كادت رحلة الرئيس الأمريكي جورج بوش تنتهي لكثير من دول الخليج العربي، وهي رحلة اعتاد ان يقوم بها قبيل الانتخابات الأمريكية. هذه المرة.. بجانب حملته لتمويل الانتخابات الأمريكية كان موضوع النووي الإيراني همه الشاغل. واللافت للنظر أن الرئيس الأمريكي قد استثنى دولة قطر من خارطة زيارته لدول الخليج. وذلك رغم العلاقات القوية التي تربط بين واشنطنوالدوحة.. وسبب الاستثناء أن دولة قطر هي الدولة الخليجية التي قالت لا للحرب مع إيران، وكذلك دولة الإمارات. قطر.. استقبلت الرئيس أحمدي نجاد في القمة الأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجي الأمر الذي أصاب بوش وأركان حربه بنوع من الجنون. وبالرغم من العلاقة القوية التي تربط الولاياتالمتحدةالأمريكية بدولة إيران الاسلامية في موضوع العراق، إلا أنها فشلت تماماً في استيعاب المشروع النووي الإيراني السلمي.. وهذا حق من حقوق إيران وأية دولة في العالم. والموقف القطري واضح جداً في هذا الأمر.. إن الحرب إذ بدأت بين أمريكا وإيران.. فإن إيران بقدراتها العسكرية العالية وبجيشها الكبير يمكنها أن تمتص الضربة.. لكن.. سوف تصاب كل دول الخليج العربي في مقتل وتضيع في لحظات. الرئيس بوش وإدارته يهولون من قدرات إيران حتى تصاب دول الخليج برعب شديد.. وتعتقد أن أمريكا هي الوحيدة التي تحميها أو تطرد فكرة الهجوم العسكري على إيران من أجندتها العسكرية. ودولة الإمارات العربية المتحدة التي تشهد نهضة عمرانية وصناعية ضخمة مثل قطر ولها ثلاث جزر محتلة.. إلا أنها تقف ضد أي هجوم عسكري أمريكي على إيران لأن الحرب ليست في مصلحتها بل ستدمر المنطقة كلها.. وما زالت تطالب باستعادة جزرها من إيران وبالوسائل والقنوات الدولية كافة. ولو كانت إيران جادة في بناء علاقات متينة من الناحية الاقتصادية والسياسية ووفق البرنامج الذي طرحه الرئىس أحمدي نجاد في قمة دول مجلس التعاون الأخيرة بالدوحة لأعاد بقرار واحد جزر الإماراتالمتحدة التي تحتلها إيران منذ فترة طويلة. لقد استطاعت إيران ان تجبر بوش وإدارته على التعاون معها في العراق لأنها تمتلك «ورقة» قوية يمكن استغلالها لتكبيد القوات الأمريكية في العراق اكبر الخسائر.. بل من شأن إيران وقدرتها في العراق أن تجعل القوات الأمريكية تهرب منهزمة ومنكسرة بسبب الخسائر التي يمكن ان تسببها لها. وأمريكا تتعامل بغدر كبير.. فهي تريد أن تأتي لإيران من جهة ثانية بضربة عسكرية مفاجئة.. تجعلها تفقد قدراتها النووية المتنامية.. وبذلك تشل قدرتها العسكرية واللوجستية في العراق وبذلك يعتقد بوش ان قواته سوف تسلم من القوات الايرانية والمليشيات الموالية لها في العراق. زيارة بوش لدول الخليج العربي ستنجح من ناحية تمويل هذه الدول للإنتخابات الأمريكية.. وسيأتي غداً قادة الحزب الديمقراطي الأمريكي ليطالب هذه الدول بالمساهمة في دعم حملته الانتخابية.. ولأننا كعرب نتعامل دائماً بسخاء مع من يطلب الدعم.. خاصة ان الحزب الديمقراطي مرشح قوي للفوز في الانتخابات الأمريكية، ويريد لدول الخليج ان تقدم السبت ليقدم لها الأحد. لقد أثرت قيادات في الحزب الجمهوري والقيادة الأمريكية بواسطة الشركات التي يديرونها من بترول العراق منذ احتلاله وحتى الآن، كما أن هذه القيادات قد أثرت كثيراً من صفقات الأسلحة الضخمة التي وقعتها أخيراً مع عدد من دول الخليج.. كل هذا من شأنه ان تصب أموالاً للحملة الانتخابية.. لكن الابتزاز الأمريكي للعرب لا حدود له. لم نستغرب من الموقف القوي لدولة قطر لأننا نعرف ان القيادة القطرية تتسم بالحكمة والعقلانية في قراراتها وفي مواقفها.. لقد استطاعت القيادة القطرية ان تنهض ببلادها وبشعبها نهوضاً لافتاً للغاية، وقد وجدت الدوحة في زيارتي الأخيرة قبل شهر ويزيد ليست هي الدوحة التي زرتها قبل خمس سنوات عاصمة أوروبية متقدمة في قلب صحراء الخليج.. نهضة عمرانية مدهشة.. اقتصاد قوي.. بنيات تحتية متكاملة.. نهضة صناعية لافتة، والإنسان القطري قد تغير كثيراً وتجاوز هذه النهضة في التعامل معها.. وأجمل ما في هذا الإنسان قدرته الفائقة على استيعاب التطورات التي تتم حوله. التحية لدولة قطر أميراً ورئيساً للوزراء وشعباً.. لقوله لا لأمريكا في حربها المرتقبة ضد إيران.. ومن يقول لا لأمريكا بحق هذه الأيام يستحق أرفع الأوسمة.. لذلك استحقت دولة قطر أرفع الأوسمة. والله الموفق وهو المستعان. \