وسط انشغال مصر بإحداثها الداخلية، فضلا عن اشتداد حدة التوتر بين السودان وجنوب السودان، سارعت إثيوبيا من وتيرة بناء سد النهضة الذي لاقى رفضا مصريا وتحفظا سودانيا، فأديس أبابا رغم الوعود التي أطلقتها بعدم الإضرار بمصالح مصر والسودان» دولتي المصب» من بناء السد، إلا أنها حتى الآن لم تلتزم بما توصلت إليه اللجنة الفنية الثلاثية، كما أنها رفضت المطالب المصرية السودانية بإرجاء العمل في السد لحين الاتفاق بين الدول الثلاث ، وقالت مصادر إن إثيوبيا اكملت حتى الآن ما يقرب من 24% من السد وأنها تواصل البناء. وأكد الدكتور كمال الدين حسن سفير السودان بالقاهرة التزام الخرطوم بالتعاون مع كل من مصر وإثيوبيا لتحقيق أكبر فائدة مشتركة للدول الثلاث، مؤكدا أن موقف السودان واضح في أنه لا مجال لتجاوز أزمة سد النهضة إلا بالتعاون المشترك بين الدول الثلاث ، معتبرا ذلك هو المخرج الوحيد للأزمة الحالية، وأن وكل الحلول الأخرى التي تطرح في هذا الشأن غير واقعية وغير بناءة. وأبدى سفير السودان لليوم السابع رفضه لكافة الاتهامات التي تروج لها بعض الدوئر السياسية والاعلامية عن تخلي الخرطوم عن مصر فيما يتعلق بقضايا المياه، وقال «إن السودان لم يتخل عن مصر أبدا ولن يفعل ذلك»، موضحا أن السودان لا ينكر الفوائد التي سيجنيها من بناء السد، لكن ذلك لا يعني التغاضي عن الأضرار التي ستصيبه أو تصيب الشقيقة مصر خاصة ما يتعلق بمعايير الإنشاء ومرحلة ملء الخزان أو تشغيله. من جهتها قالت السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية المصري السابق للشئون الإفريقية، إن إثيوبيا لم تستغل الأحداث الحالية في كل من مصر والسودان «دولتي المصب»، مؤكدة أن إنهاء 24% من بناء السد هي نسبة طبيعية وعادية جدا وفقا لخطة العمل التي وضعتها إثيوبيا للبناء، لافتة إلى أن أديس أبابا لم تسرع من وتيرة البناء، وإنما تسير على نفس الوتيرة وأنها لم تخل أو تتوقف عن البناء، لعدم وجود اتفاق على إيقاف البناء بين الدول الثلاث. وترى السفيرة منى عمر ضرورة عقد اجتماع لوزراء ري الدول الثلاث في أقرب وقت لمزيد من الدراسات الفنية التفصيلية من الجانب الإثيوبي بما يختص في حجم السد و فترة التخزين، مؤكدة في تصريحات ل»اليوم السابع»، على أن السبيل الوحيد للخروج من أزمة المياه بين مصر وإثيوبيا هو التفاوض لتسوية الخلافات حول سد النهضة، بما لا يحمل أي تداعيات سلبية على الأمن المائي المصري ولا حصته من مياه النيل المقررة وفقا لاتفاقيات دولية، وفي الوقت نفسه لا يؤثر على الطموحات الإثيوبية وخططها التنموية خاصة «توليد الكهرباء». وأضافت مساعدة وزير الخارجية السابق أن الموقف المصري الرسمي واضح جدا في التعامل مع أزمة سد النهضة، وقالت «إن أمن مصر المائي لا يمكن تجاوزه أو المساس به ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة المزيد من التحركات الدبلوماسية بين الجانبين الإثيوبى والسوداني لضمان إتمام كافة الدراسات الفنية الخاصة بالمشروع قبل استكمال التنفيذ». الى ذلك أكد الدكتور محمد عبد المطلب وزير الموارد المائية والري، أن اتصالات تدور حالياً لتحديد موعد عاجل لعقد اجتماع وزراء دول النيل الشرقي (مصر والسودان وإثيوبيا) لوضع الآليات الفنية لتنفيذ توصيات اللجنة الثلاثية لسد النهضة الإثيوبي، والتي يأتي على رأسها الاتفاق على قواعد تشغيل السد والتخزين وأيضا الدراسات الفنية المتعلقة بخواص التربة لضمان عامل الأمان. و أوضح عبد المطلب أن الاجتماع تم تأجيله قبل ذلك بسبب الفيضانات التي شهدها السودان خلال الشهر الماضي، مشيراً إلى أنه متفهم للظروف التي أدت لتأجيل الاجتماع وما ترتب عليها من أضرار في الأرواح والممتلكات التي تستدعي استنفار كل وحدات الوزارة السودانية والعاملين بها. إلى ذلك، يقيم مركز دراسات السلام والتنمية جامعة بحري بالتعاون مع اليونسكو ندوة بعنوان ( سد النهضة الاثيوبي : الفرص والتحديات ) غداً الساعة 11 صباحا بمركز التنوير المعرفي، ومن المقرر ان يتحدث في الندوة الدكتور سلمان محمد احمد سلمان خبير المياه الدولي.