فجعت الأمة برحيل السيد أحمد الميرغني احد الركائز القومية والرموز الوطنية للبلاد شهد له الجميع بوطنيته وعفة لسانه ولم يتأخر لحظة عن نداء وطن وواجب مرحلة. الموت استدعاء ملزم ورحلة لا سبيل لتخلف عنها لا تستثني احداً في ترتيب زمني دقيق وتاريخ لا يخطيء تقديماً أو تأخيراً يأخذ في حلوله الاصاغر والاكابر. الموت محطة مراجعة وتقديم وموقف عظة وعبرة وكفى بالموت واعظاً فالسلوك الانساني والمواقف المختلفة التي تصدر عن الانسان لن تمر مرور الكرام ويطويها النسيان بل محفوظة مصونة عند رقيب وعتيد يشهد عليها معارف من هو على آلة حدباء محمول. ألسنة الخلق اقلام الحق وجبت وجبت. مستريح أو مستراح منه حتى الشجر والحجر يستريح من الكافر بينما يستريح المؤمن عند موته يستسرع حملة نعشه قدموني قدموني لما يرى من كرامة موعودة ونعيم منتظر. ومن داخل فاجعة رحيل السيد أحمد الميرغني تتفتق من داخله فرحة وصول السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الختمية والحزب الاتحادي الديمقراطي الذي طالت غربته وشغر فارغاً مقعده ومجلسه وهي عودة كان الجميع يتمناها في غير هذا الوقت وغير هذا الموقف. السودان بحاجة لكل جهد وطني مخلص ولكل رمز وطني غيور يدفع المسيرة ويصوب المسار والبلاد بحاجة الى كل عاقل رزين متأنٍ حصيف ولطالما افتقد منبر الحكمة وجود الزعيم الميرغني في السودان بين أهله وعشيرته وأبناء وطنه وكم سيكون العطاء ثراً والتواصل سريعاً نافذاً والتفاعل لا يستلزم وفوداً وترحالاً حال وجود السيد الميرغني وبقائه في السودان. مضى السيد أحمد الميرغني وعاد السيد محمد عثمان الميرغني في تزامن اختلطت فيهما وبهما المشاعر وسيخفف كثيراً من وقع المصاب عودة الميرغني النهائية يملأ فراغ الرحيل ويعوض غياب السنين ويجدد ما بلي ويرمم ما تصدع من جدر الحزب ويجمع شمل ما تشتت. مضى السيد أحمد الميرغني ومضى قبله من مضى وسيلحق بهم كل من يستكمل مكتوباته في الازل. فلنقدم ما ينفعنا عند اللقاء ولنخلف ذكرى عطرة تستنزل دعاء رحمة ومغفرة فهلا اجمع شمل اهل البلاد تنادياً الى كلمة سواء وتعاطياً سياسياً معافيً يدرك عاقبة الممارسة وينأي عن الكيد السياسي ويتقى الله في المسؤولية والمنصب يدرك انها غداً مساءلة ومحاسبة فلا يذهب فريق السلطة بمعايير الصدق وموازين الحق ولا يمنع تأخر مقعد المعارض من إقرار بحق وتسليم بعدل. العزاء موصول لآل الميرغني وجماهير الحزب الاتحادي الديمقراطي خاصة وللشعب السوداني عامة الذي توحده المصائب وتجمعه المهددات ويتجلى معدنه اصيلاً براقاً متميزاً. لقد اعلنت كينيا يوم فوز باراك اوباما عيداً وطنياً وخرج الافارقة في أكثر من دولة ومدينة يرقصون فرحاً بفوز حفيدهم برئاسة اعظم دولة.. وكم كان موفقاً لو ألغيت جلسة المجلس الوطني يوم وصول الجثمان والتشييع للمشاركة في تلك المراسم تكريماً لرئيس سابق بدلاً من إلغائها لعدم اكتمال النصاب رغم التخريج اللبق الذي دفع به نائب رئيس المجلس الوطني اتيم قرنق.