في سبعينات وثمانينات القرن الماضي حينما كنا نقصد الخرطوم سالكين طريق العيلفون غير المعبد حينذاك، كانت المنطقة الواقعة شرق الشارع الحالي في مرابيع الشريف والكرياب أرضاً تزورها يد المزارعين في فصل الخريف وفي الصيف نشاهدها وقد تناثرت فيها خيام من الشعر، وحين نسأل عنها يقول كبارنا انها للرحل في تجوالهم الصيفي حتى أننا كنا نندهش لأزياء البعض من نساء القاطنين في هذه الخيام. فيقولون من قبائل(أم بررو) وتمضي الأيام والسنوات ومع المتغيرات السكانية والاقتصادية بدأت المنطقة تتحول الى مساكن بينها رواكيب وخيام ومنازل من طين رغم ان أهل المنطقة يقولون انها مجرى لسيول وادي سوبا، ولكن عدم تدخل الحكومة والجهات المختصة أغرت الناس على الاستيطان ودعت الكثيرين للتصرف بما في حوزتهم من أراض ببيعها كما دعت بعض سكان الخرطوم وسط إغراء الطريق الذي تمت سفلتته الى بيع مساكنهم للاستفادة من فارق السعر والشراء في المنطقة. وقيل ان هنالك في أيام الانتخابات ماضيا وحديثا من كان يغري ساكنيها بالتخطيط وإدخال الخدمات من ماء وكهرباء وصحة ضمن اللعبة الانتخابية. وشرق النيل بعد ان امتلأت مناطق محليات الخرطوم وامدرمان بالناس وفاضت لم يبق إلا أرضها الممتدة محليتها في مساحة تمتد الى حدود ابودليق مع ولاية الجزيرة وهي سهل وبكر وسكن واهلها مشايخ ترتفع قباب اهلها من الصالحين على طمأنينة يمنحونها لمن يجاورهم سكنا او تواصلا بالمحبة، وتلكم العيلفون والعارف بالله الشيخ ادريس ود الأرباب وام ضواً بان والشيخ العبيد ود بدر وودحسونة ود ابوصالح والحاج يوسف وعلي ابوشمال في الدومة وحسوبة في سوبا. السيول والسكان لكن مع الأرض الشاسعة والقابلة لاستيعاب أعداد كبيرة من السكان إلا ان الخطر يكمن في ان بعض مناطقها تغمرها السيول منذ قديم الزمان وأهلها يعرفون اين يسكنون وكيف يتداركون كوارث السيول والفيضانات، وشرق النيل التي باحصائية غير رسمية تدخل من سياراتها الخرطوم يوميا زهاء(70) الف سيارة وتزيد باعتبار طريقها للمرور السريع أصبح حسب قرار المرور للسيارات القادمة من الشرق ومن ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأزرق وعدد سكان المنطقة نحو ثلاثة ملايين هي ايضا ذات مورد اقتصادي مؤثر في اقتصاد ولاية الخرطوم، بل في الاقتصاد الوطني عامة فاجأتها السيول نهاية الثمانينات وفي العام 2007 وهذا العام وتسببت في خسائر كبيرة والسكان المتأثرون الآن فقدوا المأوى رغم علمهم بخطورة السكن في هذه المناطق إلا انهم كما الغريق الذي يبحث عن قشة للنجاة، وهم بنسب غير رسمية كسبة يشكلون نسبة 40% ورعاة 30% ومزارعين 20% وعمال في القطاعين الخاص والعام 10% لذلك أمبدة المساحة الأكبر. أما محلية أمبدة التي انبثقت من محلية امدرمان الكبرى وفق المرسوم الجمهوري الحادي عشر الذي قضى بتقسيم مجالس المدينة وقد أصبحت كغيرها من المحليات ذات طابع سياسي واجتماعي تبلورت من خلاله وضع الخطط التأمينية الشاملة لحفظ أمن وسلامة مواطنيها وذلك لاتساع رقعة مساحتها واكتظاظها بالسكان الذين وفدوا إليها من خلال الهجرات الريفية الممتدة على ربوع اقاليم السودان،بها تعدد للثقافات القبلية المتنوعة التي تشبه عادات وتقاليد اهل الريف ومعظم سكان المحلية يمتهنون مهنة التجارة والبعض الآخر يمارسون مهناً هامشية. تقع محلية أمبدة عند البوابة الغربية لمحلية أمدرمان يحدها من جهة الغرب ولاية شمال كردفان ومن الشرق محلية أمدرمان حتى امتدادها جنوبا ومن الشمال الغربي الولاية الشمالية ومن أهم معالمها سلسلة جبال المرخيات - قوز أبو ضلوع - وادي المقدم وسلسلة جبال سوج. وتعد من أكبر المحليات مساحة بولاية الخرطوم حيث تقدر بحوالي 22.193كلم2. لاتساع الرقعة الجغرافية تعتبر من اكثر المحليات كثافة بالسكان مما جعلها تتصدر كل محليات الولاية سكانا بأكثر من2مليون نسمة تقريبا. وقد تأثرت بالسيول في عدة أحياء بينها الفتح ولانها وفق تقديرات غير رسمية يشكل نسبة 70% من سكانها من يعملون في الأعمال الحرة بين عمال وحرفيين وغيرهم بينما تشكل نسبة (30%) عمالا وموظفين في القطاعين الخاص والعام ووفق تقارير عن الأضرار التي لحقت بهم ان اكثر من الفي بيت دمرت الى جانب الخسائر في الممتلكات الخاصة، تمسكوا مع مواطني شرق النيل الذين تحدث لنا عدد منهم(الضو والماحي والصادق) من منطقة الكرياب وقاطني مرابيع الشريف الذين يشكلون النسبة الأكبر من الموظفين والعمال والنسبة الباقية أعمالا حرة مطالبين الاستجابة للدعوة التي اطلقها الاتحاد العام لعمال السودان والمتمثلة في تصريح نائب رئيسه الجنيد أحمد صالح التي طالب فيها، مؤسسات الحكومة والقطاع الخاص، بتوفير سلفيات مستردة لمنسوبيها الذين فقدوا منازلهم جراء الأمطار والسيول التي اجتاحت ولايات البلاد، ودعا الحكومة وصندوق الإسكان لتوفير مواد بناء ثابتة معفاة من الرسوم والضرائب. وقال الجنيد ل(الرأي العام) إن المناشدة موجهة للقطاعين الخاص والعام وفي كل الولايات بالتنسيق مع التنظيمات النقابية المختلفة والذين تأثرت منازلهم، عبر تقديم سلفيات مستردة تستقطع بالتقسيط من رواتبهم حتى يتمكنوا من إيجاد المأوى المناسب. طالب المواطنون بالاستجابة لاية دعوات او أفكار تطرحها الجهات الرسمية او المنظمات المدنية، وقال المواطن عثمان بيلو من امبدة ان المؤسسات في القطاعين العام والخاص كان موقفها مع الذين يعملون بها من المتضررين ضعيفاً كما الحال ونحن لا يضيرنا من يقف معنا. ويرى المواطنون ان قرار الولاية بعدم البناء من غير تخطيط غير صحيح ففي امبدة معظم السكان من الاسر الفقيرة التي لم تحظ بقطع أراض سكنية، فقد اضطر البعض منهم التجاوز والسكن عشوائيا لظروف الحرب في مناطقهم ولوجود مساحات تركها ابناء الجنوب الذين غادروا بعد الانفصال، فهل اذا كانت لهم مساكن مخططة يتركونها ليأتوا للسكن عشوائيا. العشوائي ويرى عدد من المواطنين ان الخطأ الأساسي في امتداد السكن العشوائي سببه الحكومة التي أغمضت عينيها دون إجراء حاسم في بداية بناء اي بيت وما دام هو قد قام فيجب تقنينه وتنظيمه ولكن ليس بشروط كالتي جاءت في تصريحات احد المعتمدين بالولاية بمنع بناء بيوت الطين، فكيف يبني من لا يستطيع اعاشة اسرته بيتا من الطوب او المسلح. ليس في الأمر مشكلة الجنيد أحمد صالح في تعقيبه على دعوة الاتحاد بالتسليف قال لنا: مع العلم ان نسبة العمال في القطاعين العام والخاص في المناطق المتضررة أقل من النسب الأخرى مع ذلك فالمؤسسات التي يعملون بها يمكنها القيام بتسليفهم حتى بنوك القطاع الخاص يمكن ان تسلف عمالها ليس في الأمر مشكلة، فما يهمنا عمالنا وهم شريحة ضعيفة، واضاف: نحن مع قرار الولاية باعتبار التخطيط السليم يوفر مناطق سكن آمنة للناس, وقال ان حصر المتضررين من العمال في مناطق شرق النيل وأمبدة جار حتى اليوم وتقوم به لجان النقابات الفرعية. لن تسمح مسؤول الإعلام بولاية الخرطوم الطيب سعد الدين اكد ان الولاية لن تسمح بالبناء في المناطق الخاضعة للتخطيط خاصة في منطقتي مرابيع الشريف والكرياب المتأثرة بالسيول إلا في وجود شهادة، اما عن التسليف فالولاية وضعت صندوق إعانة المتضررين وهو يعمل الآن في استقطاب المال وهنالك لجنة هي التي ستقرر شكل الدعم المقدم ان كان ماليا او عينيا والسلفيات ما تقرره المؤسسات للعاملين فيها حسب رؤيتها ولوائح العمل فيها. ماكينات البلك طارق شدو مدير التسويق والإعلام بالبنك السوداني الفرنسي قال لنا: هنالك فكرة او مقترح بناء على ما أعلنه مصنع أسمنت عطبرة بالتبرع بكميات من الأسمنت فان كان فالمقترح ان يقدم البنك ماكينات صناعة البلك وذلك من بند المسؤولية الاجتماعية او التبرع لصندوق دعم المتضررين بعد موافقة الإدارة التنفيذية للبنك، واشار الى أن حرفيي منطقة الفتح طلبوا منهم الحصول على تمويل ضمن مشروعات التمويل الأصغر ولكن ذلك يحتاج الى ضمانات من شركات التأمين او المحلية. أسئلة دون إجابات أسئلة دارت بيننا ومن التقينا بهم عن قرار الولاية بالتخطيط أولا وتمزيق شهادة الحيازة خاصة في منطقتي مرابيع الشريف والكرياب فمنهم من قال: أين كانت الولاية من هذا التمدد السكاني مع العلم ان خدمات الكهرباء والمياه موجودة في المنطقة؟ ويرون انهم الآن أصبحوا في حيرة فبعد ضياع ممتلكاتهم ودمار منازلهم أصبحوا لا يبجثون عن التعويض او التمويل بل عن قطع أراضيهم وهل ستكون لهم ام سيجرفها تيار التخطيط مثلما فعل السيل، وهل سيعوض من يفقد ارضه بأخرى ومتى، وآخرون تساءلوا عن التصريحات التي نشرتها الصحف بمنع البناء ب «الجالوس» مما يعدونه تدخلا في الشأن الخاص حسب قول مواطن(احمد): والذي قال: نحن الآن نقيم في خيمة الأفضل هي ام بيت الطين.. وطالب المواطن مصطفى علي بمحاسبة اللجان الشعبية التي باعت هذه الأراضي بشهادات الحيازة وهي تعلم انها في مجرى السيل، فمعظم السكان من مناطق في الخرطوموالولايات ولا علم لهم ان هذه الأرض مجرى للسيول،وطالب العديد من المواطنين بوجود رقابة على ما سيتم به دعمهم من الصندوق وإيجاد صيغة مع البنوك لتمويلهم من أجل بناء منازلهم ولو بضمان الأرض بعد إعادة التخطيط. وقال المواطن عثمان فضل القيوم بحسابات العقل هل سيكفي ما يجمعه الصندوق والسلفيات لإعادة ما دمرته السيول؟ مقترحاً تفعيل دور بنود المسؤولية الاجتماعية في الشركات والبنوك لكي يسهم بفعالية في دعم المتضررين خاصة في الدعم العيني وتفعيل الرقابة على أسواق محال مواد البناء لكي لا يستغل البعض من التجار هذه الكارثة ويزيدون أسعار موادها.