تسعة وأربعون يوما مرت بهذا اليوم على التحاق حركة العدل والمساواة بزعامة محمد بشر باتفاقية الدوحة لسلام دارفور التي وقعتها مع الحكومة لأجل استدامة السلام في الإقليم، وظلت الحكومة طيلة السنوات الماضية تدعو وتطالب الحركات المتمردة وحاملي السلاح للجلوس إلى طاولة الحوار.. البعض استجاب لذلك النداء إيمانا منه بأن الحوار أفضل الوسائل لحل القضايا الخلافية مع الحكومة، وأفضل الطرق لتحقيق تنمية وأمن وسلام ولايات دارفور، اما البعض الآخر وعلى رأسهم فصيل جبريل ابراهيم، فضل التمرد وحمل السلاح في دارفور واعتبره الوسيلة الوحيدة لأخذ الحقوق. التيارات الرافضة للسلام، لم تكتف بالهجوم على المناطق الآمنة وتنفيذ عمليات السلب والنهب، وانما مضت أبعد من ذلك بمحاولة إزاحة الستارللتفاوض مع الحكومة والانحياز لخيار السلام، وأرست بذلك ثقافة جديدة بتنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات جسدية لكل من ينشد الاتفاق مع الحكومة، ففاجأت حركة العدل والمساواة ? فصيل جبريل إبراهيم الرافض للسلام_ الساحة يوم الأحد الماضي باغتيال محمد بشر رئيس الحركة الموقع على اتفاق الدوحة ونائبه سليمان اركو ضحية وعدد من قيادات الحركة الموقعة على السلام، الأمر الذي ألقى بظلال كثيفة على الساحة المحلية والاقليمية والدولية، خاصة شركاء سلام دارفور والقائمين على أمره. الحكومة كجهة راعية للسلام وتسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار لولايات دارفور على وجه الخصوص، أدانت بشدة عمليات الاغتيال التي طالت قادة الحركة الموقعين على السلام، واعتبرت وزارة الخارجية - في بيان لها ? عملية الاغتيال جريمة إرهابية جديدة في سجل فصيل جبريل إبراهيم والجبهة الثورية، وأوضح البيان أن ما يمارسه فصيل ابراهيم والجبهة الثورية استهداف لعملية السلام والأمن والتنمية في دارفور، وشدد البيان على ان هذه الاغتيالات ستضاف الى سجل ما قامت به الجبهة الثورية في مناطق (أم روابة والسميح والله كريم وأبوكرشولا) في حق المدنيين العزل والأطفال والنساء بكردفان. ولم تتوقف الخارجية على الادانة فقط، بل طالبت على لسان وزيرها علي احمد كرتي، المجتمع الدولي وحثت المنظمات الاقليمية الدولية وعلى رأسها الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي بان تصنفها ضمن المجموعات الارهابية التي تهدد السلم والأمن، واعتبرت الخارجية العملية بداية طريق تكشف النوايا التي تحملها الحركات المسلحة تجاه البلاد، التي تؤكد انها تصر على الحرب والقتال واستصحابه كوسيلة لتحقيق الطموحات السياسية لعناصرها في الحركة ومن ينتمون اليها وذلك من خلال رفضها الدائم لمبدأ الحوار والالتحاق بوثيقة سلام الدوحة. وتطرق بيان الخارجية الى ما تمارسه الحركة في حق المدنيين من التصفيات الجسدية لمن ينضمون لخيار السلام من قيادات الحركات الاخرى التي اكدت انها اغتالت احد العسكرين التابعين للحركة الموقعة على الاتفاق في ابريل الماضي، اضافة للتصفيات والمذابح التي استهدفت بعض القيادات من قبيلتي (الميدوب والمساليت) في الأعوام الماضية. ويبدو أن الدعوة التي أطلقتها الخارجية للعالم لإدانة هذا المسلك، كانت محل استجابة فبادرت البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بدارفور (يونميد)، واكدت إدانة محمد بن شمباش الممثل الخاص للبعثة لعملية الاغتيال، ووصفه بانه يستهدف أمن واستقرار ولايات دارفور، وأرجع في بيان له بالفاشر، سبب اغتيال محمد بشر ومجموعته لانهم فضلوا خيار السلام وسعوا لإيجاد الحل السلمي للصراع بانضمامهم لوثيقة الدوحة خاصة وأنها تحظى بدعم كامل من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بصفة عامة باعتبارها طريقا للسلام الدائم بالإقليم، وطالب شمباش الأطراف المشاركة في القتال بدارفور، خاصة الحركات المسلحة غير الموقعة على الاتفاقية بضرورة وقف تلك العمليات، واحترام القانون الدولي الإنساني والانخراط في تسوية سلمية للصراع. من ناحيته، أدان ايضا الاتحاد الافريقي الحادثة، ولم تستبعد د. انكوسازانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد، ان يكون الهدف من مقتل رئيس الحركة وبعض القيادات، إثناء الجماعات المسلحة في دارفور عن الانضمام إلى عملية السلام، واكدت التزام البعثة والاتحاد والامم المتحدة في دارفور بتقديم الجناة المسؤولين عن هذه الجريمة الى العدالة، ودعت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي عناصر الحركة الموقعة على السلام لضبط النفس لأجل أن يأخذ القانون مساره كاملا، وطالبت الحركات المسلحة التي لم تنضم الى عملية السلام في دارفور بأن تحذو حذو حركة العدالة والمساواة لجهة إرساء السلام والاستقرار في دارفور. وكذلك أعربت دولة قطر عن إدانتها واستنكارها الشديد لحادث اغتيال محمد بشر ونائبه وعدد من قيادات الحركة وأكد مصدر مسؤول بوزارة الخارجية في تصريح لوكالة الأنباء القطرية، أن دولة قطر تدين مثل هذه الأعمال الإجرامية التي تمثل استهدافاً لعملية السلام والاستقرار بدارفور، وتدعو المجتمع الدولي كافة لإدانة هذه الجريمة النكراء، وتطالب المنظمات الدولية والإقليمية بالضغط على الحركات المسلحة التي تهدد الأمن وتروع الأبرياء لكي تجنح للسلم، كما تدعو جميع الفصائل الدارفورية للعمل على دفع عملية السلام ونبذ العنف والجلوس للتفاوض حتى تحقق اتفاقية سلام دارفور غاياتها المنشودة. وعبّر المصدر عن تعازي دولة قطر ومواساتها للحكومة السودانية ولأسر الضحايا وللشعب السوداني الشقيق في هذا الحادث الأليم. وجدّد المصدر مواقف دولة قطر الثابتة بنبذ العنف والإرهاب بمختلف أشكاله وصوره وما ينجم عنه من ضحايا وترويع للآمنين. وعلى ضوء هذه الإدانات الدولية التي تؤكد أن تلك المجموعات ارتكبت جرائم مخالفة للقانون الدولي، فقد تقدمت الحكومة أمس عبر مندوبها الدائم في نيويورك السفير دفع الله الحاج علي بشكوى لرئيس مجلس الأمن الدولي بشأن الهجوم الذي نفذته حركة العدل بقيادة جبريل إبراهيم، واعتبر السفير دفع الله خلال رسالة بعث بها لرئيس المجلس الحادثة خير مثال على رفض المتمردين للتوصل لتسوية سياسية عن طريق التفاوض مع الحكومة، وأكد انه كلما كانت هناك خطوات ناجحة باتجاه السلام تقوم الحركة بوضع العقبات والعراقيل أمام تنفيذه، وطالبت رسالة المندوب الدائم بتوقيع عقوبات على منفذي الحادثة.