الخطة التي اعلنها الجيش على لسان رئيس هيئة الاركان الفريق اول عصمت عبد الرحمن الخاصة بمنع جوبا ايصال الدعومات للمتمردين واغلاق الحدود والاتجاهات التي تسرب عبرها الدعم ، هذه الخطة فيما يبدو اربكت قيادة التمرد والحركات المتمردة ما جعلها تتخبط في قراراتها وخططها ، واثرت ايضا على الحالة المعنوية على الجنود المنتمين لتلك الحركات .. ضعف الحالة المعنوية سرت وسط الجنود بالمعسكرات التي يشرف عليها مالك عقار رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال والتي تتخذ ولاية اعالي النيل بجنوب السودان مقرا لها ، اذ نفذ اكثر من 730 جنديا وقائد عمليات هروبا جماعيا من تلك المعسكرات بعد ان سرت موجة احباط (عارمة) في نفوس هؤلاء الجنود حينما تيقنوا ان سقوط النظام لم يعد متاحا عقب الهزائم المتلاحقة التي منيت بها الحركات المسلحة وقطاع الشمال ، وكان قائدهم مالك عقار قد وعدهم بمناصب حال سقوط النظام او ان يتم تنسيبهم بالقوات المسلحة والشرطة بعد التوصل الى سلام مع الخرطوم .. ولكن احلامهم ذهبت ادراج الرياح حينما انتصرت عليهم القوات المسلحة والقوات الاخرى في ابو كرشولا و هي الان تزحف على المناطق الاخرى بعد اعلنت القيادات الحكومية بالخرطوم ان لا تفاوض مع قطاع الشمال او حتى مع جوبا ما لم تحرر اي شبر دنسه التمرد ، واعقبت هذا الحديث بالخطة التي اعلنها رئيس هيئة الاركان بسد المنافذ الداعمة للحركات المسلحة .. هذا الاندفاع من قيادة القوات المسلحة وقيادة الدولة ربما جعل قيادة قطاع الشمال تعلن استعدادها للتفاوض مع الحكومة السودانية وربما تكون بالونة اختبار اطلقها ياسر عرمان الامين العام لقطاع الشمال المعروف عنه عداءه السافر للحكومة السودانية بعد ان ارتمى في حضن الصهيونية والعلمانية ، عرمان حينما اعلن اسعداده للتفاوض لا يبتغي شيئا سوى ايجاد منفذ لدعم قواته بالمؤن والعتاد بعد الهزيمة النكراء التي منيت بها في ابوكرشولا وقد حاصرتها قواتنا الباسلة حتى انتصرت عليها .. والان عرمان يبحث عن مخرج آخر ومنفذ يضمن به استمرار مد قواته بالدعم الذي يأتيها من دولة الجنوب على الرغم من ان رئيسها اقسم انه لن يتسبب في ضرر دولة السودان وليس من مصلحة دولة الجنوب ان تتضرر دولة مجاورة لها ، ولكن عرمان فضح النوايا الحقيقية واعلن عن استعداده الجلوس للتفاوض والاتفاق على وقف العدائيات ، اعلان يضمر بداخله التشبث بالدعم الجنوبي.. ووقف العدائيات يعني ايقاف العمليات العسكرية التي اقسمت قيادة الجيش والدولة الاستمرار فيها حتى تحرير اي شبر احتلته الحركات المسلحة ، فيما يبدو ان عرمان اراد ان ينفذ من خلالها خدعة خبيثة ومكشوفة وهي ذات الخطة التي كانت تقوم بها الحركة الشعبية حينما يشتد عليها الحصار من القوات المسلحة فتطلب الهدنة لتتحصل على الدعم وتنفذ هجماتها بقوة .. لذا ينبغي ان لا تلتفت الحكومة لمثل هذه النداءات التي يطلقها عرمان ومن خلفه، نداءات ربما تكون بالونة اختبار لمعرفة مدى تمسك الحكومة السودانية عن ما اعلنته بان لا تفاوض مع قطاع الشمال ما لم يتم تحرير كل المناطق ، وربما يكون القصد منه احراج حكومة السودان امام المجتمع الدولي بانها لا ترغب في بسط السلام ومن ثم تدويل القضية وتحريض مجلس الامن بانزال قراره 2046 الذي يلزم السودان بالتفاوض مع قطاع الشمال .. ولكن هذه الخطوة فيما يبدو تتحسب لها حكومة السودان بالزام دولة الجنوب بفك الارتباط بقطاع الشمال بحسب ذات القرار ، لذا متوقع ان تستمر الحكومة السودانية في تعبئتها بغرض تحرير كل المناطق ، وما الكتائب التي بدأت في اعدادها قيادة الجيش والدفاع الشعبي وجهاز الامن الا شاهدا على ذلك .. لذا فمتوقع ان لا تستجيب الحكومة السودانية لنداءات عرمان ومن يقف خلفه لوقف العدائيات ما لم تحقق خططتها بتحرير كل المناطق ، ومتوقع ان تحدث ضغوط من اللوبي الصهيوني عبر مجلس الامن واشهار تنفيذ العقوبات على السودان وقد بدأت ارهاصات ذلك بتحرك بعض الحاخامات اليهودية وتنفيذ بعض الخطط لاجل التدخل في شئون السودان وهم ينسجون (حبكات) تشير الى ان السودان بحاجة الى التدخل لبسط السلام فبعض التسريبات ابانت ان حوالي 429 حاخاما يهوديا بصدد جمع توقيعات وايصالها عبر رسالة الى الرئيس الامريكي باراك اوباما بان السلام في السودان لم يكتمل بعد ويجب على الرئيس الامريكي التدخل ، واحتوت الرسالة ايضا على ان اوضاع السودان من وجهة نظر الحاخامات اليهود تحتاج الى التدخل السريع، وصولا الى الدعوة للتصدي للتحديات التي تواجه السودان ويرون انها تواجه كل السودان بعد ان كانت باقليم دارفور مشددين على ايصال المساعدات الانسانية .. هذه الخطة التي اعلنوا فيها عزمهم بالضغط على الادارة الامريكية لاحلال السلام في السودان ، هي خطة مكشوفة المعالم والنوايا يود واضعوها تنفيذ ذات السيناريو الذي تم حينما بدأت قضية دارفور وتم تدويلها ، ويبدو ان الحملة اشتد اوارها بعد ان ابدت الادارة الامريكية نيتها التطبيع مع السودان وبدأت خطوات في ذلك بلقاء وزير الخارجية مع جون كيري الاسبوع الماضي على هامش قمة الاتحاد الافريقي باديس ابابا ، ومن قبل كانت الدعوة التي قدمتها الولاياتالامريكية للدكتور نافع علي نافع و تم تأجيلها لاجل غير مسمى، ولم تكن تحركات الحاخامات اليهودية الا بعد ان شعروا بان التقارب السوداني الامريكي يمكن ان يؤثر على ادوارهم بالسودان .. لذا فمن المتوقع ان تحدث ضغوط على الحكومة السودانية للتراجع عن قراراتها بشأن التفاوض مع قطاع الشمال، الشريان الذي تنفذ عبره المخططات اليهودية والصهيونية التي لا تريد ان يستقر السودان ، استقرارا ربما يهدد المد العلماني الذي تريد.. ولكن ينبغي ان لا تلين عزيمة الحكومة السودانية مهما بلغت الضغوط وان تسير باتجاه السلام عبر البندقية الى ان تضع حدا امام مد الحركات المسلحة التي تنتوي ان يعم (خرابها) كل السودان ، فيما يبدو ان الارادة السياسية والعسكرية تعمل لقطع الطريق امام ذاك المد (التمردي) ولسان حالها يقول ان النصر آتٍ وان طال الزمن..