«النايراتْ خدودِنْ نور جبينِنْ هلا .... ما بين تِبْرِ ناصع وأخدراني اللون .....» ..... رُبَّما حاول الشَّاعر هنا أنْ يوازنَ شيئاً ما بين لونينِ يتقاسمانِِ بَهاءَ حسناواتِ بلادي، وهما: الصُفرة وما يندرج تحتها مِنْ تقاسيم لونية ومُسمَّياتٍ مِثل: بيضاء أو قمحيَّة أو لونها فاتح أو ..... إلى آخِرِ «الحُمرة الأباها المهدي ...!!!» والخُضرة وانزياجتِها الممتدة مِنْ الخُضرة الدُقاقة والسُّمرة والزُرقة والسَّواد «لونُ السِّحرِ والغموض وال ......» أو كما قال صاحب «موسم الهجرة ......» وأجمِلْ به مِنْ قائلٍ جميل ....... فلماذا إذنْ لم تحاول قنوات السودان التلفزيونية أن تتَّبِعَ خُطا هكذا توازن وهي تختارُ مذيعاتِها الحسنَاوات ...؟! يطلُعنَ عليك مِنْ الشاشاتِ البلَّورياتِ بتِبْرِهنَّ السَّاطعِ، فيساورُك شكٌّ عظيم: ياربي دي قناة ال .... / ال .....، ولا ال (LBC) وال (Future) أو ..... في إنحيازٍ سافِرٍ «وناصِعٍ أيضاً» للصُفرةِ التِبْرِيَّةِ أم التِبْرِيَّةِ الصفراء، لا أدري ... فتتساءل وقلبُك في يدِك: أين توارى الجيش العرمرم مِنْ الخضراوات / السَّمراوات / الزرقاوات / السَّوداوات .... هل أصبح لونُ البشرةِ غير السَّمراء هو معيارُ الجمالِ لِمِنْ يختار حِسانَ قنواتنا التلفزيونية ....؟! ألهذا إذنْ تتبارى البناتُ والبُنيَّاتُ في إقتناءِ مُفتِّحاتِ اللونِ ومُبيِّضاتِه .....؟! وماله السَّمارُ والسَّوادُ حتى تفِرَّ منه البناتُ والبُنيَّاتُ وكأنه سُبَّة أو عيب أو نقيصة أو جَرَب ....؟! أما بلغ مسمع هؤلاء الهارباتِ إلى التَّفتَُحِ والتَّبيُّضِ غناءُ المُغنّين وأشعارُ الشعراء وهم يتغزَّلونَ في السُّمرةِ والسَّمرَاوات: «أسمر جميل عاجبني لونو ......» «أسمر جميل فتَّان .....» «الليلة يا سمرا..... يا سمارة الليلة يا سمرا....» «يا أسمراني..... حرام تنساني.....» «ما تخافي الله معاك..... كل الملايكة سُمُرْ» والكثير الكثير الكثير......... كانَ صديقي الراحل الأديب «معتصم الفاضل جلابي» يسخرُ مِنْ قول الشَّاعر والمُغنِّي: «الخدود الشاربةْ مِن لون الشفق عند المغارب» ويقول مُعلِّقاً: دا جمال مُستعار، لأنو ما ممكن واحدة لونها أسود أو أسمرويكونو خدودها شاربة من لون الشفق عند المغارب .....!!!! مثلما كانَ يستهجن «إعتذار» الشَّاعر والمُغنِّي: ألأنَ السَّوادَ يغمُرني ......؟! فيقول: ومالو السَّواد كان غمَرك ولا طمَرك ......؟!!!!! ولا يحلو مديحُ السَّواد والسُّمرة إلا باتكاءةٍ ما على بعض ما كتبه الصحفي العراقي «خالد القشطيني» في جريدة «الشرق الأوسط» في يناير 2006 م: «وجه الفتاة السودانية اشبه بصورة رسمها فنان من نوع ديور او دافنشي. الشفتان محددتان مرسومتان بقدرة الخالق. المرأة الاوروبية تحتاج لقلم الشفايف لتحدد وترسم شفتيها. لا حاجة للمرأة السودانية لمثل هذا القلم. وحيث اجدها وقد شدت الحجاب على شعرها، تعود لمخيلتي لوحة فرمير عن الفتاة ذات اللؤلؤة. وبين الحجاب وامامه توجد هذه اللؤلؤة السوداء المتمثلة بالوجه الصغير الناعم البشرة الدقيق العوالم والساحر النظرات. الفتاة السودانية بطولها الممشوق وجسمها النحيف تعطي المثال الذي يصبو اليه دهاقنة الازياء والموضة في عرض انتاجهم. وبوجهها المرسوم المحتشم تعطي بديلا لهذه النماذج المبتذلة من مذيعات التلفزيون ونجومه. انها تعطي عالماً جديداً من القيم الجمالية تخرج عن دنيا الجمال المصطنع بالبودرة والحمرة وقلم الماسكارا. وامامها لا يملك المتذوق للجمال غير ان يعيد النظر في مقاييسه الاستاطيقية ويشعر بهذا الانقلاب نحو فهم واستيعاب الشعار الشائع اخيرا على مستوى العالم (Black is Beautiful). فتأملنَّ يا سوداوات وسمراوات بلادي هذا الإحتفاء الجميل بالسَّوادِ والسُّمرة .....!!!!!! وتأملنَّ كذا الجوهرة السوداء، بنت «واو» الدينكاوية الحسناء العارضة «أليك ويك»، ومثلها الجاميكية السوداء «ناوومي كامبل»، وقلن لي ألا تتمنى جمالهن كل صبيَّة في هذا الكون الفسيح .....؟! وأقرأنَ إنْ شئتنَ ما كتبه «الجاحظ» في رسالته المسمَّاةِ «كتاب فخر السُّودان على البيضان»: أكرمُ العِطرِ المِسْكُ والعنبر، وهما أسودان .....». ومحبَّةً لغيرِ السَّمراواتِ، ولهنَّ العُتبى حتى يرضين، فليست كتابتي هذي ضدهنَّ، سوى أنَّه يحزُّ في النفس هذا الإندياح غير الأسمر وهذي القسمة الضيزى المنحازة هكذا لوجه الصفرة والإصفرار ...... وآخِرُ مديحي: يا سمراءْ عينيكِ الصَّباحْ والليلْ جسَدْ كلَّ القصايد اللابسةْ ضيِّكْ شان تِنوِّرْ بيكِ صاح حتَّى الوشاح بتضارى مِن عاتقِكْ يميل بيهو إنشراح ما تسافري في اللون البِشاكِس سُمرتِكْ الليل جميل وقتين تنوم في خاطرو رِقَّةْ عتمَتو وغُنا البليل ما الليل رباح......... بُرَّي - الخرطوم في الأربعاء 8 يوليو 2009 م