حساسية الأطعمة من الأمراض التي يعاني منها عدد كبير من الناس ، وهي مرتبطة ارتباطا مباشرا ببعض الاطعمة او المواد المضافة اليها ، ولا شك في انها تشكل خطورة بالغة على حياة البعض وللتعرف على هذا المرض جلسنا الى د.(حسن الشيخ ) طبيب عمومي ، للاجابة على الكثير من الاسئلة المتعلقة بحساسية الاطعمة . بداية حدثنا عن أشكال ومظاهر حساسية الأطعمة ؟ حساسية الاطعمة هي شكل من اشكال الحساسية الناتجة عن ردة فعل للطعام ، وتؤثر على صحة واستقرار المريض ، ودائما ما تكون في الجلد والجهاز الهضمي فحساسية الجلد تكون على شكل اكزيما وارتكاريا (شري) ،أما أعراض حساسية الجهاز الهضمي فتكون على شكل قيء(طراش)، غثيان، مغص،عصر هضم وإسهال. متى تبدأ أعراضها ؟ تبدأ خلال دقائق الى ساعات من تناول الطعام المسبب للحساسية ، وشدة الاعراض تختلف من شخص إلى آخر، فالأشخاص الذين تكون حساسيتهم بسيطة يعانون من سيلان الأنف المصحوب بالعطاس والحكة والاحتقان، أما الذين تكون حساسيتهم شديدة يصابون بردة فعل شديدة وخطرة مثل الاختناق وتورم اللسان والشفاه والحنجرة، والأعراض الأخرى قد تكون على شكل ربو مع سعال (كحة) وأزيز في الصدر، وفي حالات قليلة جداً قد تكون حساسية الطعام على شكل صدمة تحسسية تؤدي إلى هبوط في الضغط وقد تودي بالحياة. ما هي أسباب تلك الحساسية؟ حساسية الطعام تنتج عن ردة فعل مناعة الجسم الزائدة لبروتين الطعام الذي يسمى (الليرجين ) ففي الاحوال العادية يقوم جهاز المناعة بمكافحة الالتهابات وإبطال مفعول بروتين الأطعمة الذي قد يسبب الحساسية وبذلك يبقى الجسم في وضع صحي جيد وبسبب ذلك فالشخص الذي يعاني من حساسية الطعام جهاز المناعة لديه ينتج كميات كبيرة من أجسام الحساسية المضادة تدعى ( آي. جي.إي ) وعندما تلتقي هذه الأجسام مع الأطعمة المسببة للحساسية يفرز جهاز المناعة مادة الهستامين مع عدد آخر من المواد الكيماوية كجزء من ردة فعل جهاز المناعة ضد بروتين الطعام وهذه الكيماويات التي يفرزها جهاز المناعة يتسبب في توسع الأوعية الدموية وانقباض العضلات اللاإرادية وتجعل الجلد المتأثر أحمر متورم مع حكة. أين توجد أجسام الحساسية المضادة (اي .جي . اي ) ؟ توجد في أنسجة الجسم المختلفة كالجلد والجهاز الهضمي والرئتين حيث تحدث ردة فعل الحساسية في تلك الأعضاء مثل الارتكاريا والقيء والإسهال والأزيز. هل يعني ذلك أن كل ردة فعل ضد الأطعمة تعتبر حساسية ؟ طبعا لا .. فهناك ردة فعل لحليب الأبقار مثلاً ناتج عن نقص خميرة (أنزيم) سكر الحليب والذي عادة يهضم هذا السكر(لاكتوز) وعندما يشرب الأشخاص الذين ينقصهم هذا الأنزيم حليب الأبقار أو يتناولون مشتقات الألبان، لربما يشعرون بمغص وغازات وإسهال كثيراً ما يظن البعض أنها حساسية للحليب. لماذا يعاني بعض الأشخاص. حساسية الأطعمة دون غيرهم ؟ يبدو أن عامل الوراثة هو الأساس فإذا كان احد الوالدين يعاني من الحساسية فإن احتمال الاصابة بها بنسبة (75%) أما إذا كان أحد الأبوين يعاني منها وشخص آخر قريب للمريض يعاني منها فإن احتمال الاصابة بها ( 30-40%.) أما إذا كان الأبوان لا يعانيان من الحساسية فإن احتمال الاصابة بها بنس ( 10-15%) ومع أن حساسية الأطعمة تحدث بشكل رئيسي لدى الأطفال إلا أنها يمكن أن تصيب أي شخص وفي أي سن، ويمكن أن يسببها أي طعام حتى ولو كان الشخص يأكل ذلك الطعام سنوات عديدة قبل حدوث الحساسية. ما هي الأطعمة الأكثر تسبباً في الحساسية ؟ أي طعام يمكن ان يسبب الحساسية ولكن اهمها هي (البيض ، حليب الابقار ، الفول السوداني ، فول الصويا ، القمح والمكسرات والاسماك الى جانب الارز والباذنجان). كيف يتم تحديد الطعام الذي يتسبب في الحساسية؟ عدد كبير من المرضى يعرفون الطعام المتسبب في حساسيتهم دون إستشارة طبيب مختص والبعض الآخر لا يعرف خاصة بعد ظهور الاعراض بعد بضع ساعات من تناول الطعام المشكوك فيه وهنا يتم تحديدها من خلال الفحص الذي يبدأ غالبا بأخذ سيرة مرضية مفصلة للحالة حول الأعراض التي تتبع تناول الطعام والمدة التي تظهر بعدها أعراض الحساسية بعد تناول الطعام، وكمية الطعام التي تم تناولها ، وعدد المرات التي تتكررت فيها الحساسية والأدوية التي أخذها للعلاج والبيئة التي يعيش فيها المريض وهل تجود حساسية عند الأقارب هذه الأسئلة وغيرها ضرورية لإنها تبين احتمالات وجود مشكلات الحساسية الأخرى غير الأطعمة مثل حساسية لقاح النباتات والتي قد يكون لها علاقة بالأطعمة فمثلاً الأشخاص الذين يعانون من حساسية اللقاح يشكون من حكة في الفم والحلق بعد أكل الشمام والبطيخ. ما هو اختبار الحساسية لمعرفة الطعام المسبب لها؟ ربما يجري طبيب الحساسية والمناعة بعض اختبارات الحساسية حتى يعرف الطعام المسبب لها وذلك بعدة طرق منها وخز الجلد (الذراعين أو الظهر) بابرة صغيرة بلاستيكية تحتوي على مصل مستخلص الأطعمة المختلفة وخلال 15-20 دقيقة تبين الحساسية على شكل احمرار وتورم يشبه لدغة البعوض، وهذه تدل على أن هناك أجسام حساسية في الجلد ضد طعام معين كذلك يتم فحص الدم بطريقة (راست RAST ) وهي سهلة وتتم بأخذ عينة دم ووضعها في جهاز خاص ( UNICAP 100 ) وبهذه الطريقة يمكن إجراء الفحص ضد أعداد كثيرة من الأطعمة ولكن هذه الطريقة مكلفة أكثر من فحص الجلد، وكثيراً ما يستعمل هذا الفحص للذين يعانون من حساسية الجلد أو الأطفال الصغار ، ايضا يتم أخذ عينة من الطعام المشتبه فيه كالطماطم أو المانجو ووخزها بالإبرة ثم وخز الجلد بعد ذلك وعلى أي حال إذا تبين أن الاختبار إيجابي لطعام ما فلابد من التأكد من علاقة ذلك الطعام بأسباب الحساسية وذلك بالإمتناع عن الطعام ثم معاودة تناوله ومراقبة الأعراض. هل هناك أغذية خاصة يمكن استعمالها لتحديد الحساسية ؟ بعد النتائج الفحوصات فإن الطبيب يحاول تحديد الطعام المسبب بدقة وذلك بوضع المريض على نظام غذائي خاص فإذا كانت أعراض الحساسية تحدث في فترات متباعدة فقد يكون السبب طعام تناوله في المناسبات وفي هذه الحالة سيطلب الطبيب تسجيل مفكرة غذائية يسجل فيها المريض الأطعمة والأدوية التي تناولها وعلاقتها بحدوث أعراض الحساسية وبمراجعة المفكرة ومقارنة الأيام الجيدة مع الأيام التي يعاني فيها من الحساسية فإن الطبيب يستطيع تحديد المسبب. هل يمكن الشفاء من حساسية الأطعمة ؟ ربما بعض الحالات، وخاصة الأطفال، عموما الامتناع التام عن الطعام المسبب للحساسية لفترة طويلة يؤدي إلى اختفائها أو ضعفها فعلى سيبل المثال ، فإن الغالبية العظمى من المرضى الذين يعانون من حساسية البيض وحليب الأبقار وفول الصويا، يمكن أن يأكلوا هذا الأطعمة في نهاية الأمر أما حساسية الفول السوداني والمكسرات والأسماك فإنها غالباً تبقى مدى الحياة، مع العلم أن الدراسات الحديثة بينت أن حوالي 30% يفقدون تحسسهم للفول السوداني بعد 4-5 سنوات من الامتناع عن تناوله وبشكل عام فإن حوالي 30% من الأطفال والبالغين يصبحون غير حساسين لتلك الأطعمة التي امتنعوا عن تناولها بشكل تام بعد فترة من الزمن. وعادة ما يوصي الطبيب بالامتناع عن الطعام المسبب للحساسية لمدة 6 شهور، بعدها يمكن محاولة تناول الطعام تحت إشراف الأخصائي ويجب عدم تجربة أخذ الطعام المسبب للحساسية ثانية، لان ذلك قد يؤدي إلى الوفاة.
