حملت تصريحات الفريق أول ركن عصمت عبد الرحمن رئيس هيئة الأركان المشتركة، في (أبوكرشولا) الجمعة الماضية، عن خطة لمنع دعم دولة جنوب السودان للحركات المسلحة، وإعلانه أن القوات المسلحة شرعت في تطبيقها بمناطق التمرد فعلا، وتأتي الخطة التي تحدثت عنها القوات المسلحة ردا على ما رشح من تجدد دعم جوبا للمتمردين مؤخرا، رغم أن السودان وقع مع دولة الجنوب بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا في مارس الماضي على مصفوفة تنفيذ الترتيبات الأمنية التي تنص على الانسحاب الفوري لقوات البلدين مسافة (10) كيلو مترات جنوب وشمال خط الصفر المتفق عليه لإنشاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح بين البلدين. وكان الرئيس عمر البشير؛ حذّر من أن السودان سيغلق خط أنابيب النفط الذي يتم من خلاله تصدير بترول الجنوب إذا واصلت جوبا دعم المتمرّدين، وكان واضحا أن هذا التصريح الرئاسي صادر عن معلومات موثقة باستمرار الأخيرة في مسلسل الدعم، الذي عززه ما تناقلته وسائل الاعلام مؤخرا بشأن وصول سليمان جاموس القيادي بحركة العدل والمساواة إلى جوبا، وأن حكومة الجنوب مدت الجبهة الثورية وحركة العدل والمساواة بقطع غيار لسيارات الدفع الرباعي، وقال الرئيس حين خاطب احتفال تحرير (أبوكرشولا) من أيدي متمردي الجبهة الثورية بوزارة الدفاع، إنه يحذر دولة الجنوب من أن السودان سيغلق خط أنابيب النفط للأبد، إذا قدمت جوبا أيّ دعم للمتمردين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وكان قد جرى اتفاق بين الطرفين على تولي قائد البعثة الأممية بأبيي (يونسفا)، مراجعة ومراقبة عملية انسحاب الجيشين بعد (33) يوماً من بداية صدور الأوامر الأولية المحددة في العاشر من مارس الماضي. ولكن المراقب يتساءل: في وجود حدود بين السودان ودولة الجنوب، تتجاوز أكثر من الف وسبعمائة كلم؛ هل يمكن ايقاف الامداد عن المتمردين؟ وفي رأي خبراء عسكريين اتصلت بهم (الرأي العام) للإجابة عن السؤال، يقول الخبير الاستراتيجي اللواء د. محمد عباس الأمين؛ إنه إذا قامت مصالح مشتركة مع كل دول الجوار السوداني كافة فإن ذلك كفيل ببناء حدود آمنة، وأن العمل العسكري يأتي باجراءات عديدة منها اختيار المداخل المتوقعة التي تؤثر على أمن وسلامة البلاد، وقال: هنالك مناطق تتم بالاجراءات العادية عبر حركة القبائل والتبادل التجاري، فالتأمين يشمل أماكن مختارة، إذ لا يمكن للجيش أن يغطي كل مناطق الحدود.. ويضيف اللواء عباس بأن المسائل الفعالة في تأمين الحدود هي جعل المصالح المشتركة هي الأساس في علاقات الجوار، ويضرب مثلا بما تم على الحدود السودانية التشادية، كانت هنالك مشاكل وهنالك ست عشرة قبيلة، لكن تم تأمين هذه الحدود بالعلاقات والمصالح وبالتنمية المشتركة. وأشار العباس إلى إمكانية تسوير المناطق عسكريا بما وفرته التقنية الحديثة وعبر الأقمار الإصطناعية بوضع خطة مرنة عبر دفاعات متحركة، وهذه مرونة وتأمين. من جانبه، يقول الخبير الأمني العميد أمن (م) حسن بيومي، إنه يمكن سد مناطق المنخفضات الأمنية أو أي ثغور يتوقع أن ينفذ منها المتمردون، ويشير الى أنه يجب أن يكون هنالك موقف مع دولة جنوب السودان لمنعها من تقديم الإمداد والمأوى للمتمردين، وينوه الى ان حدودا ممتدة مثل حدودنا مع دولة الجنوب يصعب مراقبتها رغم وجود القوات الأممية المتفق عليها، ويرى أن تقوية العمل الاستخباري مطلب ضروري جدا. أما العميد (م) جمال عبد الرحمن فقال إن اية اتفاقات دولية او غيرها لا يمكن ان توقف تسلل قوات في حدود كحدود السودان ودولة الجنوب، لذلك فهو يرى مع عمل القوات المسلحة ضرورة اقامة علاقات ثقافية واجتماعية واقتصادية مع شعبي البلدين، فمثلما أن سور البيت مهما علا لن يحميك من اللصوص فانك لن تحمي حدودك مع دولة الا بالتنمية والمصالح الاقتصادية، واشار الى حسن العلاقات بين السودان ومصر على حدود مشتركة طوال عقود من الزمان وإلى الآن، ومع تأمينه على دور القوات المسلحة، فإنه يدعو إلى تفعيل علاقات التعايش بين القبائل الموجودة بين البلدين وهي لها قاعدة راسخة سبقت انفصال دولة الجنوب وهذه القبائل يجب توعيتها للخروج من أوهام الماضي بأنهم (درجة ثانية) او خلافه، ويضيف : بالتنمية الاقتصادية والثقافية سنؤمن حدودنا وبالتالي يكون العمل العسكري ضامنا لهذه العلاقات.