لو نظر الناس إلى المرايا فظهرت أقفيتهم عوضاً عن وجوههم! لو خرج رهط من الناس بلا ملابس وأخذوا يرقصون في الشوارع!! لو أصبحت ترى مواطناً يتبخر ويصفر.. أو مواطنة تشع ثم تختفي!!! لو.. لو.. لما اندهش الناس ولهزوا اكتافهم وهتفوا «نحن مالنا»!! جريمة بشعة.. تتلوها جريمة أبشع.. تمر، يتأسف الناس يلعنون الزمان ويمارسون فضيلة النسيان.. ربما السبب نشرات الأخبار في القنوات.. والدوار والموت.. الحروب «الشمطاء».. والسيول.. والكوارث.. أصبحت البشاعة هي القاعدة تمر الجريمة.. ولا نستطيع ان نحلل فالقضية تكون قيد التحقيق والكلام يؤثر على سير العدالة.. ثم تخفت حدة سخط الرأي العام.. وتتقاضى عن الحديث لذكر محاسن الموتى أو لعدم نكأ جراح الأسر المكلومة.. فتمر الجريمة ولا تخضع لدراسات.. لا علماء النفس بحثوا وشرحوا الخلل.. ولا علماء الاجتماع اخضعوا الحالة للدراسة.. ولا علماء الدين تمكنوا من فتوى واعظة زاجرة.. لأن جريمة جديدة أكثر بشاعة تحدث.. تغتصب طفلة أكبر من ديمتها بشبر.. نثور.. يزار الرأي العام.. يعجل بالقضية يشفى الناس غليلهم بإعدام المجرم.. وتصف الجريمة بالدخيلة على مجتمعنا.. ونعلقها على أقرب شماعة الفضائيات.. الانترنت.. بعد عدة أشهر تغتصب طفلة أخرى بذات المواصفات وبذات السيناريو.. نطالب بالقصاص العادل.. ونكتب القصائد عن الضحية البرىئة ونؤلف الأغاني.. وفي ذات اللحظة التي تغنى فيها الأغنية في مكان ما ترتكب جريمة أغتصاب طفلة أخرى. تنهار عرى الأبوة والبنوة.. وأصبح العقوق أخف عطاء الابناء للآباء قول أفٍ.. ونهرهما.. وبدلاً من أن نطلب لهما من الله الرحمة.. أصبحنا لا نرحمهما.. أصبحت خطايا بسيطة أمام ما يحدث من بشاعة. أذكر أنني قرأت لأصدقائي أبيات «فرعان بن الأعرف» ومع إنه كان من الشعراء اللصوص حسبما وصفه «هادي العلوي» في مؤلفه منتحبات من شعر الهجاء العربي الابيات عن الولد العاق.. فأدمعت عيون بعضهم على عقوق الولد لمجرد إنه اعتدي على والده بالضرب ورغم سيرة الأب.. غير العطرة.. جُزت رحم بيني وبين مُنازل جزاء كما يستنزف الديَّن طالبهُ ربيته حتى إذا آخي شيظماً يكاد يساوي غارب الفحل غاربه فلما رأني أبصر الشخص اشخصاً قريباً وذا الشخص البعيد أقاربه تغمد حقي ظالماص ولوى يدي.. لوى يده الله الذي هو غالبه وكان له عندي إذا جاع أو بكى من الزاد أحلى زادنا وأطايبه أإن أرعشت كفا ابيك وأصبحت يداك يدي ليثٍ فإنك ضاربه وواضح إن معنى «ربيته حتى إذا آخى شيظماً» تعنى إنه أصبح «مدعولاً»..! فما بالك بتصفية الوالد جسدياً.. وبغُل.. وبحدق.. أيضاً درجنا علي رمي ذلك على شماعة المخدرات وحسب.. مع ان المدمنين كثر ولا يفعلون ذلك بما يجعلنا نزعم بأنه ولو كانت المخدرات سبباً فهي سبب في التعجيل بالفعل الإجرامي.. الكامن في العقل الباطن.. أو إنها كثفت الإحساس بالغبن.. فزينت الانتقام ببشاعة.. وحقاً إن الفعل الاجرامي بهذه القسوة لا يمكن ان ينسب إلا إلى غياب العقل والوجدان والضمير.. صحيح الجريمة البشعة أصبحت ديدن العالم من حولنا.. فلنسمع عن ألمانية سددت لزوجها اكثر من مائة طعنة.. وكانت تعد الطعنات ربما بتلذذ.. ونسمع عن مصري اغتال كل أفراد أسرته من الصغير وحتى الكبير بمنتهى البساطة.. لكن هذا ينبغي أن يحفزنا لندرس هذه الجرائم.. وندرس حالة القاتل لأنه في ذات الوقت ضحية.. اللهم أعصمنا من ان نردد أبيات «إبراهيم بن هرمه» ليت السباع لنا كانت مجاورة وإننا لا نرى ممن نرى أحدا إن السباع لتهدأ عن فرائسها والناس ليس بها شرهم أبدا