منصبه، بعد أن رفض ضغوط زوج بالين بإقالة الشرطي مايكل ووتين الذي كان زوجا لشقيقة بالين وانفصل عنها. وأضاف التقرير الذي أعده ستيف برانشفلاور وهو مدع متقاعد بالولاية كلفه نواب ألاسكا بإجراء هذا التحقيق أن بالين "تجاوزت حد السلطة بانتهاكها المواد (39 و52 و110) من العقد الأخلاقي المتعلق بالسلطة التنفيذية في ألاسكا".وقال التقرير الذي جاء في (263) صفحة إن رفض مونيجان عزل ووتين لم يكن السبب الوحيد لعزل مونيجان ولكن من المرجح أنه كان عاملاً مساعداً.وكانت بالين تخضع لتحقيق برلماني رسمي يعرف باسم "تروبر غيت" أطلق على مستوى الولاية قبل تعيينها مرشحة لمنصب نائب الرئيس إلى جانب ماكين. يشير المراقبون الى أن الظروف باتت فى صالح اوباما رغم تعرضه لهجوم شديد من قبل المعسكر الجمهوري الذى يصفه ب "إرهابي" و "خائن" ، وهى حملة تنم عن كراهية ضد المرشح الاسود، وهى بهذا الاسلوب سوف تزيد من شعبية اوباما بعكس ما خطط له انصار الحزب الجمهوري.