تمددت القرية في الوعي غطت الغابات والارض والدساكر وراء التلال والمخدرات واقبلت وحوش الشتاء الكاسرة تعوي بشراسة في ظلمة الليل المتطاول وقد هدها الجوع في الارض العجفاء هناك في الباحات يتقطر الندى المتجمد وعلى الدرب شخير جياد تنطلق كانت مصابيح في عتبات البيوت تبسط نورها كبومة تسترق النظر من وراء الاغصان، كانت ترقب خلف الشباك وكأن الغابة السكري تقوم بدور الحراسة والناس يرتعدون خوفاً من قوى الشر الماكرة نراها في كل مكان، في مكمن الساحرات حيث جلت الحلكة وتستبدل جدائل شجيرات الحور لكني يا وطني الوديع.. احبك فلماذا؟ لا ادري.. ولكني احب سعادتك افراحك الحلوة اغانياتك الجميلة البديعة اذا ما حل على روابيك الربيع اتني احب سماع طنين البعوض.. وصوت ابتهاج الشباب يصيحون على خضر الربا لتأتي الصبايا ويتحلق الجميع حول شعاليل المساء للرقص والمرح حيث الوجوه السمر مثل التوت البري اذا لجأت العيون الحور الى ظلال الحواجب آه لك يا وطني الغالي ويا روسيا الحبيبة يا للسعادة نعيش في مرح وحبور نعقت بك الغربان السود منذرة بالبلاد والمصائب.. وكان الافق حالكاً تتمايس الاشجار في كل اتجاه وتنحني تبدو البحيرة عندما تعلوها الرغوة الكثة كالكفن الرعد يقصف ويتحطم الكاس المترع يمزق الغيم الملبد وبسرعة قصوى وفي الاقراط تهتز المصابيح المذهبة الجميلة اني لاسمع خلف تلك النافذة اصوات دعوات تنطلق وكان جنود مدعويين.. دعوة احتياط كيما يكونوا بارض المعركة.. معركة الوطن اصوات نسوة هدهن الوهن يبكين الجنود بصمت لا حزن ولا شكوى ولا دمع غزير ساروا وقد ملأوا الحقائب بالفتات ورموا على مناكبهم .. ثم ابتعدوا ساروا جميعاً نحو تلة نائية وخلفهم يغني الشعب اهزوجة ها هم جنوك قد بروا بوعدهم ها هم رجال القرية المذعورة تلوح طلعاتهم على البعد وما عاد للقرية احدهم بالبشارة فهل طحنتهم الحرب الضروس وسقطوا شهداء..؟