(الخنساء فهد نصر الدين ) ، صبية قمرية الوجه ، حلوة التقاطيع ، في السابعة عشرة من العمر .. ما أن وقفت على سيرة حياتها حتى اطلقت عليها لقب( قاهرة الإعاقة ) ، لم تستسلم لإعاقتها ، بل ان الاعاقة فجرت ينابيع طموحها ، فحققت حلمها بمواصلة تعليمها ودخول الجامعة ، رغم انها بلا يدين ، لكنها تتميز بإرادة حديدية وعزيمة قوية ، لا تلين أمام العواصف التى واجهتها منذ صغرها .. جلست لامتحان الشهادة السودانية هذا العام ، وكانت تجيب عن اسئلة الامتحانات ممسكة بالقلم برجلها ، واحرزت نسبة نجاح (67,7%) .. سمعت بحكايتها الغريبة المؤثرة ، والتى تعد انموذجا ، وأملا لكل المعاقين والمعاقات، فزرتها عصر الإثنين الماضى بمنزل والدها بشمبات الحلة .. استقبلتنى والدتها : (نجاة أحمد على) .. فسألتها أين (الخنساء) ؟ .. فأطلت من داخل المنزل ، ومدت لى ما تبقى من يدها اليمنى ، مرحبة ، وكانت ترتدى ثوبا فلم اشاهد يدها أول مرة .. دلفت معها لداخل المنزل ، ثم بدأت تحكى : أصبت بانسداد فى الشرايين الطرفية التى تغذى اليدين بالدم من القلب ، وتسبب الانسداد فى جلطة باليدين الاثنين ، فتم بترهما من أسفل الكتفين ، بالأردن .. في البداية عندما وجدت نفسى بدون يدين أصبت بحالة من الذهول ، واليأس، والإحباط .. بكيت كثيراً لفقدانى لهما ، ولكننى بمرور الوقت تغلبت على اليأس والاحباط ،لإيمانى أن ما اصابنى بمشيئة الله تعالى وتحصنت بقوله تعالى : (عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم).. فصممت على قهر إعاقتى ، بالتفوق فى دراستى ، فأكملت مرحلة الاساس بمدرسة (الحميراء) ، بشمبات الحلة ، وكنت اجلس مع زميلاتى بالفصل واكتب برجلى اليسرى ، ممسكة بالقلم بثلاثة اصابع ، وحققت نجاحاً باهراً في امتحان شهادة الاساس ، حيث تحصلت على (221) من (280) درجة .. ثم جلست لامتحان الشهادة السودانية هذا العام ، واحرزت نسبة نجاح (67,7%) ، وارغب في دراسة الترجمة الانجليزية ، كلية الآداب، في اية جامعة حكومية. قاطعتها: لماذ اخترت دراسة الترجمة الإنجليزية تحديداً ؟ منذ صغرى أهوى اللغة الانجليزية واتقنها ، ففى امتحان الشهادة السودانية هذا العام ، تحصلت على درجة (87) من (100) درجة فى اللغة الانجليزية ، وفى الامتحان التجريبى ، تحصلت على (94) درجة من (100) درجة ، وكانت اعلى درجة فى المدرسة. *كيف جلست لإمتحان الشهادة ، وأنت بلا يدين .. أقصد هل كنت في الفصل مع بقية زميلاتك؟ جلست لامتحان الشهادة السودانية هذا العام ، (حالة خاصة) ، من مركز (مدرسة شمبات الغربية) ، وهى نفس المدرسة التى درست فيها المرحلة الثانوية ، وكنت أمتحن لوحدي بمكتب المعلمات ، تراقبني مراقبة خاصة. *هل كنت تجيبين عن أسئلة الامتحانات برجلك؟ أجل ، كنت اجلس على الأرض وأضع ورقة الامتحان أمامى ، ثم امسك القلم برجلي اليسرى بثلاثة أصابع. *ولماذا تكتبين بالرجل اليسرى ؟ لأننى منذ صغرى (شولة)، كنت استخدم يدى اليسرى قبل بترها مع اليد اليمنى . (الخنساء) تمتاز بخط واضح جميل ، رغم أنها تكتب برجلها ، كما أنها تجيد الرسم بالرصاص ، حيث عرضت أمامى لوحة رسمتها بقلم الرصاص برجلها اليسرى ، للفنان (محمود عبد العزيز)، كما شاركت فى معرض محلية بحرى للرسم (معرض التربية الفنية) ، بلوحة تحمل اسم (الربيع) ، لاقت إعجاب الزائرين. *سألتها : ألم يتصل بك أحد بعد إحرازك هذه النتيجة في امتحان الشهادة السودانية؟ لا لم يتصل بى احد ، وانت أول من اهتم بحالتى ، فشكراً لك استاذ (التاج) ، وعام 2008م قابلتنى (د .تابيتا بطرس) ، وزيرة الصحة الاتحادية السابقة ، بمركز الأطراف الصناعية بالخرطوم ، ووقفت على حالتى ، ومنحتنى (شهادة بالتبني) ، من مجلس الوزراء ، وكنت وقتها فى الصف الثامن ، وبموجب هذه الشهادة يفترض أن تتكفل الدولة بتعليمي حتى تخرجي من الجامعة ، ويشمل التبني الدراسات العليا، لدرجتي الماجستير والدكتوراة، وسوف ارفق (شهادة التبني) مع اورنيك التقديم للجامعة، لعل وعسى .. طلبت من (الخنساء) الكتابة أمامي ، فجلست على (مصلاية) وامسكت القلم بثلاثة من أصابع رجلها اليسرى وكتبت بخط واضح جميل ، عبارة : (و أفوض أمرى إلى الله .. إن الله بصير بالعباد) ، بعدها قامت برسم لوحة طبيعية ، غاية في الاتقان ، ممسكة بقلم الرصاص برجلها اليسرى وأكملت الرسم في زمن قياسي . والدة (الخنساء) ، (نجاة أحمد على) تعمل ممرضة بمركز صحي الشعبية الخرطوم بحري ، ووالدها شرطي، (سائق) قالت والدتها (نجاة) : كل أملي وأمل ابنتي (الخنساء) أن تواصل تعليمها الجامعي وما فوق الجامعي ، ومشوار الجامعة طويل ، ويحتاج إلى مصاريف ومسلتزمات كثيرة ، لا نستطيع توفيرها لها ، وفي نفس الوقت لا يمكن أن نقتل حلمها بالالتحاق بالجامعة ، بعد أن فقدت يديها . *شاهدت بالقرب منها يدين صناعيتين فسألتها : ما وظيفتهما ؟ قالت والدة (الخنساء) ، وظيفتهما جمالية فقط ، فلا تسطيع الكتابة بهما ، أو امساك الاشياء ، ويتم استبدالهما كل (3 4 ) سنوات بالاردن ، يتحمل تكلفتهما فاعل خير ، بجانب تذاكر السفر ، ويفترض تغير الطرفين الصناعيين بعد عام من الآن ، بمقاس أكبر ، حتى يجود الله لها بيدين صناعيتين الكترونيتين ، من مفصل الكوع تكلفتها حوالى (14830) دولاراً ، بينما اليد الميكانيكية تكلف حوالى (2118) دولاراً . *سألت الخنساء : ألم يقدم لك اتحاد المعاقين أية مساندة ؟ كنت اذهب لمقر الاتحاد (العملاق) بشمبات ، ببحرى ، عندما كنت بمرحلة الأساس ، لأمارس بعض النشاطات الاجتماعية بالدار ، لكننى توقفت عن الذهاب اليه اخيراً .. المحرر لم ار من قبل معاقا أو معاقة (ذوي الاحتياجات الخاصة) بمثل هذه العزيمة والإصرار ، والامل الذى تتمتع به (الخنساء) ، التى نجحت في قهر الاعاقة ، وتخطط لان تصبح مترجمة لغة انجليزية .. وحسب علمى يفترض اضافة (20) درجة لنتيجتها فى امتحانات الشهادة السودانية ، لانها حالة خاصة ، فهل هذا الاجراء قائم ؟ سؤال نتوجه به للسيد وزير التعليم .. (الخنساء) لديها أخت (سحر) بالصف الثانى ثانوى ، واخ (احمد) فى الصف السابع مرحلة الاساس وهما والحمد لله لا يعانيان من انسداد الشرايين الطرفية كما حدث معها . (حضرة المسؤول) ، تناشد (حضرات المسؤولين) بالدولة ، واتحاد المرأة ، ووزارة التنمية الاجتماعية ، ووالي الخرطوم ، ومعتمد بحري ، تبني هذه الفتاة ، فهي نموذج عملي لقهر الاعاقة ، ومشروع مستقبلي لعالمة وانسانة مبدعة .. ومن يرغب في زيارتها والوقوف ميدانياً على حالتها ، يمكن الاتصال مباشر بوالدتها ، (نجاة) موبايل : (0126352366)، أو بالمحرر (0912904909)