مؤتمر المائدة المستديرة الذى إنعقد فى مارس 1965 ترأسه البروفيسور النذير دفع الله و هو مدير لجامعة الخرطوم .. و كان المؤتمر قد إنعقد فى فترة الحكومة الانتقالية التى ترأسها الأستاذ سر الختم الخليفة الذى جاء لرئاسة الحكومة من عمادة المعهد الفني .. يبدو أن الدور الواضح للمؤسسات التعليمية العليا و رجالها فى مؤتمر 65 هو الذى دعا الأستاذ عثمان ميرغنى لاستنهاض همة جامعة الخرطوم للدعوة لمؤتمر مائدة مستديرة جديد يضع من خلال الحوار الحلول لمشكلات السودان التى استفحلت .. فكرة مؤتمر المائدة المستديرة دعت إليها جبهة الوسط فى مبادرة متكاملة , تجنبت تماماً الطرح الجزئي أو المنهج الانتقائي حيث دعت إلى اعتماد دستور 2005 الحاوى للمبادئ الديمقراطية الأساسية , و بذلك تجاوزت جبهة الوسط غفلة لم تسلم منها حتى القوى السياسية المعارضة التى أسهمت فى وضع هذا الدستور , فانصرفت إلى وضع شروط للمشاركة فى وضع دستور جديد رغم أن القارئ للمشهد السياسي يدرك استحالة توفر ظروف مماثلة لتلك التى كتب فيها دستور 2005 و استحالة كتابة دستور أفضل و لو استجيب لكل شروط المعارضة .. اعتماد دستور 2005 يعني تحمل استحقاقاته , فتنال المعارضة مزايا دستور اتفاقية السلام بثمن مقابل .. المقابل في مبادرة جبهة الوسط هو توظيف الوضع الدستورى الناشئ عن دستور 2005 باعتماد الدورة الرئاسية الحالية أساساً لوضع تصور لفترة انتقالية , فعرضت المبادرة أن تكون الفترة المتبقية من دورة الرئيس فترة انتقال تشكل فيها حكومة قومية يرأسها الرئيس البشير بعد استقالته من المؤتمر الوطني .. ليس مهماً شكل الحكومة المقترحة بقدر ما هو مهم تحديد مهامها , و قد أجملت مبادرة جبهة الوسط مهام الحكومة القومية فى تنظيم مؤتمر مائدة مستديرة تشارك فيه كل القوى بما فيها بالضرورة الحركات المسلحة . و يلاحظ أن تكوين الحكومة السابق للمؤتمر فرز المعارضة غير الحاملة للسلاح , إذ تشارك فى الحكومة و تشارك في تنظيم المؤتمر قبل التحاق الحركات المسلحة به , و هو فرز ضروري و مهم لإيجاد طرف في الحكومة لا يؤيد طرح الحزب الحاكم و لا يتبنى التغيير عبر العمل العسكرى. ليس الأهم في المبادرة تسمية المؤتمر المقترح ب (المائدة المستديرة) رغم دلالته المؤكدة على وجود كل الأطراف في المؤتمر على درجة واحدة , فقد يقول قائل إن الدعوة لمؤتمر شامل ظلت تراوح مكانها منذ زمن و بلا فائدة .. الأهم فى دعوة جبهة الوسط تكاملها و اعترافها بواقع سياسي و توظيفها لوضع دستوري قائم .. كما أن مبادرة جبهة الوسط تضع على كاهل الحكومة القومية مهمة الإعداد لانتخابات 2015 بالضمانات التى تزيل من القوى المعارضة الشكوك حول أى انتخابات تدار على طريقة انتخابات 2010 , و بذلك تتوج الحكومة القومية مهامها بإجراء انتخابات نزيهة تضع البلاد على مشارف التحول الديمقراطى الكامل . خلاصة القول إن فكرة المائدة المستديرة و بمنهج متكامل موجودة فى مبادرة جبهة الوسط ,, فليستبشر الأستاذ عثمان ميرغني و غيره من المهمومين بأهمية الحوار الوطني ,, و ليجعلوا منها إحدى المقترحات البناءة التى تستحق النقاش و التداول