بإصدار جهاز الأمن والمخابرات الوطني لبيانه الذي أكد فيه وجود الحلو المطلوب من الخرطوم، بمناطق التصعيد العسكرى، بدا الأمر مربكاً للبعض بعد أن ذهبت التصريحات طوال الأيام الفائتة إلى أن الحلو قد قتل ودفن بواو، بيان الأمن الذي كشف الستار عن حقيقة وضع الحلو، جاء بعد سلسلة طويلة من الاشاعات حيال مقتل الرجل لتتطور حد تحديد موضع دفنه بواو، وأكد بيان الجهاز أن عبد العزيز الحلو قائد متمردي ما تُسمى الجبهة الثورية التي هاجمت مناطق أم روابة وأبو كرشولا، يدير أعمال القتل والنَّهب بولاية جنوب كردفان، مستهدفاً المدنيين وممتلكاتهم ويشرف على أعمال المحاكمات الميدانية ببعض المناطق حتى السبت أمس الاول، منوهاً الى أن الحلو محاصر بحيث لا يستطيع تكرار ما قام به في أم روابة وأبو كرشولا. فيما تواصل القوات المسلحة معاركها بدعم وإسناد كل القوات النظامية وشبه النظامية الأخرى. وقال مدير إدارة الإعلام بالجهاز، إن السلطات تعلم موقع الحلو، وإنها تتعامل معه باعتباره إرهابياً ارتكب جرائم إرهابية ضد المدنيين، وتورَّط في أعمال للقتل والسَّلب مما يجعله مطلوباً للعدالة. بعيداً عن تحديدات بيان جهاز الأمن، الا أن توقيت الصدور فى أعقاب رحلة من الانتظار قاربت الأسبوع، أسس لتناقضات فى معلومات الدولة حيال الوضع بمناطق التصعيد العسكرى، وخلق حالة من الإحباط فى الشارع العام إزاء كيفية إخراج الرواية الرسمية،. وبحسب العميد (م) حسن بيومى فإن بيان الأمن بعد طول المدة يكشف وجود ما يشبه الارتباك فى بعض مؤسسات الدولة، وقطع بأن حديث محمد الحسن الامين رئيس لجنة الأمن والدفاع حديث غير مختص لجهة أنه المصدر الرسمى الذى أكد الروايات التى صنفت بالإشاعات، وتسبب فى خروج بيان الأمن مما يجعل البلاد بين روايتين، وقال ل(الرأى العام): (ارتباك الأجهزة انعكس على الشارع خوفاً وقلقاً وتسبب فى تراجع مصداقية الجماهير فى بعض الأحاديث والبيانات الرسمية ، وخلقت شيئاً من إحباط المواطنين وكشفت عن عدم توافر المعلومات بالقدر الكافي). خطورة حديث الخبير الأمنى بدت فى إمكانية استنتاج نفس الرؤية من قبل الأطراف الأخرى الموصوفة بالمعادية وتفسيرها للارتباك الماثل وتناقض التصريحات بحالة ضعف تكتنف الدولة، مدللاً على ذلك بإعلان تكوين كتيبة استراتيجية لحماية الخرطوم من قبل معتمد الخرطوم وقال: (العاصمة هى العمود الفقرى للأمن القومى، ومثل ذلك التصريح فى هذا التوقيت يثير الهلع ويقلق السفارات ويضرب الاقتصاد ويطرد الاستثمار ، لأنه يشير لمهددات تجتاح العاصمة القومية). مراقبون، فسروا تناقض التصريحات حيال ملف الحلو، بتكنيك حكومي محكم الترتيب فى سياق خطة شاملة تستهدف الجبهة الثورية، بالايحاء بوجود ارتباك بين مؤسسات المعلومات الحكومية، الأمر الذى سخر منه د. عبد الناصر سلم عضو المجلس الثورى للتحرير والعدالة المتواجد بكمبالا، كاشفا عن وصول عبد العزيز آدم الحلو المطلوب من قبل الحكومة السودانية القيادي بالحركة الشعبية (قطاع الشمال) الى بروكسل، وكان في استقباله بمطار بروكسل وفد مكون من الجبهة الثورية برئاسة محمد اسحق الناطق الرسمي باسم حركة تحرير السودان سابقا. وقطع ل(الرأى العام)عن إسعاف الحلو بأحد أبرز مستشفيات بروكسل تحت الإشراف الطبي كامل، ولخص حالته الطبية مبدئيا بنزيف في المخ جراء ارتطامه بجسم صلب، بجانب كسور مركبة في الأضلاع، مؤكداً وجود صورة من التقرير الطبى سيتم نشرها. وفيما ذهب بيومي الى أن الهدف من بيان الأمن التأكيد على إمساك الخيوط وإيقاف حالة التصريحات الكثيفة. إعتبر د. ربيع عبد العاطى عضو القطاع السياسى بالحزب الحاكم أن تصريحات محمد الحسن الامين ليست مختصة كجهة رسمية وبيان الجهاز هو من يحدد بحكم توافر المعلومات لديه، وأعتقد أن كل من يصرح حديثه صحيح، والمؤتمر الوطنى بقطاعه السياسى ومكتبه القيادى ليس معنياًُ بأن ثمة تقديرات شخصية لآخرين فى الدولة. وقال ربيع ل(الرأى العام): (الحالة الحالية وكثرة المعلومات شهدتها أيضاً المحاولة التخريبية ، لكن عندما صدر التصريح من الجهة المختصة التزم الجميع بما ورد عنها، باعتبارها جهيزة التى قطعت قول كل خطيب). الخبير الإعلامى عبد العاطى لم تخطئ عينه أن ثمة تناقضا فى الأمر يمكن أن تلتقطه الدوائر المعادية لنظام الحكم وتفسره ضعفاً واقر بأن هذه معركة ضمن معارك عسكرية لها جوانبها الدعائية ، لكن ثمة أطرافاً فى هذه المعارك هى من تحدد كيف تدير المعركة بجوانب يقصد منها شيء ما ، فالأمر برمته خاضع للتقديرات.. فيما يرى وليد محمد سليمان الناشط الدارفورى بسويسرا عضو حركة العدل والمساواة، بأن ما يحدث يمكن تفسيره كارتباك حيال موضوع الحلو، ودليل على تخبط دوائر الحكومة واستشعار خطر الحلو الذي أراد نقل الحرب إلى خارج ميدان المعركة المعتاد. بيد أنه وصف توقيت الضربة بغير السليم ، لأنه يرسل رسائل مفادها أن الجبهة الثورية تسعى لزعزعة أماكن أخرى وولايات لا مشاكل فيها. وفي محور دعم الجنوب للجبهة الثورية، يذهب سلم الى أن وقوف الجنوب خلف الهجوم يبدو جلياً من خلال نوعية التسليح الذى هاجمت به الجبهة الثورية ام روابة واب كرشولا، ويكشف بأن فك الارتباط شكلى برغم أن الهجوم بعيد عن حدود الجنوب. عموماً غض النظر عن الهدف الحقيقى من العملية العسكرية للجبهة الثورية الا أن مراقبون، يذهبون الى أن ثمة حقائق يمكن استنتاجها من العملية وربما يكون لديها تأثيراتها المحتملة على الأرض وطاولات التفاوض المقبلة.