ظلت أزمة المواصلات بولاية الخرطوم تتفاقم يوم بعد الآخر، وازدادت معاناة المواطنين بصورة ملحوظة منذ البدء فى نقل موقف المواصلات الى موقف شروني وتطبيق نظام الخطوط الدائرية ، وأصبح المواطن يلهث وراء الحصول على المواصلات او معرفة كيف يتنقل بين مدن العاصمة الثلاث واحيائها ال(1471) حياً او الأسواق والمرافق الخدمية، لتصبح الوسيلة السهلة والصعبة فى نفس الوقت ان يمشي (المواطن راجلاً) لتظهر طوابير من المشاة.. لكن هذه المعاناة يبدو انها (عادية) فى نظر المهندس صديق محمد على الشيخ وزير المالية بولاية الخرطوم وزير التخطيط المكلف ، الذى علق فى الجلسة الاستثنائية لمجلس وزراء حكومة ولاية الخرطوم أمس والتى خصصت لمناقشة قضيتي المواصلات وتشغيل الخريجين قائلاً: ( مواقف المواصلات قبل كدا تم تحويلها الى موقف كركر وما حصلت ضجة كهذه، الجديد شنو هذه المرة ..؟ ... استفهام الوزير الذى كلفه مجلس الوزراء فى جلسة الأمس برئاسة لجنة لوضع حلول عاجلة للأزمة وعرضها على المجلس فى جلسة الأسبوع المقبل ، أجاب عليه والي الخرطوم د.عبد الرحمن الخضر الذى اعترف بحدوث اخفاقات صاحبت تجربة تحويل مواصلات وتطبيق تجربة الخطوط الدائرة ، حيث أقر الوالي فى ذات الجلسة قبل ان يصدر قراراً بتشكيل اللجنة الوزارية برئاسة الوزير صديق، بأن هنالك إخفاقا فى الربط بين المواقف، وإخفاقا فى تعديل مسار بعض المواصلات، وإخفاقا فى تفاصيل تنفيذ خطة النقل الدائري بحيث أغفلت استغلال بعض الشوارع التى يستخدمها الناس فى الوصول الى وسط الخرطوم الأمر الذى يستدعي وضع رؤية جديدة توازن بين الخطة العلمية لمعالجة أزمة المواصلات والاستجابة لاحتياجات المواطنين فى الوصول الى وسط الخرطوم ومراكز الخدمات. جلسة استثنائية وزعت حكومة ولاية الخرطوم رقاع الدعوة على رؤساء التحرير وقيادات الأجهزة الإعلامية والصحفية لحضور جلسة مجلس الوزراء ليوم (أمس) والتى خصصها المجلس لمناقشة قضيتي تشغيل الخريجين وأزمة المواصلات ، لتبدأ الجلسة فى الحادية عشرة صباحا وتنتهي فى الثالثة والربع بعد الظهر ، حيث استهل د.عبدالرحمن الخضر والى الخرطوم بترحيب الحضور وفى مقدمتهم العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية الذى شرف الجلسة والصحفيين والإعلاميين، ليصف الوالي جلسة مجلس الوزراء بانها (استثنائية) لكونها تعقد بهذا الحضور، وتكون مفتوحة وعلى الهواء، وفى صالة (برستيج) بأرض المعارض ببري وليس فى مقر أمانة حكومة الولاية، بجانب انها تناقش قضايا الساعة وهموم المواطنين سواء تشغيل الخريجين، او أزمة المواصلات . تشغيل الخريجين وأتاح الوالي بعد هذه التقدمة الفرصة الى د.أمل البيلي وزيرة التوجيه والتنمية الاجتماعية وأركان حربها لاستعراض رؤيتهم لتشغيل الخريجين وتوفير نحو (30) ألف فرصة عمل جديدة للخريجين منها (20) ألف فرصة عمل عبر مشروعات التمويل الأصغر، و(5) آلاف وظيفة عبر القطاع الخاص، و(5) آلاف عبر التنافس فى الوظائف التى تطرحها ولاية الخرطوم لاستيعاب الخريجين فى وظائف بالمؤسسات والوزارات والوحدات بالولاية. وبدأت الوزيرة فى قراءة لوحها وتلاوة رؤيتها لتشغيل الخريجين بالأرقام المحققة خلال السنوات الماضية عبر آليات الوزارة المعنية بمعالجة قضايا الفقر وتشغيل الخريجين والمتمثلة فى مؤسسة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم وصندوق تشغيل الخريجين وهيئة تنمية الأعمال الصغيرة وغيرها من الآليات . وأوضحت الوزيرة تطور مسيرة التمويل الأصغر وبرامج تخفيف حدة الفقر (الانتاج والتشغيل) من حيث المشروعات والمستفيدين وحجم التمويل، مبينة أن عدد المستفيدين من التمويل الأصغر عبر مؤسسة التنمية الاجتماعية من خلال تمويل المشروعات الصغيرة فاق ال(33) ألف مستفيد، بينما بلغ حجم التمويل (32.3) مليون جنيه كما طالت المشروعات من حيث التوزيع القطاعي قطاعات( التجارة والخدمات والزراعة والصناعة) بنسبة (61%، 30%، 5%، 4%) لكل على التوالي، بينما تقدم اكثر من (19) ألف خريج للحصول على مشروعات التمويل الأصغر والعمل الحر، فيما تم تشغيل اكثر من (8) آلاف خريج فى مسارات عمل الصندوق المختلفة ومنها الحاضنات الزراعية والهندسية الطبية وحاضنة مركز الصادرات وتمويل مشروعات الأفراد . وأشارت الوزيرة الى ان هيئة تنمية الصناعات والأعمال الصغيرة نفذت مشروعات عديدة بلغت كلفتها نحو (125) مليون جنيه شملت مشروعات الوثبة الثالثة من التاكسي والتمليك للكوادر الصحية ومشروع العملاق لتطوير الأعمال وتوفير (550) عربة تاتا (عربات البركة لتشغيل الشباب) وتمليك (200) بص وتنفيذ عقودات لتوريد معدات صناعات صغيرة. توسيع دائرة الإنتاج والتشغيل وكشفت الوزيرة عن اكتمال الترتيبات لتدشين مشروعات توسيع دائرة الإنتاج والتشغيل ضمن فعاليات مهرجان التشغيل الثاني الذى سينطلق السبت المقبل بتوفير (20) ألف فرص عمل بولاية الخرطوم عبر التمويل الأصغر والصغير لقطاعات الشباب والخريجين والعاطلين والمعاشيين وتشجيع ثقافة العمل الحر وتخفيف حدة الفقر، بينما تم تدشين (100) عربة من مشروع عربات البركة ضمن فعاليات جلسة مجلس الوزراء امس ، تمهيداً لانطلاق فعاليات مهرجان التشغيل الثاني بالسبت والذى يشمل تسليم مشروعات للمستفيدين وخطوط انتاج وخياطة وجلود ومشغولات وحديد بجانب مشروعات ستتم اجراءات تمويلها. الشفافية والقصور بعد حديث الوزيرة وأركان حربها أتيحت الفرصة للحضور للمداخلات ، حيث حذر البعض من انعدام الشفافية فى توظيف الخريجين رغم أداء لجان الاختيار للقسم ، بجانب قصور مشروعات التمويل الاصغر عن مخاطبة احيتاجات المواطنين وتركيزها على اجتياجات حكومة الولاية، بينما كان يفترض ان تركز المشروعات على تمويل مشروعات الأطباء والمعلمين لتوفير الخدمات الصحية والتعليمية بالأحياء الطرفية بالولاية . سيطرة أزمة المواصلات ورغم الزمن القصير الذى تبقى من جلسة مجلس الوزراء واستئثار قضية التشغيل والتمويل الأصغر بوقت كبير، إلا ان قضية المواصلات رغم قصر الزمن الممنوح لتداولها سيطرت على مداولات جلسة مجلس الوزراء واهتمامات الحضور من الصحفيين والإعلاميين والذين حرصوا على البقاء حتى انتهاء الجلسة ومحاصرة الوالي وأركان حربه بهموم الناس وخاصة هم المواصلات مما اضطر الوالي لتمديد جلسة مجلس الوزراء التى كان يفترض ان تنتهي فى الثانية ظهرا الى الثالثة والنصف ظهرا والسماح لضيف شرف الجلسة العقيد عبدالرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية بمخاطبة الجلسة ومغادرتها لارتباطات سابقة للمساعد، لتصبح جلسة المجلس فعلاً (جلسة استثنائية) . مقاطعات الوالي وبدأ نقاش المحور الثاني من الجلسة الاستثنائية بطرح أزمة المواصلات على طاولة المجلس، حيث طرح د.أمين النعمة مديرهيئة النقل والمواصلات الحلول المقترحة للنقل الداخلي بولاية الخرطوم (الآنية والاستراتيجية) للفترة من يناير 2013 الى ديسمبر 2015 ، ولكن اثناء سرد النعمة لهذه الحلول وتشخيصه للأزمة من خلال (تقرير بالبور بوينت) ظل الوالي يقاطعه ويطالبه بالاختصار والإسراع فى الاستعراض دون الدخول فى التفاصيل ما أثار انتباه الحضور وتعليقاتهم الجانبية وربما أربكت تلك المقاطعات او سمها (التوجيهات من الوالي) د.النعمة فى تقديم رؤيته بصورة سهلة وسلسة للحضور ، غير ان الوالي وعد بتخصيص جلسة مجلس الوزراء المقبلة لمناقشة قضية أزمة المواصلات. جوهر أزمة المواصلات وكشف د.النعمة جوهر أزمة المواصلات فى ان هنالك مشكلة حقيقية ما بين المتاح من مواعين للنقل والحاجة الفعلية لولاية الخرطوم، مبينا فى هذا الصدد ان الولاية بها نحو (8) ملايين نسمة نحو (70%) منهم يستغلون المواصلات العامة، بواقع (2.2) مليون رحلة يوميا بمعدل رحلة للفرد فى اليوم، يحتاجون نحو (4500) بص لنقلهم فى اليوم، بينما المتاح (250) بصا تعمل الآن ونحو (750) بصا متعطلة ، لتزداد فجوة المواصلات ايضاً فى قطاع الحافلات حيث تحتاج الولاية الى اكثر من (18) ألف حافلة تعمل بمعدل (69 رحلة فى اليوم بينما المتاح نحو (7) آلاف حافلة . معالجات آنية وأعلن د.أمين عن حزمة معالجات آنية لأزمة المواصلات من بينها تحويل موقف المواصلات وإنشاء الخطوط الدائرية، وزيادة مواعين النقل باستجلاب بصات جديدة وحافلات صغيرة، واجراء تحسينات فى المرور، وفتح الباب امام القطاع الخاص للاستثمار فى مجال المواصلات وتمليك نحو (50%) من بصات الولاية للقطاع الخاص لرفع كفاءة التشغيل وصيانة البصات المتعطلة وادخالها الى الخدمة، وانشاء (1600) محطة مواصلات جديدة خلال (18) شهرا، وإنشاء مركز خدمات للنقل والمواصلات . معالجات استراتيجية وكشف د.أمين عن معالجات استراتيجية لأزمة المواصلات تشمل إنفاذ مشروع القطار المحلي، ليربط شمال بحرى وجنوبالخرطوم وشرق النيل فى المرحلة الأولى التى تم التعاقد عليها بمبلغ (12) مليون دولار، ولكن هنا تدخل الوالي مقاطعاً بتوجيهه بتعديل العقد ليتضمن إدخال منطقة الحاج يوسف فى مشروع القطار المحلي كتوجيه من الولاية والتى ستوفر التمويل وأردف الوالي : ( هذا توجيه، هل هناك شخص فى جلسة هذا المجلس معترض وعندما لم يظهر هنالك اعتراض قال د.امين سنعدل العقد، كما علق وزير المالية مقاطعاً : سنوفر تمويل يبلغ (20) مليون دولار قسطا للمشروع ويمكن بالتالي تعديل العقد بادخال الحاج يوسف فى المرحلة الاولي ورد الوالي مقاطعا: (مبروك ) .. إذاً، مبروك القطار المحلي لناس الحاج يوسف وغيرها من شمال بحرى وجنوبالخرطوم وجبل أولياء. وأشار د.أمين الى أن الحلول الاستراتيجية تشمل ايضاً عودة الترام واستكمال دراساته فى يونيو المقبل وزيادة عدد البصات ، واستخدام النقل النهري فى المواصلات بعد اكتمال الدراسات اللازمة فى يونيو المقبل ليصبح النقل النهري مساعدا للنقل العام بانشاء (10) مراسي نيلية. انتقادات واسعة بعد انتهاء حديث د.أمين أتاح الوالي فرصة للحضور وشباب الصحفيين للاستماع الى آرائهم حول ازمة المواصلات وما تلمسوه من معاناة المواطنين وقال الوالي : الفرصة الآن ل(البروليتاريا)، فجاءت مداخلات الصحفيين الشباب وليست (البروليتاريا) مشخصة لازمة المواصلات والتى بدأت بضعف التوعية بتنفيذ قرار تحويل المواصلات واتباع نظام النقل الدائرى مما فاقم ازمة المواصلات وأثار سخط المواطنين وضاعف الأعباء عليهم باستخدام وسائل أخرى للوصول الى الأماكن التى يقصدونها داخل مدن الولاية الثلاث أو وسط الخرطوم، والأخطاء التى صاحبت نقل موقف بحرى الذى كان يشكل مدخلاً للوصول لوسط الخرطوم، كما تساءل الصحفيون لماذا يتحمل المواطن أعباء اضافية مالية بتحويل مواقف المواصلات، او الخطوط الدائرية؟ .. هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها والي الخرطوم وأركان حربه بعد ان تغير البروتوكول ليسمح لمساعد رئيس الجمهورية بمخاطبة الجلسة ومغادرتها لتتواصل بعده. منهج سليم ووصف د.عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية انعقاد جلسة مجلس وزراء ولاية الخرطوم لمناقشة قضيتي تشغيل الخريجين والمواصلات بانها منهج سليم فى معالجة المشاكل بصورة علمية ومشاركة كل الأطراف. وأكد المهدي التزام الحكومة واهتمامها بقضايا المواطنين وهمومهم والاقتصادية ، مبينا ان الأولوية الآن لدعم القوات المسلحة وتحقيق أعلى درجات الدفاع داعيا الشباب للانخراط فى القوات المسلحة، بجانب الاهتمام بمعاش المواطنين. واضاف المهدي: مشكلة المواصلات من أهم قضايا الناس وهمومهم ونحن ندعم جهد ولاية الخرطوم ونقول لهم افتحوا أرقاما لتلقي البلاغات والشكاوى من المواطنين واسمعوا آراءهم وحلوا مشاكلهم وأردف (سيروا ونحن من خلفكم ، والسايقة واصلة). اعتراف بالإخفاقات وفي رده على اسئلة الصحفيين أقر د. عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم بحدوث إخفاقات صاحبت تجربة تحويل مواصلات وتطبيق تجربة الخطوط الدائرة، مبينا ان هنالك اخفاقا فى الربط بين المواقف، واخفاقا في تعديل مسار بعض المواصلات، واخفاقا في تفاصيل تنفيذ خطة النقل الدائري بحيث أغفلت استغلال بعض الشوارع التي يستخدمها الناس في الوصول الى وسط الخرطوم الأمر الذي يستدعي وضع رؤية جديدة توازن بين الخطة العلمية لمعالجة ازمة المواصلات والاستجابة لاحتياجات المواطنين في الوصول الى وسط الخرطوم ومراكز الخدمات. وتلا الوالي قرارات جلسة مجلس الوزراء والقاضية بتشكيل لجنة وزارية برئاسة المهندس صديق محمد علي الشيخ وزير المالية بولاية الخرطوم وعضوية وزير التخطيط العمراني ومعتمدي بحري والخرطوم وهيئة النقل والمواصلات ومدير المرور بولاية الخرطوم ومدير هيئة تنمية الأعمال والصناعات الصغيرة ومن تراه اللجنة مناسباً. وحدد الوالي مهام اللجنة الوزارية فى دراسة ازمة المواصلات وتفويضها بوضع حلول لمعالجتها ورفعها لجلسة مجلس الوزراء بعد أسبوع (الأربعاء المقبل)، وتعديل مسارات المواصلات وربط محطات الربط بوسائل مواصلات ومناقشة لتفاصيل خطة المواصلات ومساراتها، بجانب مناقشة خطة انشاء (1600) محطة واحداث توازن بين الخطة العلمية لمعالجة ازمة المواصلات والاستجابة لاحتياجات المواطنين فى الوصول الى وسط الخرطوم ومراكز الخدمات. من جانبه، تساءل المهندس صديق محمد علي الشيخ وزير المالية بولاية الخرطوم، وزير التخطيط المكلف حول الضجة التي صاحبت تحويل موقف المواصلات وتطبيق نظام الخطوط الدائرية قائلاً: (مواقف المواصلات قبل كدا تم تحويلها الى موقف كركر وما حصلت ضجة كهذه، الجديد شنو هذه المرة)..؟ وأعلن الوزير عن توفير وزارته ل(20) مليون دولار لتنفيذ مشروع القطار المحلي لحل مشكلة المواصلات الذي يبدأ من شمال بحري الى جنوبالخرطوم، بجانب إدخال الحاج يوسف في القطار وجبل اولياء فى المرحلة الاولى من المشروع بعد تعديل العقد مع الشركة المنفذة للمشروع والذي سيستغرق تنفيذه نحو (18) شهراً. وأقر الوزير بأن هنالك مشكلة في المواصلات ستعمل حكومة الولاية على حلها من خلال رؤية ستقدمها اللجنة الوزارية المكلفة بوضع هذه الحلول التي ستباشر أعمالها فوراً.