لا تزال أزمة المواصلات والاختناق المروري تراوح مكانها لليوم الرابع على التوالي بعد تغيير المسارات المرورية في الخرطوم وبحري بتدشين موقف (شروني)، وشهد شارع القصر والشوارع المؤدية إلى وسط الخرطوم ازدحاماً شديداً، مما اضطر المواطنين إلى الترجل من المركبات ومواصلة رحلة الذهاب الى مواقع عملهم وجامعاتهم بأقدامهم، وفي البال تكرار المُعاناة في رحلة الإياب. (الرأي العام) في إطار متابعتها اليومية لأزمة المواصلات في ولاية الخرطوم، سعت للوقوف على الأوضاع: تكرار السيناريو تكرر ذات السيناريو الذي شهده يوم الاثنين الماضي (ازدحام واختناق وحنق) وتعالت اصوات الغضب وسط المواطنين بسبب الدوامة التي وجدوا انفسهم فيها، نتيجة تغيير المسارات ومعاناة المواطنين في قطع اكثر من كيلو متر بأرجلهم من داخل موقف شروني الى وسط الخرطوم ومواقف المواصلات في الإستاد وموقف السكة الحديد ومن بينهم مسنون ومرضى ونساء، إما بسبب جهلهم بوجود بصات النقل الدائري أو لضيق ذات اليد للبعض وعجزهم عن دفع اجرة مرة اخرى للنقل الدائري. ورصدت (الرأي العام) مئات المواطنين يزحفون نحو وسط الخرطوم بأرجلهم, يَتصبّبون عرقاً وبلغ بهم الوهن مبلغه.. وانتقد المواطنون فكرة النقل الدائري الذي يضع بند صرف آخر في ميزان مدفوعاتهم.. وقال المواطن حسن عبد الرحيم وهو يقطن في الصحافة بأنه وجد نفسه في موقف شروني وبما انه لا يعرف شيئاً عن النقل الدائري توكل على الله واعتمد على قدميه للوصول الى السوق العربي. شق الأنفس الساعة كانت تشير الى الواحدة بعد منتصف النهار يوم امس الثلاثاء والشمس تتخذ وضعاً عمودياً وترسل أشعتها اللاهبة على رؤوس العباد.. احمد ادريس وابنه وزوجته يسيرون بخطى متثاقلة والعرق يتصبب بغزارة ويكاد يبلل ملابسهم, أحمد القادم من ولاية سنار لا يعلم شيئاً عن التغييرات الجديدة وخطوط النقل الدائري طاف الموقف الجديد شبراً شبراً بحثاً عن خطوط (السلمة) ولم يجد إجابة سوى الوجوم الذي كان يعتلي وجوه الباحثين عن المواصلات مثله، ويقول أحمد بأنه يصطحب معه ابنه المريض الذي أكمل علاجه بالمستشفى قبيل ساعات وزوجته ويريدون الذهاب إلى (السلمة) حيث أقربائه، واشار له احد المواطنين بالذهاب الى شروني حيث الموقف الجديد فذهب الى هناك, واخذ يسأل عن مواصلات (السلمة) ولكنه لم يجد اجابة وطاف بابنه المريض وزوجته ساعتين تحت هجير الشمس القائظ, قبل ان يدله احدهم بالذهاب الى السكة الحديد, واتجه صوب السكة الحديد وجسده لا يكاد يحمله كما قال.. وأردف: (ابني مريضٌ وقد يتعرّض لانتكاسة.. اما انا وزوجتي يمكننا ان نسير ساعات ولكن ما ذنب هذا المريض) وقبل ان يكمل جملته قاطعه احد المارين او الباحثين عن المواصلات في الطرقات واسمه (ابو الحسن حماد) بقوله: «انا وزوجتي اتينا من امدرمان ونقصد (بري) ونزلنا في السكة الحديد»، وقال لنا احدهم اذهبا الى شروني والآن في طريقنا اليه بأرجلنا، وسرنا نحو اكثر من كيلو متر.. وتساءل بقوله: (اين الحلول والراحة التي وعدنا بها الولاية.. وثم الى متى يستمر الحال على هذا النحو..؟) كنا قد سعدنا جداً عندما سمعنا بأن الولاية بصدد إدخال بصات اضافية لحل مشكلة المواصلات, واضاف بان التخطيط لهذا الموقف وتوزيع الخطوط على هذا النحو خطأ كبير وربما لم تسبقه اية دراسات، وكان الاجدى أن يوزِّعوا الخطوط حسب منافذها الى الخرطوم مثلا خطوط الجهة الغربية يتم توزيعها في المواقع التي تقع بالشرق والعكس. اما داخل موقف شروني اختلط الحابل بالنابل والمواطنون يسألون بعضهم عن مواصلات مناطقهم, وبينما نقف بالقرب من البصات الدائرية اقترب مواطن غاضب صب جام غضبه على المسؤولين وقال انا منذ ساعتين ابحث عن المواصلات ولم اجدها.. وأردف: (ما هذا الذي يحدث نريد أحد المسؤولين يجيب على تساؤلاتنا..؟) تعديلات اضطرارية ربما فطنت الجهات الرسمية للأخطاء المرورية الفادحة التي وقعوا فيها في تحديد المسارات الجديدة بعد تسببها في الاختناقات والازدحام المروري وعلى الفور تم تعديل بعض المسارات حسب عبد الله ابو ريا الامين العام لنقابة الحافلات بشرق النيل، وقال ابو ريا ل (الرأي العام) من داخل موقف شروني إن تحديد شارع الطابية لمركبات شرق النيل وبحري احدث ارتباكاً شديداً مما خلق اختناقاً شديداً, وكان رأي النقابة ان تبقى خطوط شرق النيل وبحري في الإستاد وتنقل خطوط جنوبالخرطوم وشرقها الى شروني، ولكن الجهات الأخرى اصرت على رأيها بتحويل شرق النيل وبحري الى شروني, واضاف أن هناك تعديلاً أجري على مسار خطوط شرق النيل بحيث تأتي بشارع السيد عبد الرحمن حتى تقاطع القصر ومن ثم يتجه جنوبا الى بيويو كوان ومنه الى شروني, فيما تم تحديد مسار لخطوط بحري الدخول بشارع الجامعة حتى السيد عبد الرحمن ومنه الى بيويو كوان والى شروني ويخرج بشارع القصر, واقر ابو ريا بوجود مشاكل في الموقف حيث انه لا يسع للعدد الكبير من حافلات الخطوط المنقولة اليه , وثانياً هناك مدخلان فقط بالناحية الشرقية قد يسبب صعوبة في الدخول الى جانب عدم وجود حمامات او الخدمات الاخرى , وفيما يتعلق بهروب بعض المركبات الى خطوط اخرى غير مرخص بها قال ابو ريا ان عدم الانتظام والربكة التي حدثت اول امس هو السبب لان الازدحام عرقل انسياب الحركة ومن ثم التوقف لساعات في الشارع , فالسائق عليه التزامات وبدلاً عن حمل الركاب الى الخطوط المزدحمة والمختنقة آثر العمل في الخطوط الاخرى للإيفاء بالتزاماته. أخطاء فادحة أخطاء فادحة صاحبت خطوة تشغيل الموقف الجديد حسب المواطنين والمتابعين, وعلى رأسها غياب المعلومة لدى المواطن والسائقين, ويقول الاستاذ سعد محمد احمد اعلامي وكاتب صحفي قال ل (الرأي العام) ان هناك بعض السلبيات التي صاحبت خطوة تشغيل الموقف واشار الى انه كان من الضروري ان تكون هناك حملة تعريف بالمواقف قبيل اكثر من شهر من افتتاح الموقف, فهناك الكثير جدا من المواطنين لا يزال يجهلون عن الخطوط الدائرية ومواقف خطوط المركبات لمدن وضواحي الخرطوم, فيما كان من المفترض ان تجرى بروفة للمسارات الجديدة للتأكد من خلوها من أي عيب يفضي الى ازدحام او اختناقات مرورية كما حدث اليوم وامس وقبله, وطالب سعد ادارة المرور بالولاية بتوزيع عناصرها في الطرقات لارشاد المركبات والمواطنين وتخصيص فقرات في التلفزيون والإذاعة ومساحات في الصحف ونشرات إرشادية , واضاف انه من الخطأ ان تعتمد الولاية في توصيل المعلومات للمواطن بالطريقة العشوائية التي حدثت! أخيراً الجهات الرسمية لا تزال في موقف المتفرج بالرغم من التعديلات الاضطرارية في بعض المسارات لخطوط شرق النيل وبحري, ولا يزال المواطن يعاني من الأزمة التي أنهكت قواه النفسية والبدنية والاقتصادية, ونحن من هنا نناشد سلطات ولاية الخرطوم بإيجاد حل عاجل قبل ان ينفجر الغاضبون ويتحول البحث عن مخرج من ازمة المواصلات الى بحث عن مخرج من ازمات أخرى تكلف المواطن والدولة كثيراً.