أولا أهنئكم ونفسي بفوز باراك أوباما بكرسي الرئاسة في الولاياتالمتحدة، لأن في ذلك فوزاً للديمقراطية، وتأكيداً بأنها قادرة على تصحيح أخطائها، فنفس الناخبين الذين أتوا بالرجل الكارثة جورج دبليو (؟) بوش، هم الذين قالوا لمرشح حزب بوش: لا يلدغ الناخب من حزب واحد مرتين .. وأهنئ سامي بنيله الحرية .. على مهلك.. شربت كوبا من الشاي مع سامي الحاج قبل دقائق من كتابة هذه السطور،.. سامي الذي نال حريته وانفك أسره «حاجة تانية خالص».. بقي في الأسر ثلاثة أسابيع وانقلبت الدنيا فوق - تحت حتى تم تحريره.. سامي هذا سمكة.. والله العظيم سمكة من فصيلة حوت القرش -ويل شارك whale shark - وقع في شبكة صياد في دبي وانتهى به الأمر في حوض للأسماك في فندق أتلانتيس بجزيرة النخيل الاصطناعية، وهكذا قامت القيامة.. خلال ساعات من وقوع سامي في الأسر كان 8000 شخص قد دشنوا حملة للمطالبة بإطلاق سراحه على موقع فيسبوك على الإنترنت.. وبعد 48 ساعة غرقت كبريات الصحف في أوربا وأمريكا الشمالية في طوفان رسائل الاحتجاج على احتجاز سامي قرقوش هذا وتحركت جمعيات حقوق الأسماك والكلاب والقطط والمطالبين بمنح الضفادع التي تتعرض للاغتصاب حق الإجهاض على نفقة الحكومات.. وبلغ عدد الموقعين على عريضة المدافعين عن سموية السموكة أكثر من ثلاثة ملايين شخص! ثم تداعى مطربون وأطلقوا أغنية «فري سامي».. الحرية لسامي.. وانتشرت الأغنية في جميع أنحاء العالم انتشار الإسهال المائي الولائي الوبائي في السودان، وانتهى الأمر بصدور بيان من وزير البيئة والمياه الأماراتي بمنح سامي الحرية الفندق الذي نزل فيه سامي كانت كلفة إنشائه بليوني دولار.. وبليون أخرى للأثاث.. ولقضاء ليلة واحدة فيه لابد لك من الحصول على قرض ربوي من بنك مهدد بالإفلاس، حتى لا يصبح مصيرك مصير سامي عندما تعجز عن السداد، مع فارق يتمثل في أنك ستسجن في مبنى تم تشييده في عصر مملكة العبدلاب.. وبقي سامي في حوض زجاجي عملاق مكشوف وحوله 56 ألف سمكة أخرى.. هناك ملايين البشر الذين كانوا سيرحبون بالعيش في ذلك الحوض المضاء بمصابيح من النوع المستخدم في أندية الديسكو،.. ومع هذا طالبت الحملة العالمية بمنح سامي حق العيش في مياه الخليج أي خارج الحوض الزجاجي ما يحيرني هو: لماذا لم تطالب أي جهة بتحرير الأسماك الأخرى المقيمة في ذلك الحوض؟ لماذا تعامل سمكة القرش هذه على أنها سامي عجرم ولم يرتفع صوت احتجاج على القرنتية المسكينة التي ضلت طريقها الى عاصمتنا وتعرضت للقتل والأكل مع سبق الإصرار والترصد؟ لماذا يجوز قتل أسماك البلطي بالسواطير على قارعة الطريق وتقوم الدنيا وتقعد لاحتجاز سمكة قرش في حوض ماء؟ هل لأن البلطي أفريقي و»الموت خسارة فيه»؟ هل هي ظاهرة الفاضي الذي يعمل قاضي؟.. ماذا لو قمنا - من باب النكاية و»الكيَّه» - بإنشاء جمعيات تطالب بالحرية لأسماك السالمون والساردين التي تعتبر من أهم صادرات دول الخواجات؟ لماذا يتم سجنها في علب صغيرة بعد قتلها؟ هل النظام العالمي الجديد بصدد تعيين أوكامبو آخر يوكل إليه ملف ملاحقة المتهمين بتعريض أسماك من نوع معين للإبادة؟ سامي الحاج كان مسجونا في قفص حديدي لأكثر من ست سنوات ولكن عدد الأوربيين والأمريكان الذين طالبوا بتحريره طوال تلك المدة أقل من عدد الأسماك المحتجزة في فندق اتلانتيس في دبي! أتذكرون الأغنية الدكاكينية القديمة «يا بنات المدرسة».. هل من شاعر يصوغ لنا شيئا من قبيل: أبقى سمكة في حوض دبي/ والخواجة يقول: ووب علي؟؟؟