ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي: للمرأة أن تشترط على الزوج أن تتعلم وتعمل
أكد على تغير الفتوى بتغير المعلومات والقدرات
نشر في الرأي العام يوم 14 - 09 - 2009

أكد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن المفتي إذا ما تغيرت معلوماته عن الواقع أو معلوماته الشرعية وجب عليه النزول على ذلك وتغير فتواه، موضحًا أنه أخذ بذلك في فتواه بأن المسلم يرث الكافر، وأن للمرأة التي أسلمت أن تبقى مع زوجها غير المسلم. وأشار القرضاوي إلى أن تغير حاجات الناس يعد سببًا لتغير الفتوى، فبعض الأشياء الكمالية في بلد ما قد تكون ضرروية في بلد آخر، مشيرًا إلى أن التعليم مثلاً أصبح نظاميًا وبات من الواجب على الأب أن يعلم أولاده، كذلك فإن تزايد أعداد الحجيج أوجب التيسير عليهم. تغير القدرات كما أوضح القرضاوي هو كذلك من أسباب تغير الفتوى، فتقدم الطب والدواء جعله ينقل التداوي من المباحات، كما هو رأي الجمهور، إلى دائرة الواجبات، مؤكدًا أن الإنسان يأثم إذا علم أن هناك دواءً مجربًا ولم يتداو به. جاء ذلك خلال حلقة الأمس من برنامج «فقه الحياة» الذي يستضيف العلامة القرضاوي طوال شهر رمضان على قناة «أنا» الفضائية (تردد 12226 أفقي نايل سات) ويقدمه أكرم كساب، والتي تناولت موجبات تغير الفتوى في عصرنا الحديث. -------- ** المفتي قد يكون في بلد عربي والمستفتي قد يكون في بلد أوربي أو في أمريكا مثلاً، فهل يتعين عليه فعلاً أن يسأل عن العرف والعادات؟ بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا، وأسوتنا، وحبيبنا، ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصبحه ومن اتبع هداه، وبعد.. تغير الفتوى بتغير العرف هو من الأمور التي ألف فيها المؤلفون ونبه عليه العلماء المحققون ومنهم العلامة المالكي المصري، الإمام شهاب الدين القرافي في كتابه «الفروق» وفي كتابه «الإحكام لتمييز الفتاوى من الأحكام»، حيث قال في إجابة السؤال التاسع والثلاثين من كتابه: إن على المفتي أن يراعي تغير العادات والأعراف، وأن «ما تغير من العرف فاعتبره وما سقط فأسقطه»، وأوضح كذلك «أن على المفتي أن يسأل من يستفتيه عن عرف بلده، ولا يفتيه بعرفه هو، فإنه بذلك قد يقع في أخطاء كثيرة»، وقال: «يحظر على المفتي أن يجمد على المستور في الكتب أبد الدهر، فإن هذا ضلالة في الدين، وخلاف إجماع المسلمين». وإذا كان المفتي مفتيًا حقًّا، فلابد أن يعرف الواقع كما يعرف الواجب، أو كما قال الإمام ابن القيم يزاوج بين الواجب والواقع، والإمام أحمد ذكر خمس خصال لمن يفتي الناس، وذكر من هذه الخصال معرفة الناس، ومن معرفة الناس أن يعرف عاداتهم وأعرافهم، وما يجري بينهم، وإذا كان لا يعرف ذلك فلا يتعرض للفتوى. وإذا سأله شخص من أمريكا وهو لا يعرف كيف يعيش الناس في أمريكا، فهنا يجب أن يسأله: كيف تتعاملون، كيف تفعلون ذلك، ولا يفتيه بما يفتي الناس، وأنا عندما يسألني شخص من الصعيد، أقول: أعراف الصعيد غير أعراف القاهرة، وغير أعراف الوجه البحري، وكلاهما في قطر واحد، إذن لابد للمفتي أن يتحرى ويسأل حتى يقع الحكم في موقعه، فالشاعر أو الناظم في الفقه يقول: والعرف في الشرع له اعتبار لذا عليه الحكم قد يدار. فلا بد من معرفة الأعراف، وابن عابدين ألف كتابه الذي سماه «نشر العرف ما بين الأحكام» وذكر أحكامًا كثيرة، كان قد حرمها المتقدمون من علماء الحنفية، وأجازها المتأخرون، وذلك بناءً على أن الأعراف تغيرت، مثل أخذ الأجر على القروبات، وأن الإنسان يأخذ أجرًا على الأذان، وعلى إمامة الصلاة، وعلى خطبة الجمعة، وعلى تعليم القرآن، وكان الأقدمون يحرمونها، ولكن المتأخرين حينما وجدوا انصراف الناس عن هذه الأشياء، وإنك إذا لم تعين إمامًا، أو مؤذنًا، أو خطيبًا، أو معلمًا للقرآن ضاعت هذه الأشياء، وضاع الدين معها، فهذا التغير أوجب إجازة هذه الأشياء. تغير المعلومات ** ذكرتم أن من موجبات تغير الفتوى، تغير المعلومات فما المقصود بهذا؟ أقصد أن هناك أشياءً تؤثر على فتوى الإنسان منها: أن تتغير معلوماته الواقعية فتتغير معلوماته الشرعية، أو تتغير معلوماته الواقعية بتغير معلوماته الشرعية، فمثلاً قد يعرف أن في المسألة حديثًا لم يكن يعرف به من قبل، فيرجع عن فتواه القديمة إلى فتوى جديدة، وهذا ما جعل أبا يوسف ومحمدًا، صاحبي أبي حنيفة، يرجعان في كثير من المسائل، يأخذان فيها بما ثبت عند مدرسة الأثر، فمثلا أبو يوسف أخذ في مسألة الصاع عن الإمام مالك، فالإمام مالك قال: هذه الصيعان ورثناها من أيام النبي عليه الصلاة والسلام ونخرج بها زكاة الفطر، وجاءوا بعشرات الصيعان وكلها ليست كما كان يقدر أبو يوسف، أنها ثمانية أرطال، بل هي خمسة أرطال وثلث، فغير رأيه بناءً على زيادة علمه. وبعض تغيرات الإمام الشافعي يرجع إلى أنه سمع من علماء مصر ما لم يكن قد سمع في العراق، أو في الحجاز، والعالم المسلم إذا عرف شيئًا نزل على حكمه، لأنه لا يحكم بالهوى ولا بالرأي المجرد. ثم أحيانًا يكون التغير في الواقع نفسه، بمعنى أن الإنسان تتجمع لديه معلومات جديدة عما كان لديه في المسألة، فمثلاً عالم كان يقول إن التدخين مباح أو مكروه، ثم تبين له عندما سأل علماء الطب والمتخصصين أن التدخين وراءه من المضار ما لا يحصى وثبت له هذا، فبعد أن كان يفتي بحله أصبح يفتي بتحريمه، وهذا شأن الإنسان المسلم العالم المتزن. ** كانت لكم فتوى تقولون فيها: بأن المرأة إذا أسلمت، ولم يسلم زوجها، تطلق، ثم بعد ذلك تغيرت فتواكم، وقلتم بأنها إذا أسلمت ولم يسلم زوجها لها أن تبقى في عصمته دون أن تطلق، فهل هذا نظرًا لتغير المعلومات؟ نعم تغيرت معلوماتي؛ لأني قرأت في كتاب أحكام الذمة لابن القيم، أن في المسألة تسعة أقوال، وسردها ابن القيم، وأنا كنت أظن المسألة فيها قول أو قولان، ومنهما أنها لابد أن تفارق زوجها، وكنت أفتي الناس بهذا الأمر، ثم لما قرأت ووجدت أن المسألة فيها سعة، وأن سيدنا علي يقول: هو أحق بها ما لم يخرجها من مصرها، وسيدنا عمر يقول: لها الخيار أن تبقى معه أو تفارقه، وأن بعض التابعين قال هما على نكاحهما ما لم يفرق بينهما سلطان، عندئذ أصدرت فتوى وتبناها المجلس الأوربي للإفتاء، وخدم المسألة أحد إخواننا في المجلس وهو الشيخ عبد الله البديع، حيث درس الموضوع من جميع جوانبه، ووجد أن المسألة فيها ثلاثة عشر قولاً وليس تسعة أقوال فقط، فمن أجل هذا تغيرت الفتوى. أيضًا كنت أفتي بأن المسلم لا يرث الكافر، وهذا هو رأي الجمهور، ثم بعد توسعي عرفت أن هناك من الصحابة، مثل معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبى سفيان، ومن التابعين مثل محمد بن الحنفية، وأبو جعفر الباقر، ومسروق بن الألدع، من قال بأن المسلم من حقه أن يرث الكافر، وأن يحيى بن يعمر، لما جاءه أخوان ورث المسلم من الكافر قال: الإسلام يزيد ولا ينقص، وروى حديثًا عن معاذ بن جبل: أن الإسلام يزيد ولا ينقص، وأنا أكدت هذا الحديث، وأضفت إليه حديثًا آخر وهو: الإسلام يعلو ولا يعلى، فلما وجدت ذلك وسألني سائل من بريطانيا: إن أبي سيموت وله ثروة كبيرة، ويسره أن أرثه ويغضب لو قلت له لا أرث ثروتك، وأنا محتاج إليها للدعوة إلى الإسلام، وإخواني المسلمون حولي فقراء من كل جانب، أأترك هذه؟ فوجدت أن من حقي أن آخذ بهذا الرأي، ووجدت أن شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن القيم يرجحان هذا، وذكر هذا ابن القيم في كتابه «أحكام أهل الذمة» أيضًا. ** علماؤنا من القديم كانوا يتحدثون عن مدة الحمل ويقولون بأن الحمل من الممكن أن يكون في بطن أمه سنة وسنتين وما شابه ذلك، وأنتم اعترضتم على هذا الكلام، لماذا كان هذا الاعتراض؟ علماؤنا الأقدمون، منهم من قال مدة الحمل سنتان، ومنهم من قال ثلاث، وأربع، وخمس، وست، وسبع، ونحن أشرنا في حلقة سابقة إلى أن هذا مبني على علم ناقص، فالعلم الحديث بإمكاناته الحالية بين لنا أن هناك شيئًا يسمى الحمل الكاذب، يعني المرأة تتوهم أنها حامل، وتشعر بكل ما تشعر به الحامل من الغثيان، والثقل، والدوخان، حتى تشعر بعد مدة بأن هناك شيئًا يتحرك في بطنها، وتعيش على هذا الوهم، ويمكن أن تظل هكذا حتى يأتي الحمل الحقيقي، أي تظل ثلاث سنوات مثلا تحمل حملاً كاذبًا، ولا تلد، ثم يشاء الله أن تحمل حملاً حقيقيًا، والزوج والزوجة والأقارب يظنون أن ذلك كله كان حملاً، ثم جاء العلم الحديث وقال إن هذا حمل كاذب، لكن الحمل، كما قال ابن حزم تسعة أشهر، وبعض المالكية مثل ابن عبد الحكم قال سنة قمرية، والقرآن يقول (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) فإذا كان الحمل والفصال ثلاثون شهرًا كيف يكون الحمل وحده أربع سنوات وخمسًا وستًا وسبعًا، هذا مخالف للقرآن ومخالف للواقع الذي يفهمه الناس. ** هل ترون أيضًا أن من تغير المعلومات ما يتعلق برؤية الهلال؟ نحن أشرنا عند الحديث عن ضوابط فهم السنة ومعالمها، أن علم الفلك الحديث فتح للناس فتوحًا لم يكونوا يعرفونها، فلم يعد الاقتصار على أن واحدًا يذهب ليرى الهلال، ويأتي ليقول أنا رأيت الهلال، أو اثنان كل واحد في ناحية، ويظهر بعد ذلك أنهما كانا خاطئين، لكن الآن أصبح عندنا من علم الفلك ما نستطع أن نستعين به في إثبات دخول الشهر القمري دخولاً حقيقيًا، وهو ما كتب فيه العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر، وهو محدث سلفي شهير، مؤكدًا إثبات دخول الشهر بالحساب الفلكي، وأنا أفتي بأن يؤخذ بالحساب في النفي لا في الإثبات، وهو يقول: لا في النفي وفي الإثبات، ووافقه على ذلك فقيه كبير هو العلامة الشيخ مصطفى الزرقا رحم الله الجميع. تغير الحاجات ** الناس لابد لهم من حاجات حتى تستقيم حياتهم، وأنتم تقولون بأن الحاجات هذه تتغير، فما كان في القرن التاسع عشر، غير ما هو في القرن العشرين، فهل هذا أيضًا تعدونه من موجبات تغير الفتوى؟ نعم من موجبات تغير الفتوى أن يراعي المفتي أن حاجات الناس ليست ثابتة، وتتغير من وقت لآخر، فهم كانوا يلبسون لباسًا في وقت معين، ولم يعد هذا اللباس القديم يصلح للعصر الحديث، وكانوا يسكنون مساكن معينة لم تعد تصلح لهذا العصر، بمعنى أن شخصًا ربما يقول أنا أريد العيش في زهد بمسكن بسيط، لكن هناك قوانين تلزم بها البلديات حيث لابد أن تأخذ رخصة لكي تقيم بناءً، والرخصة تثبت فيها أشياء أساسية، مثلاً أن الأساس بمواصفات معينة، حتى لا ينهار المبنى ويؤذي من حوله. ولابد للمفتي أن يراعي هذه الأشياء، فالتعليم قديمًا كان الإنسان يذهب إلى الشيخ في الكتَّاب، الآن أصبح فيه تعليم منهجي، وهناك مراحل: ابتدائي، وإعدادي، وثانوي، وجامعي، ودراسات عليا، ومن حق الأولاد أن يتعلموا هذا التعليم، وإذا تزوجت امرأة وهي تتعلم فهل من حق زوجها أن يخرجها من التعليم أم من حقها أن تكمل تعليمها، فهذه أشياء تتغير بتغير الزمان. الزوجة مثلاً لها حق المسكن، والمسكن يتغير من بيئة إلى أخرى، من القرية إلى المدينة، ومن المدينة إلى العاصمة، ومن بلد إلى بلد، وبعض الأشياء التي تعتبر كمالية في بلد تكون ضرورية في بلد آخر، وفي بعض البلاد درجة الحرارة خمسون مئوية، فكيف أشرب الماء؟ هنا تصبح الثلاجة ضرورية، وكذلك المروحة أو التكييف. ** هل للمرأة أن تشترط على الرجل الذي جاء يخطبها أن تكمل تعليمها بعد الزواج؟ نعم ويجب عليه أن يفي، وأحق الشروط أن توفوا به ما استحللت به الفروج، والمسلمون عند شروطهم (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً)، وقد أصبح هذا عقدًا بينهما فلا يجوز له أن يخلفه، ومثل التعليم العمل، فلو كانت المرأة تعمل معلمة مثلاً أو طبيبة، واشترطت أن تستمر في عملها، وحتى لو لم تشترط فإذا لم يشترط هو ويقول أنا في حل من هذا، فلا يجوز له أن يخرجها من التعليم أو يمنعها عن العمل. ** ولو أدى هذا إلى تقصير في حق البيت بعد الزواج؟ لا، نحن ذكرنا فيما سبق في عمل المرأة، أن من شروط إجازة عمل المرأة ألا يتعارض ذلك مع عملها الأساسي في بيتها، وفي خدمة زوجها وأولادها، فإذا حدث تعارض، رجح حق الزوج والأولاد. ** الفقهاء من القديم في موضوع اقتناء الكلاب على حرمة الاقتناء، وذكرتم أن في الإسكيمو مثلاً لا مانع من اقتنائها لأنها تجر مستلزماتهم، فهل يمكن إباحة اقتناء الكلاب لو احتاجها الناس لشيء ما؟ هناك قصة مشهورة عند الفقهاء، وهي أن الإمام ابن أبي زيد القيرواني صاحب الرسالة المشهورة، «رسالة ابن أبي زيد»، كان يسكن في بيت متطرف، فاتخذ كلبًا للحراسة، وزاره بعض علماء المالكية، وقالوا له إن مالكًا يكره اقتناء
الكلاب، فقال: لو كان مالك في زماننا لاتخذ أسدًا ضاريًا، وليس كلبًا فقط، فتغير الزمان جعله يحتاج لحراسة، أيام زمان مالك وهو يعيش في المدينة فلم يكن في حاجة إلى كلاب للحراسة، وبعض الناس عندها أكثر من كلب؛ لأنه يعيش في بلد مهدد بالخطر. وأعرف في عصرنا أناسًا يشعرون أنهم مهددون بالسرقات وباللصوص، ولذلك يقتنون كلابًا كأنها نمور، وحينما أزورهم أخاف من هذه الكلاب المفترسة، وأقول لهم ذلك، فيقولون نحن مهددون ونحتاج إلى هذه الكلاب. المهم أنه في عصرنا الحاجات تغيرت كثيرًا، عما كانت من قبل، ومن الأشياء التي نرى فيها التغيير بوضوح فريضة الحج، فالحجاج أصبحوا الآن مليونين أو ثلاثة ملايين، وهذه الأعداد الهائلة تحتاج إلى التيسير، ولذلك أنا حتى من قبل هذه الزحمة، أيدت العلامة الشيخ عبد الله بن زيد المحمود، حينما ذهب إلى أن الرمي قبل الزوال مشروع، وقد قال بذلك ثلاثة من الأئمة التابعين، قال به عطاء فقيه المناسك وطاووس صاحب ابن عباس، وأبو جعفر الباقر وهو أيضا قول عند بعض الشافعية، والآن أصبحنا نميل إلى التيسير بصفة عامة في كل أعمال الحج، حتى يؤدوا هذه الفريضة بسهولة وبيسر، والنبي عليه الصلاة والسلام سئل عن أشياء كثيرة في يوم النحر، فكان جوابه: افعل ولا حرج. تغير القدرات ** ذكرتم أيضًا أن من موجبات تغير الفتوى في عصرنا، تغيير القدرات، فما معنى تغيير القدرات؟ إن تغير حاجات الإنسان كان سببًا من أسباب تغير الفتوى، كذلك قدرات الإنسان وإمكاناته، فهناك أشياء يمكن أن تمنع عن الإنسان؛ لأن قدرات هذا الإنسان لا تستطيعها في هذا الوقت، وأشياء أخرى على العكس، فتغير القدرات يغير التكييف للحكم الشرعي، مثلاً نحن ذكرنا في الحلقات السابقة أن الفقهاء عمومًا جعلوا التداوي أو العلاج الطبي من المباحات، وأنه ليس بواجب، وأنا أقول إن هذا ارتبط بقدرات الناس المحدودة في الجانب الطبي في ذلك الوقت، وكانت معظم العلاجات والأدوية تخمينية وليست قاطعة. أما في عصرنا فتقدم الطب تقدمًا هائلاً، وتقدمت صناعة الأدوية، وأصبحت الأدوية مجربة، وأصبح الناس تجري عمليات في الدماغ والأعصاب، وهذا يجعلنا نقول إن التداوي إذا كان يزيل عن الإنسان ألمًا، ويجلب له العافية، ويعينه على أداء أعبائه وواجباته الدينية والدنيوية، فينبغي عليه أن يسارع إليه. ** ومن ترك التداوي مع علمه بأن هذا الدواء مجرب، فهل يأثم. أنا أرى هذا؛ لأنه حينما يقول الرسول: «إن لبدنك عليك حقًا» فهل هو أدى بهذا حق البدن، فإذا كان بدنه مريضًا ويستطيع أن يزيل هذا المرض، ويمنحه العافية التي يسألها النبي صلى الله عليه وسلم دائمًا ويعلمنا أن نسأل الله إياها: العفو والعافية، فإذا ترك العافية وترك المرض يدخل عليه وربما تسبب في عجزه ومنعه من السعي على عياله، فما معنى هذا؟ معناه أن العيال يمدون أيديهم إلى الآخرين، أو يضطرون إلى أن يكونوا أدوات فاسدة في المجتمع، أو أعضاء فاسدة في جسم المجتمع. ** لكن هل يتساوى في ذلك المريض الذي هو صاحب ألم شديد، والمريض البسيط؟ لا يتساوون قطعًا، لأن أكثر الناس في عصرنا يعيشون بأمراض ويحيون بها، ولا يخلو أحد من مرض، لكن هناك مرضًا ساكنًا ومرضًا متحركًا، والأمراض الساكنة غير مؤلمة ألمًا شديدًا، ولكن هناك أمراضًا إذا تركت تفاقمت، وإذا تفاقمت أدت إلى الخطر على حياة الإنسان، فهذه ينبغي المسارعة في علاجها. شيوع البلوى ** أنتم ترون أن عموم البلوى الآن أصبح شيئًا كبيرًا للغاية، فاعتبرتم أنه من موجبات تغير الفتوى، كيف ذلك وما الأمثلة؟ البلوى إذا عمت بالشيء كانت من أسباب تخفيف الحكم، بل هي من أسباب التيسير، وعند العلماء قاعدة أساسية من القواعد المتفق عليها، في العبادات، والمعاملات، وهي: المشقة تجلب التيسير. وأساسها من كتاب الله ومن سنة رسول الله، والآيات والأحاديث في هذا معروفة، فإذا عمت البلوى بالشيء فهذا دليل على أن الناس يحتاجون إليه، فلابد أن يخفف الحكم عنهم، ولذلك إذا كانوا في بعض العصور يقولون» الأكل في الطريق دناءة، والأكل في الطريق يسقط المروءة، وإذا سقطت المروءة سقطت الشهادة، فمن سقطت مروءته لا تقبل شهادته ولا تقبل روايته، لكن في عصرنا هذا عصر السرعة كما يسمونه، وبعض الناس يسمونه عصر السندويتش، والأكلات الخفيفة، فالناس لم يعد لديها وقت لكي تجلس على مائدة، وتظل نصف ساعة تأكل، لهذا فإنهم يأكلون هذا السندويتش في الطريق، والبعض يأكل في السيارة، فهذا من التيسيرات. أيضًا كان في الزمن الماضي بعضهم يقول إن كشف الرأس لا يليق من فضلاء الناس، ويليق من الغوغاء، وهذا أيضًا لم يعد مقبولاً، ومثل ذلك أيضًا اللحية، حيث اختلف العلماء في حكم اللحية، فبعضهم أوجبها وبعضهم استحبها، وبعضهم اعتبر حلقها مكروهًا، وبعضهم يرى حلقها حرامًا، لكن ابتلينا في عصرنا بحلق اللحية، وأصبح معظم الناس حليقي اللحى، فلو قلت إن الحليق لا تقبل شهادته قط، فمعنى ذلك أنك ستعطل المحاكم وستعطل القضاء، وهذه كلها مما عمت به البلوى. ** جعلتم تغير الرأي والفكر، من موجبات تغير الفتوى، كيف ذلك؟ قلنا إن الفتوى تتغير بتغير المعلومات، فالرأي في المسألة يتغير تبعا لتغير المعلومات، لكن أحيانا تبقى المعلومات كما هي والشخص يغير رأيه وفكره، مثل بعض اجتهادات الإمام الشافعي، فبعضها لأنه سمع ما لم يكن قد سمعه، وبعضها تأثرًا بالبيئة، وبعضها لأن فكره نضج، حيث كان في الثلاثين من عمره وأصبح في الخمسين، فتغير رأيه، وأنا شخصيًا غيرت تفكيري في بعض الأشياء، فالإنسان عندما ينضج سنه أحيانًا يتغير فكره، ويكون أكثر إشفاقًا في الموضوعات، وأكثر شجاعة في المواجهة، وأبعد نظرًا إلى المسألة من جميع جوانبها فيتغير فكر الإنسان، ويغير اجتهاده أو فتواه بناء على ذلك.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.