بدأ العمل الجيولوجي في السودان منذ العام 1905م من خلال المكتب الجيولوجي التابع لمصلحة التعليم، وفي عام 1939م تم تكوين وحدة للمساحة الجيولوجية ضمن مصلحة الأشغال العمومية، وصاحبها التغيير الى ان اصبحت الهيئة العامة للابحاث الجيولوجية والتي الحقت اخيرا بوزارة المعادن وكان التركيز في العمل الجيولوجي البحث عن المياه الجوفية، وبعد ذلك دخل العمل مراحل المسوحات الجيولوجية والتنقيب عن الثروات المعدنية، بجانب المياه الجوفية، وكان للهيئة دور فعال في ارساء اسس وقواعد وعمليات التنقيب عن البترول من اوائل السبعينيات مع كبريات الشركات، وتعتبر مستشار الدولة في كافة اعمال الجيولوجيا والتعدين، كما تعتبر العين الساهرة على حقوق الدولة المترتبة على الاستثمار في هذا القطاع، تقوم بإعداد التقارير والخرائط الجيولوجية والدراسات والبحوث لتقييم ثروات البلاد المعدنية، ومتابعة ومراقبة العمليات التعدينية والتحجيرية وتوجيهها الى المسارات الصحيحة لإستخلاص ثروات البلاد المعدنية باستخدام التقنيات المناسبة التي تحقق الاستغلال الأمثل دون الاضرار بالبيئة، ويقع على عاتقها اعداد الخارطة الجيولوجية للمعادن بالبلاد، حيث يفتقر السودان لخارطة جيولوجية تحدد معالم وشواهد المعادن المختلفة وخيرات باطن الارض التي حبا الله بها السودان، حتى تكون الاستفادة القصوى، وتضع الدولة يدها على الثروات القومية. وأعلن كمال عبد اللطيف وزير المعادن، خلال مخاطبته حفل تكريم الجيولوجي عدلي عبد المجيد محمد بمناسبة منحه وسام الجدارة من قبل الرئيس البشير، عن انطلاق (مشروع البشير) لاستكشاف المعادن في السودان في مساحة (1.3) مليون كلم مربع بالتعاون مع روسيا وبريطانيا وجنوب أفريقيا وقطر، في ظل انتشار (99) شركة في كافة ولايات السودان وصلت (13) منها الى مرحلة الانتاج، بينما يعكف فريق متخصص من المهندسين وفنيي نظم المعلومات والاتصالات على مراجعة الخرائط القديمة والإحداثيات وتسكينها في أجهزة الحواسيب باعتبارها الخطوة الأولى لمرحلة جمع المعلومات المؤهلة لصنع الخارطة الجيولوجية، حيث أعلنت وزارة المعادن عن ابتدار الخطوات الجدية لإنشاء الخارطة الجيولوجية الكلية للسودان بحدوده الجديدة والتفصيلية لكل ولاية، وأكدت نجاة أحمد محمد مدير مركز المعلومات بالوزارة، أن الفريق الفني تمكن من إنشاء قاعدة البيانات الرقمية، وأضافت: الخارطة سوف يستفاد منها في التخريط الجيولوجي خلال الأيام المقبلة، واشارت الى ان الوزارة تمكنت من مسح وتحويل (3700) خارطة من ورقية إلى رقمية، وكشفت عن مشروع لإنشاء خارطة السودان المعدنية، وقالت إن الخارطة الجديدة ستحتوي على جميع التراكيب الجيولوجية السودانية، سيما وأن فرقاً جيولوجية ظلت في حالة مأموريات لجمع المعلومات من على الطبيعة. واوضح البروفيسور صديق محمود استاذ الجيولوجيا بجامعة النيلين ان عمل خارطة جيولوجية للمعادن بالسودان يحتاج لتقانة عالية وخبرات كبيرة توضح المعادن عنصرا عنصرا، في ظل وجود (70) عنصرا، وعلى الرغم من ان العمل مكلف جدا فهنالك مساعى حثيثة من وزارة المعادن مع عدة جهات في مواقع مختلفة بالبلاد للقيام بالتخريط الجيولوجي، وتكمن صعوبة التخريط الجيولوجي بانه يتم في مساحة متر في متر، ويختلف عن التخريط الكنتوري وغيره، وجزء كبير منه يتم عبر الاقمار الصناعية بتقانة معينة يمتلكها الروس ويأخذون الافضلية على غيرهم، ولابد ان تدخل البرامج المطلوبة في اجهزة الاقمار الصناعية، وغالبا يستغرق تخريط مساحة قدرها (10) الاف كيلو متر من (3) اسابيع الى (3) اشهر، خلافاً لاعمال الحفر، وهي اقل تكلفة وتختصر الوقت. واوضح صديق ان هذه التقانة متاحة ولكنها عالية التكلفة، واكد ضرورة اعادة النظر في التخريط والدراسات، والاشتراط على الشركات حال وجود اي معدن نادر ان يكون الوضع وشكل الاتفاق مغايرا تماما، واضاف: هنالك عناصر نادرة واسعارها عالية جدا، وضرب مثالاً بعنصر الكلفورنيوم، حيث يبلغ الجرام منه (27.7) مليون دولار، لدخوله في صناعة الفضاء والتقانات الحديثة كصناعة الكمبيوتر، بجانب (71) عنصرا نادرا تكون مصاحبة للذهب والحديد وغيره، وطالب بتشديد الرقابة، واضاف: نفتقر للآلية التي نغطي بها العمل لكل السودان، اضافة الى ان الكوادر قليلة وتفتقر للتدريب والتأهيل، ويجب استيعاب جزء كبير من الخريجين ليتم تأهيلهم وتوزيعهم على المكاتب الاقليمية، وتوفير المعامل لهم، وتوفير التمويل اللازم حتى يمدونا بالمعلومات المطلوبة، وتابع: اليابان قامت على عقول اهلها ولا تمتلك ثروات، واضاف صديق: ان فرصة التخريط ممكنة ومتاحة في السودان، على ان تكون البداية في المربعات الممنوحة للولايات، على ان تقوم تلك الولايات بعمل شراكات ذكية مع الشركات التي تمتلك التقنية الحديثة في العمل التعديني، مبيناً ان هنالك شركة واحدة فقط سلكت النظام التقني في السودان واستطاعت ان تنتج انتاجا جيدا وهي شركة تركية.