ساقني المرض إلى أماكن بعيدة بحثاً عن العلاج وعن رحمة الله سبحانه وتعالى ... هذا المرض اللعين السكر والذي نسأل الله الشفاء للجميع منه ... وهذه الحالة التي تسبب فيها بعض من أطباء الأردن ... قررت التوكل على الله والذهاب إلى برلين عاصمة ألمانيا وبعد اتصالات مع صديقي الدبلوماسي الشاب خالد موسى الذي يشغل موقع نائب السفير هناك ... هبطت بي الطائرة في مطار برلين ... ووجدت الصديق الوفي خالد موسى في انتظاري رغم أن اليوم كان عطلة رسمية في برلين ... بعدها عرفت أن هذا الشاب لا يعرف العطلات وتجده دائماً في مكتبه في السفارة إلى ما بعد منتصف الليل بعدها يغادر إلى منزله . في اليوم التالي ذهبت بصحبته إلى إحدى المستشفيات الكبيرة في ألمانيا والمتخصصة في العظام والسكر .. عدة أيام قضيتها في السرير الأبيض تم سحب كميات من الدماء ... وأدخلوني في أجهزة طبية متخصصة لم يتركوا شيئاً لم يفحصوه . بعدها تأكد للأطباء أن مرض السكر هو الذي تسبب في حالتي ... وكاد يحولني إلى معاق ... خرجت من المستشفى محملاً بعدد من التقارير الطبية والوصفات الطبية ونصائح كثيرة عن أهمية الالتزام ببرنامج غذائي يتناغم ومرض السكر . العاصمة الألمانية برلين زرتها عام ألفين مع مجموعة طيبة من الصحفيين السودانيين بدعوة من وزارتي الإعلام والخارجية الألمانيتين ... كانت برلين في ذلك الزمان قد عادت لتوها إلى حضن الأم الحنون ... وكانت عبارة عن قرية كبيرة ... أما الآن فهي عاصمة ضخمة لا علاقة لها بالعاصمة التي زرتها من قبل . في برلين التقيت بجمع من أهل السودان منهم السفير بهاء الدين حنفي الرجل الخلوق ... وخالد موسى نائبه ، وعدد محترم من شباب السودان ... الجميع وخاصة خالد أحاطوني بعناية كبيرة ، وكانت المفاجأة أن الحرارة مرتفعة أكثر من السودان ... (سخانة تنجض العيش) كما يقول أهل السودان . من أهم الأشياء التي تلفت النظر أن معظم شابات برلين كاسيات عاريات ... والعجلة أهم وسيلة للمواصلات ... والعجلات أهم عنصر للمواصلات للعجائز وللشابات ... وفي بعض شوارع برلين تجد العجلات أكثر من السيارات . هاتفت الدكتور علي الحاج محمد القيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي لأن الرجل جمعتني به علاقة إبان كان وزيراً في هذه الحكومة ... ولكن بعد تطورات الأحداث ذهب إلى ألمانيا . الدكتور علي استقبل هاتفي بترحاب شديد ... وسأل عن كل من يعرفه في السودان ... وسألته عن ما نشر في إحدى الصحف السودانية عن عودته إلى السودان ... نفى ذلك بشدة وقال إنها رغبة حقيقية خاصة أنني غادرت محطة المرارات القديمة ، ولكن في السودان البعض لم يغادرها ... وإذا لم تتم هذه المغادرة فإن السودان ستكون وحدته ووحدة أراضية في خطر ... لذلك اتمنى أن يغادر كل من إمتلأ صدره بتلك الفترة . حسن عبد الوهاب ... هذا الرمز الإعلامي الكبير والصابر على الابتلاءات ... جاء يمشي على عكازتين وهو ممتلىء بالحنين والشوق إلى السودان ... والأستاذ حسن أبلغني أنه أجرى ثلاث عشرة عمليه وهو يتوقع المزيد من العمليات . لم أر رجلاً يملك قدرة على الصبر واحتمال الابتلاءات مثل حسن عبد الوهاب ، ذلك الفتى الذي ملأ شاشة تلفزيون السودان بالكلام المفيد والبرامج المفيدة . قابلني عدد كبير من شباب السودان يعملون في شركات ألمانية ، وبعضهم يعمل مترجماً للمرضى لأن الألمان معتزون بلغتهم ولا يتحدثون بغيرها . هند شريف الدشوني ... هذه الشابة الرائعة تعمل في الترجمة للأسر السودانية في المستشفيات الكبيرة ... وهند سيدة تساوي مائة رجل ... فهي تجيد اللغة الألمانية بطلاقه لأنها ولدت هناك وتزوجت هناك من شاب ألماني وتحمل الجنسية الألمانية وتحتفظ بكل أخلاق أهل السودان الاصيلين . هند سيدة مشرفة للسودان ، مثل بهاء الدين حنفي الدكتور السفير ... وخالد موسى شعلة السفارة التي لا تنطفىء .