الباشمهندس الطيب مصطفى.. رئيس منبر السلام العادل.. وناشر مدير عام صحيفة «الإنتباهة».. أحد العناصر الصلبة المتمسّكة بقناعتها.. ويتميّز بمصداقية مُدهشة وشجاعة لا تجدها إلاّ في الفرسان. الطيب مصطفى.. تتفق معه أو تختلف.. فهو نوعٌ نادرٌ من الرجال القابضين على جمر المبادئ بقوة. وللطيب تَاريخٌ حَافلٌ في الجهاد.. فقبل الإنقاذ.. كان الطيب يشغل وظيفة كبيرة.. وذات مرتّب وامتيازات يسيل لها اللعاب.. ظل يبشّر بقناعاته وبمبادئه وينشرها في إحدى الصحف التي كانت تصدر في البلد الخليجي الثري بالنفط وبالأموال.. وبعد اندلاع ثورة الإنقاذ.. ظَل يواصل الكتابة عن قناعاته.. وكان يكتب بأسماء مستعارة.. لأن من شروط وظيفته الكبيرة.. أن لا يمارس أي عمل آخر. فصل الطيب مصطفى.. وعاد فوراً للوطن.. رغم محاولات بعض المسؤولين في تلك الدولة منعه من ذلك بإلغاء قرار الفصل.. ولكنه جاء الى وطنه.. وعمل في الوظيفة العامة.. عمل مديراً ل (سونا) ومديراً للتلفزيون.. وما زال العاملون في التلفزيون وفي «سونا»، يتحدّثون عن إنجازاته في تطوير العمل بأجهزة حديثة ومتطورة ودعمه للعاملين بشكل لم يروه من قبل. ثم أصبح وزيراً للدولة بوزارة الإعلام وبعد فترة قصيرة قدّم استقالة تعتبر درساً لكل العاملين الصادقين في الدولة.. إذ أكّد فيها.. بأنّ وظيفة وزير الدولة.. أياً كان موقعه بلا صلاحيات واضحة.. وبلا مسؤوليات مُحدّدة.. إما أن ينازع الوزير في سلطاته وإمّا أن يهمش الوكيل.. لذلك قال لا أرى داعياً لأن أبقى في هذه الوظيفة الهلامية. وقد رسخ الطيب مصطفى أدباً جديداً في الاستقالة.. وفي نظافة الكف.. انظروا كم شخصاً يجلس على كرسي ولا يقدّم شيئاً وهمه أن يقبض راتبه.. وامتيازاته كاملة. الطيب مصطفى.. اختلف معه في كثيرٍ من مواقفه.. ولكنني معه في كثيرٍ منها وعلى الأقل من مبدأ «أنصر أخاك ظالماً ومظلوماً». ولكنني هنا.. أود أن أضيف شيئاً جديداً على نصرة الأخ وهو الوقوف بشدة والشجب الكامل لوسائل التهديد كافة التي تعرض لها الطيب مصطفى أخيراً.. بتهديده بالقتل.. يا اخوان حَاربوا الرجل في أفكاره.. ناقشوه.. ألسنا نسعى جميعاً للديمقراطية.. وأليست الديمقراطية أن تحترم الرأي الآخر مهما كانت درجة خلافه معه.. وأوجّه بهذا الى دعاة التحوّل الديمقراطي.. ما هو موقفهم من التهديد بقتل الطيب مصطفى.. هل لأنّه ضد الحركة الشعبية.. وهل لأنّه مع انفصال الجنوب. إذا كان كذلك فهناك كثيرون ضد المؤتمر الوطني وضد الحكومة.. ومع انفصال الجنوب.. فلماذا حلالٌ على هؤلاء وحرامٌ على الطيب مصطفى؟ الأمر المحزن حَقاً.. هو صمت اتحاد الصحافيين وعدم استنكاره لهذا التهديد لصحافي سوداني هم مسؤولون عنه.. حتى إن لم يكن عضواً في اتحاد الصحافيين.. والسؤال مطروح لصديقي الدكتور تيتاوي وللأستاذ الفاتح السيد ولكل قيادة الاتحاد.. وسؤال آخر للصحافيين المختلفين مع الطيب مصطفى والمتفقين معه. لماذا هذا الصمت؟ نحن ضد تهديد أي صحفي أو كاتب بالقتل مهما كانت قناعاته.. وأهدافه.. ومواقفه.. لأن احترام الرأي الآخر أمرٌ يجب أن يكون مقدساً. ولمعلومية الذين هددوا الطيب مصطفى أقول لهم.. إنّه رجل لا يخاف التهديد ولا يهاب الموت.. فهو مجاهد قوي الشكيمة والإرادة ولا يخاف في قول الحق لومة لائم. إنّه أسلوبٌ جبانٌ.. قارعوه الحجة بالحجة.. اهزموا قناعاته التي لا تنسجم مع قناعاتكم بالمنطق وبالحوار، أما سياسة التهديد.. فهذا أسلوب عفا عنه الدهر. ونحن لا نقبل كذلك التهديد بالقتل لباقان اموم أو عرمان أو أي سياسي آخر ما دام ارتضينا بتحقيق التحول الديمقراطي.. لأنّ التهديد بالقتل لشخص تختلف معه أمر غير مقبول ولا يوجد انسان يتفق معه كل الناس وكذلك لا يوجد شخصٌ يختلف معه كل الناس. وأقول لاتحاد الصحافيين أخرج عن صمتك وقل كلمة واحدة.. إمّا مع حرية الرأي والرأي الآخر وإما ضدها. والغريب في الأمر أنّ كل الجهات المعنية بالأمر صمتت وآمل أن يكون في الصمت كلام.