بعد حوادث النهب والاختطاف التي تشهدها ولاية جنوب دارفور تطور المشهد الى عمليات اغتيال في وضح النهار مما دفع الى حالة من الخوف والتوتر والانفلات الأمني خاصة في حاضرة الولاية مدينة نيالا، عمليات تنفذ باحتراف عالٍ تمكن مرتكبوها من تنفيذها دون خوف او تردد كأنما هي تحدٍ لحكومة الولاية واجهزتها الامنية وعجزها في توفير الامن مما جعل المواطن في الولاية يلجأ الى انتهاج سلوك جديد للتعبير عن غضبه واستنكاره لما يحدث بدليل التظاهرات التي تخرج وتدمر وتخرب مما دفع اجهزة الحكومة لتتعامل معها احيانا بعنف او تتجاهلها وقد شجع ذلك على الخروج علنا واعلان العصيان وما حدث خلال اليومين الماضيين بعد اغتيال رجل الاعمال وادي وابن اخته ليس ببعيد عن الاذهان. (الرأي العام) لمعرفة حقيقة ما حدث وكيفية معالجته في ظل انتشار السلاح وعدم تنفيذ القرارات التي تتخذها الحكومة للسيطرة على الوضع وحسم التفلتات الامنية استطلعت عددا من الشخصيات في الولاية، حيث يقول صديق عبد النبي حسن مستشار والي شرق دارفور السابق والقيادي البارز في المؤتمر الوطني : ان ظاهرة الاغتيالات في مجتمعات دارفور عموما ونيالا خاصة من الظواهر الوافدة حيث لم يعرف اهل دارفور الاغتيالات عموما لذلك يجب ضرورة تحليلها علميا وموضوعيا من خلال المؤسسات التي تهتم بسلوكيات المجتمع وتقدم الحلول. ودعا صديق السلطات الامنية بالولاية للقيام بدورها على الوجه الاكمل طالما ان هناك سلوكا ومهددا امنيا للمواطنين في الطرقات العامة والسوق ومنازلهم ليلا ونهارا. وقال ان مقتل اسماعيل وادي مثال لعمليات الاغتيالات بنيالا ، فالشهيد اسماعيل نشهد له بدماثة الخلق وانه رجل قومي عرف بالاعتدال بين أهل الولاية بعيدا عن القبلية وكان رجلا للبر والاحسان وله مساهمات عديدة في مشروعات التنمية لذلك كان اغتياله امراً حير الناس، واربكهم ومن الطبيعي ان ينتفض اهله ومحبوه معبرين عن ذلك بالطرق المختلفة التي من بينها التظاهرات السلمية.. واضاف: كنت اعتقد ان السلطات الامنية تتحسب لذلك خاصة وان عملية الاغتيال تمت في المساء واليوم الذي اعقبه كان ينبغي ان تنتبه لردة الفعل خاصة بعد التدافع الكبير الذي حدث في مستشفى نيالا . و اوضح صديق ان ما حدث يتيح للمندسين تمرير اجندات سياسية وتخريب ونهب الممتلكات، وطالب صديق بضرورة اعادة الثقة بين المواطن والدولة خاصة بعد المشاكل التي مرت بها الولاية الامر الذي جعل كل مجموعة تحمل السلاح بمسميات مختلفة، وشدد صديق على ضرورة تقنين السلاح خاصة لدى القبائل وتقنينه حتى تسهل المحاسبة والمراقبة ، بجانب اعادة النظر في منسوبي القوات النظامية حتى يتحقق الامن والاستقرار بجانب فرض هيبة الدولة ، ودعا المواطنين بالتحرر من القبلية. ترحم عبد الكريم موسى نائب والي جنوب دارفور السابق على روح الشهيد اسماعيل وادي وابن اخته وقال انه (رجل امة) تخطى حدود القبلية وانفتح على الجميع. وقال عبد الكريم في اتصال هاتفي ل (الرأي العام) ان ظاهرة الاغتيالات التي تكررت بالولاية تعد ظاهرة خطيرة واضاف: ان كل التظاهرات التي حدثت بالولاية كانت تستند الى حقائق لكن ما حدث مؤخرا باغتيال اسماعيل يعد تحولا في نوعية الجريمة وخطورتها مما يستوجب احتواء تداعياتها والتعامل بحسم مع مرتكبيها حتى لا تكون نقلة نوعية والتصفيات المضادة. واضاف عبدالكريم: لابد من معالجة الامور بمحورين : أمني وهو ان تعمل الاجهزة الامنية على حفظ الأمن وانزاله على أرض الواقع وعلى لجنة أمن الولاية مضاعفة مجهوداتها لحسم ظاهرة التسلح والتسليح .. والمحور الثاني على المستوى الاجتماعي : لابد من توعية المجتمع وتلاحم المكونات سواء أكان على المستوى الاهلي او الدستوري وان تضطلع الحكومة بمسؤولياتها باحداث حراك على كافة المستويات للعب دور ايجابي مباشر للارتقاء بانسان الولاية ، واكد ثقته في مقدرة الاجهزة الامنية المحافظة على الأمن بجانب توفير الامكانيات اللازمة له . ونفى عبد الكريم ان تكون للحركات المسلحة اليد فيما حدث فهي ليست لها قيادة فاعلة تمكنها من تحريك الشارع العام في تظاهرات ولا وجود سياسي لها ،وهي اضعف حتى على مستوى الميدان و وجودها بالولاية ينحصر في جيوب هنا وهناك ولا يمكن ان تدخل مدينة نيالا، واضاف: ان مجتمع دارفور يتصف بوعي وحس امني وطني كبيرين وهذا ما لمسته من واقع عملي كنائب للوالي . وفي السياق طالب اللواء أحمد عثمان محمد خير، مدير شرطة ولاية جنوب دارفور بإيقاف حركة التسليح الموجودة في مجتمع دارفور، والولاية ، وقال في حديثه ل(الرأي العام) امس: ان هناك (20) الف قطعة سلاح بيد المواطنين، حسب آخر احصائية للجنة التي كونها د: عبد الحميد كاشا والي جنوب دارفور السابق، واضاف : ان المسألة الامنية متشعبة جدا وهي لا تتوافر بالحلول الأمنية وحدها واردف: (الحل ليس في مشاهدة الدوشكا والشرطة والجيش في الشوارع)، وانما في اعادة إحساس الامن للمواطن، منوهاً الى وجود فجوة بين المواطن والشرطة بسبب حجب المعلومات من قبل المواطنين وعدم التبليغ عنها. وقال: انهم وجدوا بعض المتفلتين ممن القى القبض عليهم ينتمون للقوات النظامية سيقدمون للمحاكمة الى جانب القبض على (20) من مرتادي الاجرام . واشار محمد خير الى خطة لاعادة خدمة السواري بالشراكة بين حكومة الولاية والغرفة التجارية واتحاد الفروسية لاستجلاب (50) حصانا في المرحلة الاولى الى جانب عمل دراسة لاستخدام الكلاب البوليسية وخدمة نظم المعلومات والرقابة الالكترونية والكاميرات بنشرها في الاسواق ، واضاف: ان نيالا مدينة كبيرة مترامية الاطراف تحتاج الى (65) عربة نجدة ، الموجود منها (13) عربة فقط .. وختم حديثه قائلاً: ( إن اسوأ شئ في دارفور البندقية والموبايل).