يحكي أن البرنامج الاشهر (ما يطلبه المستمعون) الذي ظلت تقدمه الاذاعة السودانية طيلة سنوات خلت، وظل يتواصل - وإن إختلف شكله - قد إرتبطت به العديد من الطرائف والحكايات، ولعل أشهرها أنه تسبب في القبض على مجرم.. حيث أن أحد المجرمين إرتكب جريمة ما في الخرطوم وفر إلى تشاد هارباً بفعلته.. وفي احد الايام.. تفاعل المجرم الهارب مع البرنامج ناسياً فعلته فأرسل إسمه وعنوانه طالباً أغنية.. وكان هذا كافياً للسلطات لإلقاء القبض عليه ولو بعد حين.. هذا إضافة إلى كثير من المقالب التي ظل البعض يستغل البرنامج لإرسالها لأصدقاءه.. حيث ان الكثيرين وعبر أسماء (آخرين) يهدون الاغنيات إلى حبيبات وخطيبات وقد يكون هؤلاء (الاخرون) متزوجين واصحاب بيوت مما يتسبب في بعض المشكلات.. ---- ? إختفاء ولعل برنامج (ما يطلبه المستمعون) من اول البرامج الحية والتفاعلية التي بدأت بها الاذاعة السودانية، ولعب دوراً كبيراً في ترقية الذوق الفني للمتلقين وكانت له شعبية كبيرة لكنه بدأ يختفي من خارطة البرامج الاذاعية، سألنا عنه وعن الدور الذي لعبه في حركة الغناء، وعن تكريسه لبعض الفنانين وبحثنا كذلك عن سر إختفائه.. أو ظهوره بشكل أو آخر في الاذاعات كما صدرته الإذاعات العالمية كما في (سباق الاغاني) الذي يأخذ شكل البرنامج وروحه ويختلف عنه في المضمون.. ? نجوميه وحكى بكري مشى من قدامي فنيى الاذاعة السودانية ان البرنامج بدأ منذ أن كانت الاذاعة ببيت الامانة وكان يقدم كل جمعة ويقدم كبث مباشر حيث تضم كل حفلة أربعة فنانين يتواجدون داخل فناء الاذاعة.. وذكر مشى أن البرنامج كان له صدى كبير في فترة الخمسينيات وكان سباق نجوم تلك الحقبة، وأوضح أن أحمد المصطفى كان نجماً للبرنامج بلا منازع وكانت أغنية «أهواك» حينها هي الاكثر طلباً فلا تخلو حلقه من الحلقات من طلبها.. وأضاف أن أي فنان اذا كانت لديه اغنية جديدة دائما ما يحرص على تقييمها في بث مباشر.. واوضح ان نجوم تلك الفترة هم .. أحمد المصطفى والتاج مصطفى وعبد الحميد يوسف وأبوداؤد وحسن يوسف والفلاتية وحسن سليملن الهاوي والكثير من الرواد.. وقال مشى أن البرنامج كان يجد إحتفائية وتفاعلاً كبيراً وخلق إلفه كبيرة بين المستمعين والفنانين وظهرت عبره أغلب الاغاني التاريخية.. ? إيقاف ويواصل السر عوض سرد ذكريات البرنامج أنه كان يعد عبر فرز كبونات طلبات المستمعين التي تأتي بآلاف مألفه.. وقال السر عوض ان بداية البرنامج كانت بفنانين محسوبين، تصدرهم أحمد المصطفى، أبو داؤود ، حسن عطية، التاج مصطفى، وتلاهم في فترة الخمسينيات سيد خليفة، ابراهيم عوض وجيلهم وثم ظهر في فترة الستينيات كابلي وزيدان وعدد كبير من الفنانين.. لذلك اصبح التنافس ليس كسابق عهده وأصبح الفنانون المرغوبون اكثر من رغبات المستمعين وأرجع السر تراجع البرنامج الى تعطيل حركة الغناء التي تأثرت بإيقاف التسجيل بالاذاعة في فترة من الفترات حيث كانت الاذاعة هي المنبر الوحيد للتسجيل للفنانين. ? إستنكار تعاقب على تقديم البرنامج في طيلة حقبه المختلفة الكثيرون والذين كانت لهم بصمتهم المميزة بداية من حلمي إبراهيم الذي بدأ البرنامج به ثم سكينه عربي والرضية آدم، ومحاسن محمد عثمان، ومحاسن سيف الدين، وسهام العمرابي ثم علوية آدم التي كانت آخر من قدم البرنامج بشكله الكلاسيكي ثم توقف لوفاتها وعاد بشكله الحديث، والذي أصبح يتفق مع الكثير من البرامج التفاعلية في بقية الاذاعات والتي تأتي تحت مسمى (سباق الاغاني) ورغم ضرورات التحول الا ان الكثيرين إستنكروا الطريقة الجديدة التي تحرمهم من إختيار فنانهم المفضل والاغنية الخاصة للإهداء.. بعد ان اصبحت الاذاعة تحدد فناناً بعينه ومن ثم تهدي أغنياته وارجع عبد العظيم عوض مدير البرامج بالاذاعة السودانية التغيرات التي حدثت في البرنامج لتغييرات رئيسه في ادوات التوصيل والاتصال ورغم أن نكهته كانت في إرتباطه الشديد بالبريد.. إلا أن تراجع التعامل بالبريد والبوستة حدا بالاذاعة للتغيير الذي أصبح عبر الايميل والرسائل القصيرة والاتصال المباشر.. اما عدم حرية الاهداء كما في السابق أرجعها عوض.. إلى سهولة الاعداد في زمن البريد وصعوبته مع التلفون، حيث المباغتة في الطلبات تتطلب إعداد إفتراضي، واوضح أن إنتشار وسائط الغناء الحديثة هو السبب وراء التقليل من قيمة البرنامج وإختفائه.. رغم أن له السبق في صياغة الوجدان العاطفي والتعريف بالفنان السوداني..! ? أهمية ويصنف برنامج ما (يطلبه المستمعون) منذ القدم على أنه برنامج معياري يحدد جماهيرية الفنان ويوضح مكانة الفنان وسط جماهير وذلك من خلال الطلبات التي تأتي عبر الكبونات، مما يجعل الحكم بالدور الكبير في نشر ثقافة الغناء والترويج للمطرب حكماً معقولاً.. واوضح عبد العظيم عوض إن البرنامج الى الان يعطي مؤشرات القبول للفنانين كما يلاحظ عليه الان الاقبال الكبير من قبل الشباب والشابات ذوي الاعمار الصغيرة ورغم وصفه بالبرامج البسيطة غير المعقدة والتي لا تتطلب جهداً في الاعداد والتقديم إلا انه يعد من البرامج الاذاعية المهمة التي تملكها الاذاعة والتي يحسب لها اكبر الادوار في الترويج للفن والفنانين.