أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة السبت 25 مايو عن إطلاق مشروع "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية". جاء ذلك لدى انعقاد الجلسة الأولى للمجلس العلمي للمعجم بفندق الريتز كارلتون بالدوحة، والتي ترأسها الدكتور عزمي بشارة مدير المركز العربي قبل أن تنتقل رئاسة الجلسة إلى رئيس المجلس الدكتور رمزي بعلبكي، وبحضور أعضاء المجلس العلمي للمعجم. وأكَّد د.عزمي بشارة في كلمته بهذه المناسبة أهمية مشروع المعجم التاريخي باعتباره حلم أجيال من اللغويين والخبراء العرب، وحتى المستشرقين، وأشار إلى أن ما أُنجز حتى اللحظة يعتبر مرحلة التحضير للمعجم، معتبرًا أنّ هذه المناسبة تاريخية بامتياز، وأنّ المشروع عربيٌ وليس مشروع دولة، مضيفاً أنّه مشروع نهضوي مؤسس على اللغة العربية من أجل تمكين هذه اللغة من التطور على هدى من التاريخ، وفهم تاريخ الألفاظ العربية ودلالاتها. وقال د.بشارة إنّ أمة بهذا الامتداد التاريخي والحضاري من العيب ألا يكون لها معجم تاريخي، وإذا كانت البداية نصف العمل، فإنّ استكمال خطوات إنجاز المشروع واجبٌ في ظل هذا الحضور المتميز من العلماء والخبراء من مختلف الدول العربية، وذلك في إطار تمثيل عربي شامل وليس على أساس قطري؛ إذ إنّ كل واحد من هؤلاء العلماء يساهم في إنجاز هذا المشروع بصفته العربية وليس ممثلًا لبلده. من جهته أشار د.رمزي بعلبكي رئيس المجلس العلمي إلى الجدية التي طبعت الانطلاق، والمنجزات التي تحققت وتبشر بخير كبير، مشيراً إلى مجموعة من العوامل ساعدت على تحقيق هذه المنجزات، بجانب توفر التمويل الذي قال إنه العصب الأساسي لإنجاز المشروع. وقدم د.عز الدين البوشيخي المدير التنفيذي للمشروع، في كلمته تعريفًا بالمعجم التاريخي للغة العربية، وبيّن أهميته وجدواه ومراحل إنجازه، مذكرًا أنّ بناء معجم تاريخي للغة العربية هو بناء ذاكرة الأمة اللغوية، وأنّ بناء الذاكرة اللغوية هو في ذات الوقت بناء الذاكرة الفكرية، مضيفاً أنه بتوثيق الذاكرة تاريخيًا، يتيسر رصدُ التطورات اللغوية والفكرية التي مرت بها الأمة العربية على مدى عشرين قرنًا، بجانب أن ذلك الرصد يتيح فهمَ تراثنا الفكري والعلمي بدلالات ألفاظه ومفاهيم مصطلحاته التي استُعملت بها في سياقاتها التاريخية والثقافية، وأكد أننا حقًا سنعرف أنفسنا بإنجاز هذا المعجم، كما لم نعرفْها من قبل. يشار إلى أن إطلاق مشروع المعجم يأتي بعد سلسلة من الاجتماعات التحضيرية واللقاءات العلمية التي ضمت نخبة من الخبراء اللغويين والمعجميين والحاسوبيين من مختلف الدول العربية التي استمرت قرابة العامين وقد تخلل حفل إطلاق المعجم تدشين صفحة المعجم الإلكترونية المؤقتة على الموقع الرسمي للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على الإنترنت، على الرابطwww.dohainstitute.org. ويأتي هذا المشروع الحضاري الكبير الذي تبناه سمو ولي عهد دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالدعم والرعاية والتمويل، بحسب البيان الذي أصدره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ليسد فراغًا كبيرًا في تاريخ اللغة العربية، وليمكّن الأمة العربية وأجيالها المتعاقبة من فهم لغتها وتراثها الفكري والعلمي والحضاري، وربط حاضرها بماضيها إسهامًا في إخراجها من وهدة التردي والتبعية وإيذانًا بمستقبلٍ واعد. ومن المقرر أن يستغرق إعداد المعجم التاريخي المنشود، الذي يؤرخ لألفاظ اللغة العربية على مدى عشرين قرنًا، قرابة 15 عاماً، وذلك على مراحل يجري عرض إنجازاتها كل ثلاث أعوام، ويسعى لتحقيق عدد من الأهداف الكبرى، أهمها تمكين الباحثين من إعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بتقييم التراث الفكري والعلمي للغة العربية في ضوء ما يقدّمه المعجم من معطيات جديدة، واستثمار مدونته الإلكترونية الشاملة في بناء عدد من البرامج الحاسوبية الخاصة بالمعالجة الآلية للغة العربية مثل كالترجمة الآلية، والإملاء الآلي، والمدققات النحوية، والمحللات الصرفية والنحوية والدلالية، كما سيوفِّر المشروع عددًا من المعاجم الفرعية التي تفتقر إليها المكتبة العربية مثل، معجم ألفاظ الحضارة، ومعاجم مصطلحات العلوم، والمعجم الشامل للغة العربية المعاصرة، والمعاجم اللغوية التعليمية.