حسرة هي ألا ينتبه اتحاد المرأة و لا نساء المؤتمر الوطني و الأحزاب السودانية و منظمات المجتمع المدني و مناصري النساء و الحقوق في السودان لهذه الصورة الزاهية و الموقف الإنساني النبيل ليوفوه حقه من الذكر و التكريم. أعلم أن زهرة محمد علي لا تحتاج إلى تكريمهم بل نحتاج أن نكرم أنفسنا عبرها. امرأة شابة تفتحت في فضاء الهامش المضمخ بالدماء و الغدر و الخيانة لم يثنها فجيعتها في فقد العديد من أهلها و أعمامها من الذين قتلوا غيلة و بدم بارد و هم آمنون في ديارهم. أخرجتها رصاصات الكذبة الذين يدعون زيفا أنهم حماة المهمشين و ليسوا غير سدنة المطامع و مص الدماء. خرجت زهرة بعد أن لعلع الرصاص في أبو كرشولا حملت طفلتها الصغيرة و نجت من الموت المخيم في أرجاء القرية الساكنة. في طريق الفزع و الخوف تفاجأت باطفال القرية الذين تعرفهم و تعرف أهلهم و قد تشتتوا في الطرقات حفاة عراة يسكنهم الفزع من الموت المنتشر و السلاح الداوي سارت زهرة في الطريق و هي تجمع أطفال اب كرشولا في الطرقات و سارت أكثر من أربعين كيلو مترا إلى أن وصلت الرهد تكابد مشقة طمأنة الأطفال من حولها و قد بلغوا ستة و ثلاثين طفلا تقيهم غاشية الحر بالسير ليلا و تبعث فيهم ما تستطيع من شعور بالأمن يكفي الطريق و يبلغ بهم مأمنهم شجاعة نادرة من امرأة بالكاد تجاوزت العشرين من عمرها. ليست عظمتها في تجاوز الخوف و الهلع بل في هذه النفس الصافية التي تأبى إلا أن تمتلئ بشعور الحنان و الأمومة لحماية أطفال و هي تعلم أن بينها و الموت رصاصة طائشة أو موجهة و يمكن أن تموت بقذيفة أو ذبحا و قد ذبح أهلها على مسافة منها تكريم زهرة لأنها امرأة تستحق و قدمت نموذجا متفردا و تكريم زهرة لأنها أظهرت بؤس أقوام للأسف هم من أهل السودان تخلوا عن قيم أهل السودان و فتكوا بذوي القربي و لم يكن ذنب زهرة و أهلها و قريتها إلا أنها من قبيلة تنسب إلي العروبة و من منطقة أضاءتها نيران القرآن منذ أن حل بها الشيخ ابو كرشولا. تكريم عزة عبرة لتجاوز هذا القبح الذي تبدى في كردفان و تكريمها يمثل وقفة في حضرة امرأة أدركت قيمة الإنسانية و قيمة الطفولة و فضل التضحية و شجاعة تقدم فيها النفس و لا تبالي