أكاد لا أفهم إحجام بعض القوى السياسية عن المشاركة والإسهام في دستور السودان القادم وفق رؤاها ومنطلقاتها الفكرية باعتبار ان تلك المشاركة قد تكون هي المدخل الحقيقي للوفاق الوطني والمعالجات السياسية لكل إشكالاتنا العالقة فالدستور هو دستور للسودان وللوطن، فالمشاركة في إعداده تعطي كل حزب من الأحزاب السياسية حق الإعتراض على أي بند من البنود ترى فيه ما لا يحقق طموحات الشعب السوداني في كفالة الحريات وإحترام التنوع الثقافي والإثني والديني كما ان المشاركة في صياغة دستور المستقبل تحفظ للمعارضين كل حقوقهم في التعبير السلمي والتجمعات الإعتراضية وإقامة الندوات والليالي السياسية في الميادين العامة دون المساس بأمن البلاد وإستقرارها وتماسك نسيجها الاجتماعي بكل حرية واحترام للرأي والرأي الآخر وفي نفس الوقت لا نجد مبرراً واضحاً يمنع كل القوى السياسية مجتمعة في المشاركة بالأفكار والرأي والقوانين التي يستند إليها الدستور في تسيير أمور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. كما أن عدم مشاركة البعض في صياغة الدستور لا تغنيهم من الالتزام به والخضوع التام لكل ما ورد فيه من بنود بعد الاستفتاء عليه من كل المواطنين في كل ولايات السودان ففي افتتاح اجتماعات مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني جدد الرئيس البشير دعوته للوفاق الوطني والحور بين كل القوى السياسية وصولاً إلى رؤية مشتركة على طريق الحلول الشاملة لكل إشكالاتنا العالقة كما ثمن دور كل المشاركين في الإعداد للدستور، داعياً المتخلفين عن ذلك الإنجازالوطني للشروع فوراً في الإنضمام من أجل إثراء الحوار وصولاً إلى دستور يرتضيه كل أبناء السودان .وأكد الرئيس البشير على دعوته التي يظل يطلقها في كل لقاء سياسي للوفاق الوطني خاصة وان بلادنا تمر بمنعطفات خطيرة بعد ان ثبت بالدليل القاطع بأن دولة الكيان الصهيوني إسرائيل تخطط بقوة من أجل تقسيم بلادنا الواحدة الموحدة إلى خمس دويلات صغيرة وضعيفة، وذلك من أجل السطو على ثرواتنا والسيطرة على ارادتنا السياسية بعيداً عن الأمة العربية والإسلامية مما يجعل لدعوة الرئيس البشير أهمية قصوى للوقوف صفاً واحداً وقوياً في مواجهة المؤامرة الإسرائيلية التي يقوم بتنفيذها على الأرض مجموعات سودانية رهنت كل إرادتها للصهاينة وتجردت تماماً من مبادئ وثوابت الأمة السودانية التي صنعت مؤتمر اللاءات الثلاث في قمة الخرطوم العربية في العام 1967م .فالمشاركة في إعداد الدستور حكومة ومعارضة قد يكون هو الخطوة الصحيحة نحو الاستقرار والتداول السلمي للسلطة عبر نظام حكم ديمقراطي تعددي يحترم حقوق الإنسان ويلتزم بكل المواثيق الدولية التي صادق عليها السودان في أزمان ماضية..