تعاطي المخدرات يعتبر من اخطر المهددات التي تحصار المجتمع وتهدد كيان الاسرة.. وخطورتها ان اغلب متعاطيها من فئة الشباب الذين يمثلون القوة الدافعة للتنمية.. خاصة وان الاحصاءات تؤكد ان «49%» من المتعاطين هم شباب والاخطر من ذلك ان «4%» منهم من الفتيات. هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تشكل هاجساً للاسر ناقشتها ندوة دور الاسرة في مكافحة المخدرات التي اقامتها وزارة الرعاية وشئون المرأة والطفل. وبما ان للاسرة دوراً ومهماً وكبيراً لمحاصرة الظاهرة فلا بد من حثها على تفعيل هذا الدور حتى تكون التنشئة مستندة إلى المقومات الايمانية وتزكية الاخلاق الفاضلة منذ الطفولة الباكرة لتبعد بالابناء عن مواطن الانحراف والفساد فتأثيرات المخدر كبيرة وخطيرة على المتعاطي فسماته يغلب عليها عدم الصدق ومضايقة الآخرين وعدم الاكتراث بمن حوله والعزلة.. ووجد ان الاشخاص الذين لديهم سجل حافل بالسرقات أو التدخين وتعاطي المخدرات في سن مبكرة يقومون بهذا السلوك لاعتقادهم الخاطئ بانهم يتمتعون بحرية اكبر وان كانت متعارضة مع القيم السائدة في المجتمع أو ضد السلطة والقانون أو العدوان على الآخرين. ويرى علماء النفس والتربية الذين حاضروا في الندوة ان تعاطي المخدرات قد يعبر عن بديل لتفادي الاحباط والحرمان وانه نشاط تعويضي لاعادة التوازن النفسي بين القصور والعجز من جهة والانجاز والعمل من جهة اخرى. وان سوء فكرة المتعاطي عن نفسه واحساسه بأنه منبوذ وغير مرغوب فيه تجعله يميل الى عدم الاكتراث بالأمور المحيطة به وتلازمه السلبية والفشل في التحصيل الدراسي. ويفسر علماء النفس ان تعاطي المخدرات وادمانها عدوان موجه نحو الذات نتيجة فقدان الحب واضطراب العلاقة مع الوالدين. لذا فان عدم النضج الكامل للشخصية وهروبها من الواقع يعد سبباً مباشراً للجوء إلى المخدرات لاعتقادهم بأنها يمكن ان تحقق لهم الاستقلال الذاتي. ايضاً فان العلاقة المضطربة بين الطفل والوالدين يؤدي الى عدم الشعور بالأمن والميل إلى الهروب لمجتمع آخر والاحباط الشديد الذي تعجز قدرات الشخص عن مواجهته وبالتالي يعتبر المخدرات وسيلة هروب من الواقع المؤلم. ويشير علماء النفس إلى ان فقدان المعايير وصراع القيم الفردية مع القيم المجتمعية يؤثر على سلوك الفرد ويدفعهم نحو فقدان التوازن الاجتماعي والاتجاه نحو الانحراف بشكل واضح.. وتوجد عوامل تؤثر على تماسك الاسرة نتيجة للصراع بين اسلوب الحياة الجديدة والقديمة مثل الهجرة أو الثروة المفاجئة وتغيير نمط العمل واسلوب المعيشة. ايضاً بروز شرائح نتيجة للنزوح والحروب تعاني الحرمان والتفكك الاسري وفقدان العائل فيصبح الوالدان عاجزين عن توفير البيئة السليمة لابنائهما فتنمو بيئة المخدرات. ومن المعروف ان ضعف الوازع الديني والاخلاقي من شأنه جعل الفرد فريسة للازمات النفسية التي تؤدي ان الانحرافات المختلفة ومنها آفة المخدرات.. وانتشار المخدرات يرتبط ايضاً بالمناسبات الاجتماعية والرغبة في التقليد والتجريب ورفقاء السوء.. وغياب الرقابة في الجامعات والاندية والمراكز الشبابية.. ولا نستطيع ان نغفل تأثير الفيديو والتلفاز والانترنت هذه الوسائل تساعد على تكوين انماط السلوك للذين لديهم قابلية التقليد. ولان الاسرة هي المتضرر الأول من تعاطي المخدرات اقتصادياً واجتماعياً فيقع دور كبير ومتعاظم عليها في معالجة هذه المشكلة اولاً: في رعاية وحماية الابناء من هذا الخطر ومتابعة اعادة تأهيل ابنائها المبتلين بالادمان. ولكن تبقي معالجة ظاهرة المخدرات مسؤولية تضامنية لقطاعات مختلفة الى جانب المصلحين الاجتماعيين والدعاة.