يعرف الجميع أن دارفور العزيزة ظلت تمور وتفور بالاحترابات القبلية المؤسفة فما تنطفئ فتنة إلا وتشتعل أخرى أشد ضراوة. كانت آخر هذه الأحزان ما حدث بين الرزيقات والمعاليا في شرق دارفور وبعون لله فقد استطاع أهلنا هناك من إعلاء صوت الحق وبسط رايات السلام والوئام.. ومعروف أن غياب الأمن يعني توقف التنمية إذ لا يمكن أن يجري البناء والإصلاح وتعبيد الطرق وسط مجتمعات تتعارك بشتى أنواع الأسلحة.. لعل عودة السلام والوئام في هذه البقاع هو الذي انبعثت من صميمه قفزة إنمائية مستجدة تبدو جسورة ومتسعة وشجاعة وذات نفع للناس انتظروه ردحاً من الزمان.. ها نحن نقرأ مؤخراً «7 سبتمبر 13» الأستاذ على محمود عبد الرسول وزير المالية والاقتصاد الوطني ووفد رفيع من وزارة المالية الإتحادية يشهدون في الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور احتفالات حكومة الولاية بفتح مظاريف العطاءات وتدشين مشروعات التنمية و الخدمات الاستثنائية الجديدة، وهي تأتي ضمن مشروعات إستكمال النهضة للبرلمان الرئاسي و برنامج حكومة الولاية الرامية لتلبية إحتياجات مواطني الولاية وكما أوردت «الرأي العام» «7/9/2013م» فإن الدكتور عبده داؤود سليمان وزير المالية والاقتصاد والخدمة المدنية قد أوضح بأن المشروعات التي يجري الإحتفال بها وبفتح مظاريف عطاءاتها بلغت «150 مشروعاً سيجري تنفيذها بعدد من محليات الولاية، مبيناً أنها تتضمن مشروعات للبنى التحتية و مشروعات صحية واجتماعية وتعليمية علاوة على مشروعات تعزيز الحكم المحلي, وأوضح الرجل بأن التكلفة المالية الكلية لتلك المشروعات قد بلغت «150» مليون جنيه من الموارد المالية الذاتية لحكومة الولاية وبتعاون وتمويل من بنك الخرطوم، وقد تبين ان الشركات التي تقدمت بعطاءاتها لتنفيذ تلك المشروعات من العاصمة القومية و الفاشر قد بلغت حتى الآن اثنين وأربعين شركة وقد أكد الملتقون في حضور هذه المناسبة الرائعة أهمية العمل الجاد من أجل إنفاذ تلك المشروعات بحسبانها مشروعات خدمات حقيقية ستكون إضافة كبيرة لمسيرة الخدمات والتنمية بالولاية معلنين عن التأهب الجاد للعمل الناجز الذي يستحق بحق مثل هذا الإحتفاء المفرح هكذا تمضي الحياة صوب ما هو أنفع للناس حين يستتب الأمن ويعم الوئام حيث لا تتضارب نوازع الأهل وتعمد دائماً إلى سند الجهود البناءة القاصدة إلى إحلال الرخاء وتهيئة أسبابه إن ما فعلته الحروب القبلية كان بشعاً خاصة ما مس منه مصائر الناس الذين فقدهم أهلهم دون مبرر إذ أن كل الاحترابات التي نشبت لا تستحق أن نقتل في سبيلها حيواناً دع عنك الإنسان الذي بقتله ظلماً كأنما قتل الناس أجمعين.. إن بادرة هذه المشروعات التي فتحت مظاريف عطاءاتها لا بد من مغرية ابناء دارفور أن يرصعوا أراضيهم بما هو مثلها وأكثر على الأخص وإن إصلاح ما دمرته الحروب الأهلية إضافة لما نجم عن هجمات الكتل المسلحة المتمردة ينتظر الكثير من التضحيات لإعادة الحياة إلى سابق سيرتها ثم السمو بها إلى ما هو أروع وأنفع لجميع أهل دارفور بولاياتها الخمس.. إن بادرة ال «150» مشروعاً التي جرى الاحتفال بها الأسبوع الفائت والتي تنهض بتنفيذها كل هذه الشركات لتعيد أملاً كبيراً في غد يعمه الأمن ورغيد العيش لكل الناس.. إن أهل دارفور الذين عرفوا برفيع خصالهم المستمدة من عقيدتهم الإسلامية المترسخة عبر القرون هم على أبواب العودة لسابقهم التليد بعون لله وبقدراتهم التي لا تنفذ بأي حال إن شاء لله..