معظم النار من مستصغر الشرر هي عبارة تحذيرية تطلق في كل مناسبة وموقف يستشعر الناس من خلاله خطرا داهما يحدق من بعيد ، وهي أشبه بتطييب الخواطر لاصحاب النفوس المتفلتة حتى تهديء من غضبتهم التي ربما تسلك طريقا نحو حريق واشتعال قادم ، وفي الآونة الاخيرة تجددت مصائد الماشية وشراكها في ولاية القضارف حتى بات الامر ينذر بذات خطر (معظم النار...) ورغم قدم مايطلق عليه بالسالف في عمليات سرقة ونهب الماشية تلك التي يرضخ أصحابها لحلول واتفاق بالتنازل عن بعض مواشيهم مقابل ارجاع البقية إلا انه في الآونة الاخيرة استفحل الامر بصورة واضحة وجلية باتت تشكل تهديدا للنسيج الاجتماعي بالولاية حيث من المعروف ان الماشية تمتلكها قبائل بعينها وتعمل في حراستها ورعيها في مناطق الانتشار الشرطي وممارسة القانون فيها ضئيلا جدا ، واحد تلك الحوادث كادت تقود لحرب قبلية قبل ايام معدودات في منطقة (المقرح) ، حيث جرح فيه شخصان اثنان في اشتباكات مسلحة بين لصوص محترفين (همباتة ) وأصحاب مواشي بمنطقة (عديد المعاشرة) بمحلية وسط القضارف ، وتفجرت الاحداث الدامية بين مجموعة محترفة من لصوص المواشي مدججين بالسلاح ورعاة عندما داهم (6) منهم قطيعا للمواشي بقصد السرقة لكن تصدى لهم الرعاة وهم عزل ما ادى الى اصابة اثنين بجروح نقلا على اثرها لحوادث مستشفى القضارف ، وخلفت الأحداث توترات كبيرة واعتصم قرابة الاربعمائة شخص بمنزل والي القضارف الضو الماحي مهددين بالقصاص في حال لم تحسم السلطات مشكلة السرقات التي ظلوا يتعرضون لها من قبل لصوص المواشي . القناص في قبضة الشرطة الأسبوع الماضي وقع محترف الإجرام (حلمي) وأربعة من المتهمين في قبضة الشرطة بالقضارف، وأودعوا قسمها الأوسط في انتظار تقديمهم للمحاكمة بعد مطاردات ومتابعات متوالية لأماكن ترددهم في سهل البطانة من قبل قوة مشتركة من الأجهزة الأمنية بولايات الجزيرة ، كسلاوالقضارف تكللت بالعثور على أخطر معتاد إجرام يمارس النهب والسلب بقوة السلاح وتحفظت الشرطة على عربتين (لاند كروزر) يعتقد باستخدامهما في عملية سرقات المواشي وتهريبها الى مناطق بعيدة عن أعين مربييها وسلطات الأمن. وقال مصدر رفيع بالشرطة إن البحث جارٍ عن ثلاثة متهمين آخرين ضالعين في هذه الجرائم وسلاحهم الذي تسببوا به في أذى كثير من الأبرياء، منوها الى أن معتادي الإجرام سيواجهون عدة بلاغات دونت في مواجهتهم في وقت سابق تحت عدد من المواد من بينها حيازة السلاح والنهب المسلح ومن بعد محاكمتهم في سوابقهم الأخرى المدونة في الجزيرة وحلفا وسنار. سوابق وتجاوزات هذه العصابة أو الجماعة المتفلتة بزعامة (حلمي) ظلت تشكل أحد مهددات الأمن في المنطقة بممارستها الخارجة عن القانون وتعديها على المواشي بقوة السلاح الذي ارتكبت به من قبل عددا لا يستهان به من الجرائم في سبيل بلوغ مبتغاها ، (حلمي) الذي لم تتجاوز سنه ال (35) عاما ظل منذ ما يقرب ال (10) أعوام يسبب صداعا في المنطقة جراء كثرة حوادثه وتجاوزاته للقانون ، فلا تكاد تمر أيام على البطانة أو المناطق المتاخمة لها إلا ويسمع الناس هناك عن مشكلة أو سرقة يكون طرفا فيها أو منفذا لها ، (فالهمباتي) الذي يكنى بأسد البطانة أحترف نهب مواشي العامة في البطانة وغيرها ودونت له السلطات المختصة عددا من السوابق دون أن يجد العقاب الرادع حتى هذا الحين وفي المقابل تحفظ له المخيلة الشعبية كثيرا من السرقات والحوادث التي ارتكبها مع سبق الإصرار و(ماتت) في حينها بتدخل الجودية والوسطاء قبل أن تصل القضاء ، فأخطر الجرائم التي دونت في مضابط الشرطة ضد (حلمي) كانت في عام 2002 بقتله لاثنين من مباحث القضارف بسلاحه (الكلاش) في فناء البطانة الفسيح أثناء مطاردة الشرطة له ولكن المجرم الخطير لاذ بالفرار من وجه العدالة واحتمى في منطقة ما ولا يدري أن يد القانون هي الأعلى وما كانت إلا أيام معدودة فوجد نفسه في قبضة الشرطة، وقدم بعد ذلك للمحاكمة التي قضت بالحكم عليه بالإعدام شنقا حتى الموت وأمضى خمسة أعوام بسجن القضارف قبل اقتياده لسجن بورتسودان لتنفيذ العقوبة الصادرة بحقه إلا أن معتمد البطانة وقتها علي أحمداي الطاهر وشخصية مسئولة ونافذة بالدولة أنقذا رقبته من المقصلة بإقناع أهل الدم بالدية, وعاد لمزاولة نشاطه بأشرس مما كان عليه في السابق وأضحى (حلمي) يشكل خطرا داهما ليس على قطاع الثروة الحيوانية المتوافرة في مراعي البطانة الطبيعية لوحدها، بل كان خطرا على أصحابها أنفسهم فهو لا يبالي بإراقة الدماء حينما يريد تنفيذ سرقة ما ، ففي الأسبوعين الماضيين هاجم ذات صاحب هذه السوابق (مراحاً) من الماشية بمنطقة المقرح في الساعات الأولي من الصباح ممتطيا عربة بوكس وترافقه أخرى لكن (6) من الرعاة ينحدرون من منطقة عديد المعاشرة شعروا بخطورة الموقف فتحسسوا عصيهم لهذا القادم فأطلق عليهم مجموعة من الأعيرة النارية تدل على أنه (قناص) محترف حيث أصابت ذخيرته الحية اثنين (حسين وطه الزين محمد الزين) في تلك الظلمة الأول بكسر في رجله والثاني أصيب في كتفه ونجا منها (4) آخرين قبل أن يفر من المكان لجهة غير معلومة ما زال البحث جاريا عنه للقبض عليه وتقديمه للمحاكمة حيث فتح في مواجهته بلاغا تحت المواد (139) الأذى الجسيم و(26) حيازة السلاح (175 ) النهب المسلح ، فهذا (القناص) تقول روايات عديدة من مقربين لتحركاته أنه منذ أن شب عن الطوق سلك الطرق الملتوية في حياته وبعد تجاوزه سن العشرين احترف بشكل مرعب ومخيف سرقة الأغنام فعاث في البطانة نهبا ورعبا، فتعددت جرائمه وكثرت حوادث اعتدائه بالسلاح على أصحاب المواشي ما جعل بعض البسطاء وكثيرا من الراصدين لتفلتاته المتكررة يعتقدون بأنه محمٍي من جهة عليا ويعتبرون أن تجاوزات هذا الفتي ربما تكون بداية لانطلاقة شرارة لحرب قبلية في المنطقة قد تكون أخطر من التي اندلعت بدارفور. فالغبن وصل مداه وحالة الغضب جراء تصرفه الطائش جعل عيون المتضررين من فعائله تتطاير شررا وكادت حادثة المقرح التي أصاب فيها اثنين من أبناء المعاشرة تتسبب في اندلاع هذه الشرارة التي عمل على إخمادها عدد مقدر من أعيان القضارف بحكمة ودراية . تشريعي القضارف في الخط وحذر المجلس التشريعي بولاية القضارف من مغبة تجاهل مثل هذه التجاوزات, وقال العضو معاوية السر إن تساهل حكومة الولاية وأجهزتها يمكن أن يخلق فوضى لا يمكن السيطرة عليها مستقبلا، مشددا على ضرورة تطبيق القانون حيال محترفي سرقات المواشي دون مجاملة في تنفيذ القانون والعمل على تشديد الرقابة الأمنية في مسارات المرعى خشية تعرضها للنهب من بعض ضعاف النفوس، مشيرا الى أن حكومة القضارف وأجهزتها التي قضت على ظاهرة الشفتة لن يعجزها حماية الماشية والقضاء على ظواهر سلبها بالسلاح .