شرطة المرور في بلادنا تقوم بدور كبير وعظيم وفي ظروف قد لا تواجه شرطة مرور أخرى في العالم، فالسودان اصبح مستودعاً لكل نفايات عربات العالم واكتظ ب «الهكر» منها، وتقول احصائية ان البلاد تستقبل عربة جديدة بمعدل كل نصف ساعة تقريباً، وهذا مع قلة الطرق المعبدة وضيقها وإنعدام الثقافة المرورية وسواقين أي كلام ولا مبالاة من الراجلين.. كل هذا يضاعف العبء على هذه الشرطة خاصة داخل العاصمة حيث ثلث سكان السودان وثلاثة أرباع عربات السودان و«09%» من قروش السودان بهذه العاصمة. فهذه الشرطة تستحق وسام الجدارة من الدرجة الأولى «كان ختت الكلام البقولوه فيها» وهو واضح ومعروف ويتمثل في تربصها بالسائقين من أجل الغرامات ذات الفئات العالية والتي لهم فيها حق معلوم، ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم. السيد مدير عام الشرطة قال ان «57%» ثلاثة ارباع عربات السودان غير مرخصة ولعل هذا يفسر الحملات التي تقوم بها الشرطة في الطرقات الرئيسية والجانبية والمنحنيات لاصطياد غير المرخصين ومن واجب الشرطة ان تقوم بكل ما يكافح الفوضى ويعرض حياة الناس للخطر ولكن، وآهٍ من لكن هذه فبدلاً من معالجة الاعراض كان ينبغى ان يُذهب إلى اصل الداء وهنا يجب ان نسأل: لماذا لم يرخص ذلك الكم الهائل من العربات؟؟ الاجابة في نظري واضحة وهي ارتفاع تكلفة الترخيص وعقم إجراءاتها! فلغة الارقام وهي أصدق لغة تقول ان تكلفة ترخيص العربة الخاصة تفوق الخمسمائة ألف، فاستمارة الترخيص أي ما يسمى بالفحص الآلي وهو ليس كذلك ورسومه تبلغ اربعة وستيناً ورسوم الترخيص تبلغ مائتين وثمانية وتسعين، ودعم الشرطة خمسة وثلاثين والتأمين الاجباري مائة وخمسة عشر جنيهاً. اما إذا كانت السيارة جديدة أو اورنيك جمارك والتأمين شاملاً فإن المبلغ سوف يتضاعف اضعافاً مضاعفة، والحد الادنى لترخيص البوكس يفوق مبلغ الخاصة أما العربات الكبيرة فحدث ولا حرج علماً بأن الترخيص سنوي ولو تجاوز السنة يوماً واحداً سوف يرى صاحب السيارة نجوم النهار.. وهنا يجب ان نتساءل كيف حسبت تكلفة الترخيص؟ أليست كل الشغلانة اثبات صلاحية؟؟ كم تخسر الجهات المسؤولة لزوم القيام بهذه العملية؟؟ كم الدخل الذي تدخله هذه السيارة لكي تدفع هذه المبالغ؟؟ اقسم لي أحد اصحاب الروزات بأن صافي دخله لاكثر من شهر لا يفي تكلفة الترخيص هذا غير الغرامات الأخرى وانه متمسك بروزته لعدم وجود البديل وهو يأكل من اهلاكها وليس من دخلها فبعد كم سنة سوف تتحول إلى «هكرة» ويبقى هو أكثر من فقير. حتى الشركات الكبيرة التي تعثرت ودخل اصحابها السجون ارجعوا تعثرهم جزئياً للجبايات والرسوم والغرامات المرورية. ماذا لو خفضت الجهات المسؤولة رسوم وتكاليف الترخيص إلى الرُبع أو حتى الخمس فلو كانت تكلفة ترخيص العربة الخاصة مائة ألف مثلاً فسوف ترخص كل العربات وسوف تدخل على الخزينة العامة أموال اكثر من التي تدخل الآن وسوف تنتهي الحملات المرورية وتكاليفها وسوف يهتم الناس بتجهيز سيارتهم ويكملوا كل ادوات السلامة، وإذا انتشرت مراكز الترخيص سوف تكثر الايدي العاملة وتزداد حوافز الشرطة نفسها ولن تحتاج إلى النسبة التي تعود عليها من الغرامات.. فإذاً يا جماعة الخير الشغلانة واضحة فالتكلفة المعقولة سوف تنهي مظاهر الفوضى وترحم البلاد والعباد وتبعد كافة الاضرار الاقتصادية والامنية والاجتماعية والاخلاقية ولكن.. افتكر ما في داعي.