قد يكون قدر الانسان في الحياة ان يصاب بالمرض النفسي او العقلي وهذا ايضا قدر اسرته .. فمعاناة الاسرة لا تقل عن معاناة المريض وقد تزيد في بعض الحالات فالمرض النفسي يسبب ألما فظيعا لصاحبه وللزملاء والاسرة والجيران . وبما ان المريض النفسي الذي يعاني من الامراض العصابية كالقلق والإكتئاب والخوف المرضي يطلب المساعدة، فان المريض العقلي يعاني من الامراض الذهانية كالانفصام والهوس والاكتئاب الشديد يرفض المساعدة من الآخرين ، وبينما يقر المريض النفسي بالمرض ويعترف به فان المريض العقلي يرفض الاقرار بالمرض بل ويتهم الآخرين بالجنون. فاسرة المريض النفسي تتألم منه ، وتتضاعف معاناة اسرة المريض العقلي لانها عاجزة عن الاقتراب والتعامل معه ولا يوجد مرض في اي فرع من فروع الطب يسبب الما وازعاجا وحيرة للاسرة مثل المرض النفسي او العقلي واي مرض عضوي محصور في صاحبه ولا تمتد آثاره للآخرين (ماعدا طبعا الامراض المعدية ) . وبقدر ما تتأثر الاسرة بالمرض النفسي او المرض العقلي فانها ايضا تؤثر في مسار المرض ونتائج العلاج بل قد تكون الاسرة ايضا من اسباب المرض او على الاقل من العوامل التي فجرت ظهوره ولذلك الاسرة يجب ان تعرف العوامل المسببة للامراض النفسية ، ولا يجب ان يكون اهتمام الطبيب محصورا فقط في مريضه وانما يجب ان يمتد اهتمامه ليشمل اسرة المريض ، فالعلاج لا يمكن ان يحقق نجاحه الاكمل الا باشتراك ومعاونة الاسرة . المشكلة عندنا اننا لا نعترف بالمرض النفسي وهناك المعتقدات البالية في النظرة للمرض والمريض النفسي وفي مجتمع كثر فيه الدجالون الذين يروجون الى ان كل مرض نفسي هو مس من الشيطان، فصاروا يكتسبون من معاناة المرضى واسرهم وكذلك نظرة المجتمع للمريض النفسي فالمريض بالطريق يعاني من المجتمع فيسخر منه الكبار ويلاحقه الصغار بالهتاف والقذف بالحجارة وللاسف يجد هذا السلوك قبولا من المجتمع ومن العقبات التي تواجه المريض النفسي واسرته الآتي :- 1- جهل الاسرة وقلة معرفتها بطبيعة المرض النفسي. 2- ما زالت زيارة المريض النفسي من الاشياء التي تقهر الاسرة وترفضها بشدة في البداية. 3- يزور المريض النفسي العيادة النفسية في مرحلة متأخرة بعد معاناة اطول استهلكت وقته وصحته. 4- يتردد المرضى النفسيون كثيرا في زيارة العيادة النفسية للمفهوم الخاطئ بان كل من يزور العيادة النفسية مختل عقليا. 5- تفزع الاسرة من علاج الطبيب النفسي وهناك تصور خاطئ بادمان هذه الادوية وانها مثل المخدرات في آثارها. 6- بعد تحسن المريض توقف الاسرة الادوية تلقائيا مما يسبب إختلالا يستوجب اعادة العلاج من البداية. 7- عند ظهور اعراض جانبية وان كانت بسيطة فان اسرة المريض توقف العلاج وتلجأ لطبيب آخر. 8- زيارة الطبيب النفسي قد تكون مشكلة لاسرة المريض فالزوجة او الزوج لا يحب ان يذهب الآخر للطبيب ويحكي اسرارهم الشخصية التي تتعلق بالحياة الزوجية. 9- تدهور مراكز تقديم الخدمات العلاجية النفسية بالسودان وقلتها وعدم الاهتمام بها من الاجهزة الرسمية يعرقل العلاج فهناك ولايات كاملة لا يوجد بها طبيب نفسي واحد رغم الازمات والمشاكل اليومية والعوامل المساعدة بتلك المناطق على حدوث الامراض والاضطرابات النفسية والعقلية .