المنتديات الثقافية وأمسياتها مع قلتها كانت في فترة من الفترات المتنفس الوحيد للعائلات ، التي تجد فيها ضالتها من حيث الترفيه ، والتواصل مع بعضها بصورة دورية ، وذلك من خلال ما تنظمه من ليالي تصب محتويات برامجها في الشأن الاجتماعي والثقافي والأدبي مما يؤهلها إلى أداء الرسالة المنوطة بها في عكس نشاطات مجتمعية للأسر التي تبحث دوماً عن برامج ترفيهية وثقافية وتربوية في نفس الوقت ، الا انه في السنوات القليلة الماضية سجلت كثيراً من الأسر غياب تام عن هذه المنتديات ، ربما ان ما تقدمه هذه المنتديات من برامج لا ترقى الى ذوق العائلات ، او أن هذه الأسر وجدت البديل الذي يشبع رغباتها بعيدا عن الأندية التي نجدها دائما تكتب على لافتاتها الى جانب انها ثقافية (اجتماعية) ، وأكثرها تفتقد هذه الصفة!! والغريب في الأمر ان الأسر التي تحضر لتشهد بعض الليالي كل اسرة تحجز (طاولة) ، ويتبادلون الحديث فيما بينهم ، دون التداخل والتعارف مع الأسرة الاخرى الى ان تنتهي الليلة!! (1) وبما أن المنتديات الثقافية مرآة تعكس النشاطات المجتمعية بما فيها الحراك الثقافى والسياسي وهي الوعاء الذي يجمع الشرائح المختلفة للمجتمع مع اختلافاتها وينضوي تحتها مجموعة مهمة من المجتمع وهي شريحة الشباب ، وايضا الأطفال يجب ان تكون على قدر المسؤولية التي انشئت بشأنها!! وكما هو معلوم ان الحركة الاجتماعية والثقافية خلال هذه المنتديات بدأت من زمن مبكر في السودان من قبل الاستقلال ، وكانت اندية الخريجين فى كل من كوستي وربك ، وعطبرة ، وبورتسودان ، ومدني وغيرها، وكانت تؤدي نفس الدور التي تقوم به المنتديات الآن، وكانت قبلة لكل النشاطات الثقافية ، والاجتماعية ، من حفلات غنائية ، ومسرحيات ، وندوات سياسية ، وعلمية!! بعض الاسر اعترفت بخصومتها للمنتديات الثقافية التي صارت معظم برامجها عبارة عن (غناء) ، بعيدا عن تقديم ما يطلبه الرواد وأسرهم ، وقالت (حنان) ربة منزل ل(الرأي العام): انها استبدلت المنتديات بشارع النيل ، حيث الهواء الطلق والمناظر الجذابة ، فهي لم تنف الدور الثقافي الذي تقوم به بعض المنتديات إلا انها لا تهتم بإقامة الايام الاسرية التي تصنع التعارف والحميمية بين الناس!! بينما تمنى (أحمد) الموظف بأحد البنوك ان تعود الاندية ومنتدياتها الى سابق عهدها ، وقال: ان المنتديات كانت ذات طابع عائلي متماسك ومترابط ، والاسر تقضي فيها وقتا جميلا يتسم بالإلفة ويتقاسمون فيه الفرح و(الونسة) في مواضيع شتى، وقال:دوما نتطلع الى اندية تشابه كثيرا من الاندية في الدول من حولنا ، تجمع الاسر بمفاهيم معينة تحبذها الاسر وتنال رضاها ليس من بينها امسيات (الاغاني) فقط بل تتضمن برامج جميلة ترغبها الاسر وابناؤها!! وتساءل (احمد) هل تتفاعل هذه المنتديات مع المجتمع كما عهدها السابق ام ان (الدهر اكل عليها وشرب؟؟) خاصة وان الحاجة اليها ماسة اكثر من ذي قبل لعوامل عديدة ابرزها الضغوط الاقتصادية الحرجة مما يجعل الكثيرين يتطلعون الى قضاء امسيات مريحة في هذه المنتديات!! (2) بعض المهتمين بالشأن الاجتماعي والثقافي يرون ان هذه المنتديات لها رسالة سامية ادتها من قبل ولكن لابد من تأهيلها لتؤدي رسالتها على اكمل وجه ، وقالوا: ليس بالضرورة ان تلتزم (المنتديات الثقافية) ببرامج معينة، وتحصر نفسها فيها ، ويمكنها ان تقيم الى جانب الليالي الثقافية والادبية ، امسيات عائلية بحتة بمثابة التواصل بينهم ومعرفة احوال بعضهم في هذه الامسيات، وقالوا: مثل هذه الامسيات ستكون جاذبة لأفراد الاسرة ، إذ انها تخلق علاقات طيبة بين العائلات التي تداوم على الحضور الى المنتديات الثقافية ، ويكون (المنتدى) بيتاً ثانياً لهم، تتفجر فيه الطاقات الإبداعية ثقافياً وفنياً ورياضياً، ويتجلى فيه الترابط الاجتماعي، وفي ساحته تتبدى قيم المجتمع السوداني المتكافل في جنباته، ويبث الشباب آمالهم وتطلعاتهم، ومنه تتبلور أفكارهم، وتنطلق بما ينفع مجتمعهم ، وما يزخر به المنتدى من أنشطة عديدة ويعمل، كل حسب اهتمامه وميوله!! (3) عموماً تعتبر المنتديات الثقافية والاجتماعية من أبرز الوسائل التي تسهم في تنمية المجتمع وتعريف أطيافه بما يدور حوله، ولعل من أبرز ما تقوم به هذه الأندية من دور فعال هو تنمية المعارف الثقافية والعلمية لدى المجتمع إضافة إلى التواصل بين أفراد المجتمع، وكذلك توعية المواطن بمسئولياته الاجتماعية والثقافية والسياسية والإعلامية داخل المجتمع!!