سيحفظ التاريخ لمجلس إدارة نادي الهلال الحالي أنه وضع الثقة كَاملَةً في المنظومة الرياضية وأعاد لها الحاكمية المطلقة في الشأن الرياضي، وأبعد إلى الأبد سطوة السياسة والسياسيين ومحاولاتهم التي لا تنتهي في السيطرة على مفاصل الرياضة في السودان، وكتب النهاية المحزنة للجدل البيزنطي حول قوانين الحكومة المرتبطة بالرياضة (قوانين هيئات الشباب والرياضة) هذه القوانين لا قيمة لها ولا تساوي الحبر الذي كتبت به، وفيها إهدارٌ للمال العام ولوقت الجهات المشرفة على القوانين والذي يجب أن يوظف لصالح الناس ومصالحهم. الجدل الدائر حالياً هو نقاش سطحي فطيرٌ به كثيرٌ من الجهل والغباء، فما زال البعض يبني حساباته وقراءته للواقع على خرق القانون وتجاوزه مع العلم أن هذا الاتفاق لا يساوي أيضا ًالحبر الذي كُتب به وهو كما ذكرت إنقاذ لماء الحكومة الذي أُريق بسبب التدخلات السياسية ممثلهً في بدوي الوزير وحليف صلاح إدريس التاريخي وبقية الأجسام الغريبة (مفوضية واستئنافات وإدارية وغيرها)، فالوزير والحكومة جميعهم في حسابات «فيفا» (عدم) لا وجود لهم وبالتالي لا وجود لهذه القوانين، فيم الجدل؟ نقطة سطر جديد هذا هو الواقع، هناك ثقافة جديدة يُشكر عليها مجلس إدارة نادي الهلال شكراً جزيلاً، لأنه اختصر سنوات طويلة من الصراعات المتخلفة حول القوانين والمواد والثغرات وكثيرا من السخف المسيطر على واقعنا الكروي، من الآن للذي يفهم والذي يدعي الفهم والذي لا يفهم، لم يعد للحكومة وقوانين هيئاتها الشبابية والرياضية مكان في الحياة الرياضية السودانية بعد انتهاء قضية نادي الهلال. ما حدث في قضية نادي الهلال يعتبر نقلةً كبيرةً في المفاهيم يجب الاستفادة منه إلى أقصى حد ممكن لوضع حد لهذه التدخلات، فالمفوضية والاستئنافات والوزير يمكن إيقافهم سريعاً في حال صدور أي قرار بحل مجلس إدارة إتحاد محلي أو نادٍ حتى ولو كان هذا النادي من الدرجات الصغرى، الأمر يحتاج فقط لقليل من الشجاعة في التمسك بالحقوق بعيداً عن المجاملات والمصلحة العامة، أي نادٍ مهما كانت درجته من الممتاز وحتى الدرجة الثالثة في كل السودان وليس العاصمة يتم حل مجلس إدارته وتعيين مجلس آخر يملك الحق القانوني الكامل في تصعيد القضية إلى الإتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» عن طريق الإتحاد العام بشكلٍ مباشرٍ، وعليه الاطمئنان أنه سيجد الإنصاف السريع من المنظومة الدولية. عدم المعرفة بالحماية المطلقة التي يوفرها الإتحاد الدولي لكرة القدم للإتحادات والأندية أضاع على الكرة السودانية كثيرا من القضايا العادلة التي تسبب التدخل السياسي، ولنا أن نتخيل لو عادت عجلة التاريخ للوراء وعشنا وقائع حل مجلس إدارة نادي المريخ برئاسة الإداري المحترم محمد الياس محجوب بوقائع اليوم، مؤكد أنّ المريخ لن يعرف رئيساً اسمه جمال الوالي، لأن تصعيد مجلس المريخ في ذلك الوقت لقضية الحل وإيصالها للإتحاد الدولي لكرة القدم، كانت ستوقف التعيين فوراً، ويحتفظ المريخ بديمقراطيته والمجلس بشرعيته إلى أن يسلمها بعد نهاية الفترة لمجلس جديد ليس فيه جمال الوالي، وقس على ذلك كثير من التدخلات السياسية عبر قوانين هيئات الشباب والرياضة التي أجهضت أهلية وديمقراطية الرياضة في الأندية والإتحادات على مر التاريخ، وكل ذلك بسبب عدم المعرفة بطبيعة المنظومة الدولية وما توفره لحماية النشاط الرياضي. آن الأوان لأنْ يجتمع أهل الرياضة للتفاكر حول وضع أُسس وقواعد لمنظومة رياضة خالصة بعيدة كل البُعد عن الحكومة وأجسامها الغريبة وقوانينها التي لا تساوي الحبر الذي تكتب به، منظومة من الرياضيين وللرياضيين، يتم التوافق عليها وتحدد آلياتها على كل المستويات (الأندية والإتحادات المحلية) وقبلها الإتحاد العام. فقد آن الأوان أن نودع والى الأبد التدخل السياسي في الشأن الرياضي.