يعيشون تحت خط الفقر والموت تجدهم كالاحياء «الاموات» حيث يفصل بينهم وبين «الحياة» خط السكة الحديد، انهم سكان حي «الحملة» مربع «1» شارع «15» بالشجرة والذين يبلغ عددهم «45» اسرة يعيشون اوضاعاً مأساوية كبيرة يصارعون الفقر في كل يوم جديد ودائماً تكون الغلبة له!! «الرأي العام» سجلت زيارة لهذا الحي بغرض الوقوف على احواله عن قرب وتسليط الضوء عليه وقد صحبتنا في هذه الزيارة السيدة «نادية شاويش» رئيسة ومؤسسة منظمة «الظل الممدود للتنمية» والتي لم تدخر جهداً في سبيل تقديم العون بكل اشكاله من غذاء وكساء وغيره لتلك الاسر الفقيرة المعدمة يساعدها في ذلك بعض «الجيران» في الحي الذي تقطنه وقد آثرنا ان ننقل للقاريء الكريم صورة مجسدة لحياة تلك الاسر من خلال «يوم» واحد يبدأ من الصباح الباكر وينتهي عند المساء. ------ واقع بائس هذا اليوم «الانموذج» ترويه الحبوبة او الجدة بنية سومة بائعة شاي تصنع الشاي للزبائن بينما يقف الفقر والعجز حائلاً دون تناول «احفادها» الشاي تقول بنية سومة: ولدي متوفي منذ سنوات واعيش مع ابنتي واطفالها ال«6» وزوجها بالمعاش. *من أين يتوافر ماء الشرب؟ - من المصنع الموجود بجوارنا أو من «مزيرة» قريبة في الحي «التاني» حي ناس «نادية شاويش». *والكهرباء؟ - واحد من السكان «الاصليين» عنده عداد في بيته بيوصل لينا الكهرباء ونحن ندفع ليهو «30» الفاً من كل اسرة مجاورة. *والاكل.. هل تتناولون الوجبات الثلاث ؟ - ثلاثة شنو يا بتي هكذا اجابتنا بنية سومة. نحن «10» لو اكلنا «فول» في الفطور الغداء برضو بكون فول مع «عيش ناشف»، أو «كسرة» وعدس او ملاح «ويكة بالمرقة». *سألتها: والعشاء؟ - نظرت الىَّ نظرة دهشة واستنكار لسؤالي. - عشا؟ العشا ده ما بنعرفو يا بتي. *واللبن بالنسبة للاطفال؟ - كررت نفس النظرة قائلة: يا بتي الاطفال ما بعرفوا اللبن! نجيبو من وين ونحنا عدمانين «القرش» الاولاد الصغار امهم «بائعة متجولة» الليلة ممكن يكون عندنا حبة «قريشات» وبكرة مافي. طفلة وجزرة تركنا حاجة بنية سومة واتجهنا الى طفلة كانت ممددة على «سرير بلا مرتبة» وقد تجمع من فوقها الذباب وكانت تأكل «جزرة» دون «تقشير» برغم كميات الذباب المهولة التي «تحط» على الجزرة وعلى الطفلة - التي تدعى «داليا» - في آن واحد وقد لحظنا ان «ساقها» ملفوف ب «جبيرة» فسألناها عن السبب فأجابت «بعد المطرة» بيومين كنت ماشة مع اخوي جنب الحيطة قامت الحيطة وقعت في رجلي وودوني المستشفى وحسة طلعوني عشان قالوا يعملوا «عملية» ونحنا ما عندنا قروش مفروض ارجع تاني لكن ما برجع. ننوه الى انه بالاضافة لانهيار الحائط فقد انهار «جداران» بالمنزل وكذلك المرحاض علماً بان اعادة بناء ما خربته الامطار ودمرته يقوم الاهالي بانفسهم بتشييده وهذا هو السبب الرئيسي لانهيار الجدران والمراحيض عقب كل خريف بسبب ضيق ذات اليد، وقد لحظنا ان الجدار الذي سقط على داليا قد تم بناؤه في اليوم التالي بنفس طريقة البناء الاولى. معاناة سوسن تركنا داليا واسرتها وقصدنا اسرة ثانية حيث وجدنا الابنة «سوسن حامد» حيث ان الام تعمل «فراشة» في احدى المدارس والوالد «مسن» ويبلغ عدد افراد الاسرة «8» ابناء اضافة للاب والام التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم والسكري وتزداد معاناتها عند عدم الحصول على الادوية المعالجة!! قالت سوسن: عمري «20» عاماً امتحنت للشهادة السودانية العام قبل الماضي 2007م ولم انجح مما تسبب في (اكتئاب نفسي) وكنت اتعالج عند طبيب نفساني وكانت «....» تساعدني في دفع اتعاب الطبيب، وواصلت قولها: اود الاعادة والدخول الى الجامعة لدراسة «القانون» الذي اعشقه واتمناه لكنني «عاجزة» بسبب «المصاريف» و رسوم الإعادة والتي تبلغ «400» جنيه. فاذا لم تتوافر لي هذه الرسوم فلن يتحقق حلم حياتي، لذلك اطلب واناشد صحيفة «الرأي العام» ان تقف الى جانبي وتوفر لي قيمة الرسوم وما احتاجه من مصروفات. وقبل ان ننتقل لاسرة ثالثة حضرت والدة سوسن واضافت لتدعم قول سوسن: زوجي كان يعمل بائع «خضار» والآن لا يعمل فاصبحت اعول الاسرة علماً بان مرتبي اسدده كله بعد صرفه ل«الدائنين»، من هنا اناشد الصحيفة واهل الخير بمد يد العون لي ومساعدتي خاصة وانه ليس لدى مصدر رزق آخر. كفاح أم المواطنة «حواء حمودة علي» تعمل فراشة في مدرسة ولديها من الابناء والبنات «8» منهم «ابنتان» والبقية اولاد اكبرهم يبلغ عمره «22» عاماً قالت: بصراحة انا «اجازف» مجازفة شديدة من اجل توفير لقمة العيش لاني أعاني من الضغط والسكري وزوجي عمره تعدى «السبعين» سنة ومتزوج من زوجة تانية وانا بشتغل وبكافح عشان اولادي منذ «51» سنة ومرتبي «225» الف جنيه، الاولاد لو فطروا في المدارس بيتغدوا حاجة بسيطة وانا بعوس ليهم «كسرة» اما العشاء ده نحن ما بنعرفو لانه محذوف تماما من الوجبات، واضافت اصغر اولادي عمره «4» سنوات ما بشرب «لبن» ولا اخوانه الا اذا «اتجود» فاعل خير وجاب لينا لبن لان المنطقة كلها فقراء. الظل الممدود بعد ذلك التقينا بالسيدة «نادية شاويش» مؤسسة منظمة الظل الممدود كما ذكرنا ورئيستها في نفس الوقت لتطلعنا على المزيد من التفاصيل حول اوضاع هذه الاسر فقالت مبررة سر تسمية الحي بحي البحر بانه سمى كذلك لوقوعه وراء النيل الابيض، وحول منظمتها افادت بانها حديثة الانشاء غير ان صلتها بتلك الاسر الفقيرة تمتد لعشر سنوات الى الوراء وذلك عبر «اللجنة الشعبية» بمنطقة الشجرة جنوب وامانة «المؤتمر الوطني» بالحي الذي تقطنه وقد هدفت من هذه المنظمة تقديم المساعدات لتلك الاسر الفقيرة. وحول تلقيها مساعدات من قبل جهات مسؤولة أو غيرها، اجابت نادية بقولها: مع الاسف الشديد لا... ولكني اتلقى المساعدات من قبل المعارف والاهل فقط. سألتها: ما اهم احتياجاتك في الوقت الحالي؟ - فأجابتني بقولها: انا احتاج لدعم مادي «ثابت» حتى استطيع تقديم المساعدات المستمرة وليست المؤقتة أو الموسمية لان رمضان شهر «واحد» ويتبقى من السنة «11» شهراً نحن بحاجة فيها للمساعدة. *من خلال معايشتك لتلك الاسرة ما هي نوعية الامراض التي تتفشى في المنطقة؟ - تتفشى «البلهارسيا» كمرض قاتل ومعدٍ علماً بأن صحة البيئة متدهورة في هذه المنطقة اذ انها تفتقر الى «المراحيض» حيث يلجأ معظم الناس الى التبرز في العراء وبالتالي عندما يحل موسم الخريف فانه يجرف المياه بكل ما فيها فتتوالد «القواقع» التي تعيش بداخلها البلهارسيا، بالاضافة الى الملاريا والامراض المنقولة عن طريق الذباب نسبة لتجمع المياه في برك. *هلا أعطيتينا نبذة تصور معاناة هؤلاء المواطنين؟ - هناك سوسن التي التقيتها وتحتاج لرسوم الاعادة التي تبلغ قيمتها «400» الف جنيه «بالقديم»، وداليا التي سقط عليها جدار مشيد بالطين وتسبب لها في كسر ب«الفخذ» وهي تحتاج لتكاليف العلاج و«التغذية» حيث ان الطفلة تعاني من «سوء التغذية» وقد حدد لها مبلغ «مليون و300 الف» جنيه وهي لا تملك بطاقة علاجية علماً بأنه قد اجريت لها فحوصات وعمل اشعة تكلفة الاشعة «45» الف جنيه ويفترض ان تجرى لها عملية حيث هنالك مواعيد مع الاختصاصي لتحديد موعد العملية وهي لا تملك هذا المبلغ نسبة لظروفها العائلية.