المرأة السودانية هي البطلة الحقيقية في معركة الأسرة السودانية من أجل البقاء في هذا الزمن الرديء وقد ضاقت سبل كسب العيش الكريم للغالبية الساحقة من الشعب السوداني. ففي الوقت الذي يهرب فيه الرجل من مسؤولياته الأسرية لظروف لا يبدو في الأفق أي إنفراج لها من أبرزها العطالة.. وتدني المرتبات والأجور التي لا تكفي حتى لشراء كميات الخبز لإشباع كل أفراد الأسرة- على الزوجة ان «تتقطع» لتدبير مصاريف البيت من الجنيهات القليلة التي يتركها الزوج قبل خروجه من المنزل. على ست البيت المسكينة ان تحدد أولويات الصرف من النقود الشحيحة.. فطور الأولاد ومواصلاتهم ورسوم المدرسة.. والطبيخ.. إلخ. هذا ربما يكون أخف وطأة.. مقارنة بأحوال نساء كثيرات هرب أزواجهن من المسؤولية.. ليس من المنزل وحسب ولكن أيضاً من المدينة وفي بعض الأحيان الى خارج السودان تاركين وراءهم عوائل بلا عائل يجاوز عدد أفرادها أحياناً الستة. جاء في تقرير نشر في «أخبار اليوم» في الاسبوع الماضي يستطلع أحوال بعض النسوة اللاتي لجأن الى محكمة الأحوال الشخصية، حكايات محزنة، قالت إحداهن إن سنوات زواجها الست كانت «كابوساً رهيباً! زوجها اختفى قبل ثمانية أعوام ووصلت الأسرة حد العجز عن دفع إيجار البيت وكسب صاحبه دعوى إخلاء للعقار، والدائنون يلاحقون الأم التي لجأت أخيراً الى المحكمة الشرعية لإيجاد حل، خاصة انها تعول أبناءها مما تكسب من بيع الشاي. وحكاية اخرى لامرأة كانت تتردد على المحكمة، اختفى زوجها فجأة قبل سبع سنوات، وتقول: «كنا نعيش في منزل أسرة الزوج فتحولت من زوجة الى خادمة»، ورغم ذلك «طردني أهل زوجي من منزلهم فلجأت الى منزل أسرتي احاول أن أطعم أبنائي من بيع الشاي وأحياناً بأعمال الدلالة». ولكن الحكاية المحزنة حقاً تلك التي ترويها الشابة التي أرغمها أهلها على الزواج في سن مبكرة «14» سنة بإدعاء أن الدراسة لا تجدي وأن الزواج أفضل للبنت من المدرسة. وتقول الزوجة للصحيفة: «رغم حبي الشديد للدراسة لم استطع مقاومة أهلي وتم الزواج وجاء بي زوجي الى العاصمة حيث يعمل بالتجارة» وعندما خسرت التجارة وفقد الرجل كل ممتلكاته التي كانت تشمل المنزل، اختفى زوجي ولم يترك عنواناً، ونشرت صورته في الصحف مكتوب فوقها عبارة: «مطلوب» ولم يظهر منذ سنوات»، وتقول الزوجة المنكوبة لم نستدل على عنوانه، ومر على هذا الأمر خمسة أعوام ذقنا فيها الأمرين أنا وأبنائي ووصل بنا الحال الى اللجوء الى الجهات الخيرية لمساعدتي في تربية أبنائي، «الآن أنا هنا في المحكمة لرفع دعوى طلاق للغيبة». هذه الحكايات ما هي إلا نماذج «مخففة» عن معاناة الأسرة السودانية، فهناك حكايات يشيب لها الولدان من القصص المأساوية.. وربنا يستر!!