مع بداية إعلان توصل دولتي السودان وجنوب السودان لعب العامل النفسي دورا كبيرا في تراجع سعر الصرف في السوق الموازي ثم بدأ يتصاعد تدريجيا إلى أن قارب سعره السابق .. ولكن بعد إعلان بداية الضخ أمس الأول وبدء سريان النفط في الأنبوب من حقل سارجاث بولاية الوحدة في جنوب السودان تغير سعر الدولار في السوق الموازي أمس مرتين حيث كان سعر الدولار في الفترة الصباحية (6,5) جنيهات وتراجع إلى (6,3) جنيهات في الفترة المسائية من نفس اليوم. ويرى الكثيرون من المراقبين أن عملية استئناف ضخ نفط الجنوب عبر السودان بدأت بشرياتها منذ اليوم الأول من خلال تراجع سعر الصرف بصورة ملحوظة أمس الأول ، وقال الكثيرون من الخبراء الاقتصاديين إن ضخ النفط سيحقق فوائد كبيرة منها جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الداخل بعد استقرار سعرف الصرف وأشاروا إلى أن ذلك سيسهم في تحسن مؤشرات الاقتصاد. وتفيد متابعات (الرأي العام ) وجود ركود في تعاملات بيع وشراء العملات الأجنبية في السوق الموازي بعد تراجع سعر الدولار إلى (6,3) جنيهات . وحدد بنك السودان السعر التأشيري للدولار ليوم الأحد ب (5.39) جنيهات وبلغ اعلى سعر له (5.61) وادناه (5,17 ) جنيهات وأشار المتعاملون إلى وجود إحجام في عمليات البيع والشراء في السوق الموازي مع بدء إعلان بداية الضخ. وتوقع الخبراء الاقتصاديين نمو الإيرادات العامة للدولة بنسبة 40% بعد ضخ النفط من خلال الرسوم المتحصلة بعد أن كان انخفض إجمالي التحصيل الفعلي للإيرادات العامة في العام 2012م بنسبة 20% نتيجة لفقدان الإيرادات البترولية وانخفاض المنح الأجنبية متوقعين حدوث نقلة حقيقية للإيرادات من خلال دخول تحويلات قدرها (3.028) مليار دولار من الجنوب تسدد خلال ثلاث سنوات ، ومبلغ( 10 ) دولارات عن كل برميل يصدر عبر الأراضي السودانية والموانئ . كما أن عائد الحكومة السودانية سيبدأ بمبلغ (5) ملايين دولار يومياً ليرتفع إلى (11) مليون دولار عند بلوغ الإنتاج قمته . ويقول د. بابكر محمد توم الخبير الاقتصادي إن بدء عملية ضخ النفط تعتبر بداية مؤشرة لتحسين وتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدولتين و تعتبر بداية وتنشيط وتطوير العلاقات مع المؤسسات المالية بضمان عائدات النفط للدولتين الأمر الذي قد يسهم أيضا في جذب المستثمرين والاستثمارات إلى داخل البلاد. وقال التوم في حديثه ل (الرأي العام) ان الدولار بدأ يتراجع مبينا بأن ذلك سيسهم وبشكل كبير في تسهيل العمليات التجارية وسيؤدي إلى انخفاض في أسعار السلع وتوقع ان تسهم هذه الخطوة في نمو كثير من القطاعات الأخرى كقطاعات الصناعة والزراعة إلى جانب قطاع البترول وقطاع التعدين. وقال الخبير الاقتصادي صلاح الشيخ مدير الجمارك السابق إن بدء عملية ضخ النفط في الانبوب له آثار ايجابية على المستوى البعيد والقريب واشار إلى المؤشرات الايجابية على المستوى القريب بدأت من خلال تراجع سعر الصرف إلى جانب استقرار الاوضاع في الحدود بين الدولتين وتخفيف التوتر وتوقع أن تسهم أيضا في استقرار عجز الموازنة ومعالجة اشكالات ميزان المدفوعات وأشار الشيخ إلى أن ذلك سيسهم وبشكل مباشر في تنفيذ كل الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين. وقال د. عز الدين إبراهيم وزير الدولة بالمالية السابق إن عملية بدء ضخ النفط ستسهم في معالجة كثير من التحديات الاقتصادية التي كانت تواجه البلاد منها استقرار سعر الصرف ومعدلات التضخم إلى جانب معالجة عجز الموازنة .. وقال إن سعر الدولار بدأ يتراجع منذ اعلان الضخ بعد الارتفاع التدريجي الذي كان قد حصل للدولار بعد الانخفاض الذي كان قد حدث منذ توقيع اتفاقية المصفوفة بين البلدين. وتوقع ابراهيم حدوث تغييرات كبيرة في الموازنة الحالية بعد دخول إيرادات حقيقية للبلاد. وقال مصدر مطلع بشركة نفطية فضل عدم ذكر اسمه إن بشريات ضخ النفط بدأت تظهر من خلال بدء العمال بمختلف مسمياتهم العودة لمزاولة اعمالهم مرة أخرى وتوقع المصدر أن تسهم الخطوة في إعادة بعض العمال الذين سرحوا بعد توقف ضخ النفط في العام الماضي ، وقال إن ذلك سيسهم ايضا في تحسين معيشة الناس وتحريك كثير من القطاعات المربوطة بصناعة النفط من تنشيط حركة الطيران وغيرها من المجالات المرتبطة بالنفط . وقال وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود إن ضخ النفط سيحقق نمو يقدر ب (3.6) في 2013م بسبب تحسن الوضع الاقتصادي والزيادات المتوقعة في إيرادات الدولة بعد الاتفاق الأخير مع دولة الجنوب. وقال وزير المالية إن الاتفاقية مع جوبا تقضي بمنح السودان (25) دولاراً عن كل برميل يمر عبر أراضي السودان ، ما يعني عملياً أكثر من ملياري دولار سنوياً ، وتوقَّع تصدير نحو (300) ألف برميل بحلول 2016م . وتشير متابعات (الرأي العام ) إلى أن بدء ضخ النفط سوف يبدأ بمعدل ( 150 إلى 200 ) ألف برميل يومياً وسوف تتابع أربع لجان فرعية مشتركة عمليات ضخ وتصدير النفط، خاصة أن عمليات ضخ النفط ستشمل مختلف حقول البترول في البلاد وسوف تدخل كل الحقول تباعا إلى حين الوصول إلى أكثر من (350)ألف برميل يوميا . وقال المهندس عوض عبد الفتاح، الأمين العام لوزارة النفط ، إن أول شحنة من نفط الجنوب ستعبر حدود البلاد حسب توقعات الجهات المختصة في الفترة من 15 إلى 20 أبريل ثم ستتجه إلى بورتسودان. وحسب المتابعات فان إنتاج جنوب السودان كان قبل إيقاف تصدير النفط في العام الماضي نحو (350) ألف برميل يوميا من النفط الخام واعتمدت الدولتان بشدة على صادرات النفط لجني إيرادات حكومية والنقد الأجنبي اللازم لاستيراد الغذاء والوقود . وكان استيفن داو وزير الطاقة بجنوب السودان قال بالرغم من بدء استئناف ضخ النفط إلا أننا نحتاج إلى أسابيع لملء أنابيب النفط الفارغة توطئة لتصديره إلى ميناء بورتسودان وقال ان عمليات الضخ بدأت من حقل سارجاث الذي يقع في محافظة كوك وسوف تتوالى عمليات الضخ تباعا . وكشف داو عن ترتيبات جارية للاحتفال بالمناسبة بالتنسيق مع الحكومة السودانية في الأيام القادمة.