ليس من الدقة ان نقول إن الفريق صلاح عبدالله (قوش) عاد الى واجهة الاحداث مرة اخرى، فرجل المخابرات الأول - حتى الثالث عشر من اغسطس الماضي غداة اصدار الرئيس عمر حسن أحمد البشير مرسوماً جمهورياً بتعيينه مستشاراً له- لم يتوار تماماً عن مجالس الساسة ولم يبرح اهتمامات العامة حتى وهو يوقع على وثيقة التسليم والتسلم مع خلفه الفريق محمد عطا. ولكن للاقتراب من الدقة فإن قوش اطل الى الاعلام الاسبوع الماضي بشكل آخر، كان شبه كافٍ لتشكيل اجابة عن تساؤلات حائرة واستفهامات فضولية حول مهام الجنرال في منصبه الجديد الذي باشره من مباني مستشارية الامن القومي بمنطقة قاردن سيتي الفخيمة. الشكل الجديد الذي اطل به الفريق صلاح قوش هو انه لم يأت الى مكتب المستشارية وحده.. كان هناك الرئيس عمر البشير، والفريق بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية، والفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع، والمهندس ابراهيم محمود حامد وزير الداخلية، والفريق محمد عطا المولى مدير جهاز الامن والمخابرات، ومدير الشرطة، ومدير استخبارات القوات المسلحة، ووكلاء عدد من الوزارات، امتلأت بهم قاعة الاجتماعات ايذانا ببدء اول نشاط للمستشارية. المنصب الذي يشغله الرجل الآن ليس جديداً في حد ذاته (مستشار الرئيس لشؤون الأمن)، من عتبته عبر اللواء طبيب الطيب ابراهيم محمد خير، وتحت سقفه جلس اللواء الفاتح عروة حيناً من الزمن، ولم يتساءل الكثيرون عن المهام التي كان يمارسها اللواءان (الطيب، والفاتح)، وعلى خلافهما فإن صلاح قوش يظل الهدف الاول في وارد التكاليف الصحفية حتى وهو يمارس مهام استشارية محضة كما يفعل الآن بعيداً عن العمل التنفيذي. قوش لن يقدم مشورته الى رئيس الجمهورية معتمداً على خبرته الطويلة في جهاز الامن فقط، ولكنه سيستعين بمجموعة اخرى ذات خلفية أمنية وأكاديمية ويضعها على رأس عدة دوائر، كانت دائرة الملفات الخاصة من نصيب اللواء أمن (م) حسب الله عمر، ودائرة معالجة الازمات من نصيب الفريق حاج أحمد الجيلي، وحاز اللواء حقوقي حاتم الوسيلة على دائرة التنسيق والدعم، فيما اسند الى د. محمد حسين سليمان ابوصالح دائرة الدراسات، والى د. بكري عثمان دائرة السياسات. بصوت هاديء ونبرة متزنة كان الفريق قوش يشرح للصحفيين مهمة مستشارية الامن القومي، قال لهم: إن المستشارية ستتولى التنسيق بين مؤسسات الدولة المختلفة لتوحيد الرؤى وتقويم عناصر الضعف والقوة لقدرات الدولة السودانية، وتهيئة المؤسسات للإسهام في حماية الأمن القومي. مهابة المكان والهدوء والاتزان الذي بدا على (الجنرال) لم تقمع فضول الصحفيين من ان يسألوا سؤالاً يحبذه الناس إلا في هذا الموضع: هل ستكون الشورى التي ستقدمونها معلمة ام ملزمة؟!. لم يجب الفريق قوش على هذا السؤال ولم يستنكره كذلك، كل ما في الامر هو ان الرجل كان قد قدم نبذة مختصرة لعمل المستشارية، ثم ترك للدكتور بكري موسى متابعة الشرح والتفصيل والاجابة على تساؤلات الصحفيين.