ألزمتني نزلة البرد الريموت كنترول طيلة أيام عيد الأضحى المبارك، وأتاحت لي هذه السانحة القسرية تصفح المرئيات السودانية وبعض الإذاعات ودونت على دفتر بجواري بعض الملاحظات. خطوط البرمجة العامة اعتمدت المنوعات وأبرز الملاحظات ظهور التلفزيون بحضور منافس وطيب على الأقل بأفضل مما كان عليه في رمضان الماضي وعيد الفطر.. قدمت قناة الشروق خدمة إخبارية متميزة ربطت بين العيد وإمكانات الوفاق السياسي الوطني، بجانب تفوق النيل الأزرق على مستوى المنوعات والسهرات الجماهيرية التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية، جددت كل المرئيات السودانية تقريباً تشكيل الشاشة والعرض عبر الفواصل والقرافك والمعايدات الجاذبة وحتى الإعلانات التي قدمتها شركات الإتصالات للأجهزة المرئية استصبحت أنفاس العيد وما فيه من قيم التواصل والتسامح والمحبة التي يتسم بها أهل السودان. وهذه الاطلالة بمثابة معايدة لكل مافاتني زيارتهم في العيد.وكل عام وانتم بخير. ------ التلفزيون.. الرهان على المنوعات بدأ التلفزيون القومي في هذا العيد مراهناً بشدة على المنوعات وتمثل هذا الرهان في تقسيم أيام العيد الى فرق عمل أظهرت تنافساً طيباً لتقديم ما يرضي المشاهد وتميز اليوم الذي أنتجه ونفذه علاء الدين الضي وحمل توقيع المخرج عيساوي قوالب عرض جاذبة على مستوى المنوعات أبرزها «دوحة المدايح» التي استضافت فرقة الصحوة ونجمي الغناء الصاعدين احمد وحسين الصادق.. وهي تقريباً الجرعة الروحية الوحيدة التي لاحظت أنها عنيت بموسم الحج كموسم وشعيرة ترتبط بفنون المديح وأيضاً كانت المساحة التي أفردها اليوم الأول لأهل التصوف تلك المعالجة القلمية لليلة العيد عند السادة السمانية كانت عملاً موفقاً ومخدوماً. الفترة المفتوحة لليوم الأول التي استضافت ترباس وحسين شندي وفرفور كانت عيدية مدهشة لولا أن أفسدتها فرق النكات وشخصياً قد استمعت الى ذات النكات أكثر من عشر مرات في أكثر من مناسبة. أظهرت هذه الفترة ترباس كنجم حقيقي من طراز مختلف وأعادت الى الأضواء المتوهج أبداً حسين شندي الذي تمت استضافته أيضاً في سهرة «حماسيات» على النيل الأزرق ومعه ندى القلعة ولنا عودة الى هذه السهرة رغم أن هذه الفترة تم الترويج لها بكثافة إلا أن ما ينقصها كان الديكور الذي لا يناسب الجلسة العفوية البسيطة، كان الديكور مزدحماً بزخم لا معنى له من الأثاث والمفارش التي تستخدم في الحدائق الخارجية كما أن مستوى الصوت والإضاءة كان ضعيفاً جداً خاصة الوتريات لم تكن تسمع على الإطلاق. وقد حاول المذيع طارق كبلو ان يضبط إيقاع الجلسة بقدر الإمكان رغم تهريج جماعة النكات «المجموعة الشمسية». والسؤال المحوري هل من المقرر على المشاهد ان يستمع لمثل هذه النكات السخيفة في كل عيد؟! قبايل عيد سهرة اليوم الأول يكفي أنها أضافت لمكتبة التلفزيون تسجيلات نادرة لم تكن تتوفر لمكتبته لولا اختيارات حسين خوجلي الأنيقة كأغنية «ماذا يكون حبيبي» لحسن عباس صبحي وأغنية «الكل يوم معانا وما قادرين نقول ليك»، هذه السهرة جعلت أوار المنافسة يشتد بين النيل الأزرق والتلفزيون. أدرت الريموت الى النيل الأزرق حيث سهرة «حماسيات» ورغم ما فيها من قوة المادة وجاذبية المؤدين إلا أن «تسابيح» لم تكن في مستوى الأداء المطلوب وغابت عنها روح وأجواء السهرة التراثية المليئة بخصائص الحياة السودانية. زمن ومبدع انتظمت هذه اللوحة التوثيقية أيام عيد الأضحى وكانت الاستهلالية بإضاءة خاصة حول الموسيقار سليمان أبوداؤود الذي ارتبط بتجربة الفنان عبدالمنعم الخالدي وله أغنية يتيمة لزيدان إبراهيم «إذا الخاطر سرح عنك تأكد أنو راح ليك» وفي ذات السياق قدم برنامج «زمن ومبدع» برمجة خاصة عن الفنان عبدالعزيز محمد داؤود استضافت أسرته وأصدقاءه وقدم إضاءات نقدية عنه الموسيقى والأكاديمي «محمد سيف». النيل الأزرق عاد الطيب عبدالماجد بقوة لدائرة الضوء عبر «أكثر من اتجاه» استضاف وزيرة الصحة الاتحادية دكتورة تابيتا بطرس والاستاذة إشراقة محمود في معايدة خفيفة غطت اهتمامات المرأة القيادية وعلاقتها بالحياة العامة وصاحبت المعايدة الفنانة سميرة دنيا، استطاع الطيب بسلاسته المعروفة أن يقود خيوط الحوار دون تكلف ورغم ان الفكرة بسيطة إلا أن حضور الطيب كنجم صنع من هذه المعايدة القصيرة عملاً تلفزيونياً مخدوماً. بين الفلاتية ومنار صديق كتبت من قبل عن الواعدة منار صديق وقلت إن هذا الصوت أضر به التناول الإعلامي الذي يصر على إضافتها لنجوم الغد ومنار مطربة حقيقية لم تجد فرصتها الكافية لإبراز ملكاتها وإمكاناتها العالية في التطريب. في ظني أن سهرة «الملاك السامي» التي جاءت احتفائية تذكارية بالقامة الغنائية الباهرة عائشة الفلاتية. في تقديري أن هذه السهرة أتاحت الفرصة للنظر لمثل هذه الموهبة بعيداً عن ازدحام أغاني وأغاني وبعيداً عن صورتها في نجوم الغد مع المجموعة. منار موهبة يميزها أنها قدمت أغاني فيها قدر كبير من التحدي كأغنية «أنا بحبك يا مهذب» وأغنية «الملاك السامي» و«التجني» وهي من الإلياذات النادرة في خارطة الوجدان السوداني وحتى عائشة الفلاتية نفسها لم تكن تكرر في تسجيلاتها للإذاعة هذه الأغاني لصعوبتها ولما فيها من جهد موسيقي وعبقرية في الأداء. منار صديق ابتعدت عن الأغاني الدارجة التي ظلت الأصوات ترددها «كالليمون سقايتو على» «ويا حنوني» وهي من الأغاني المألوفة والمعروفة، وهذا ذكاء فني في ما يخص الاختيار. الشروق من تقديم إيمان بركية قدمت «الشروق» «ألوان» وهي برمجة منوعات تناولت تأثير الغناء السوداني في المحيطين الإقليمي والعالمي ضيفها كان الدكتور كمال يوسف الذي أظهر إلماماً وعمقاً وتحليلاً واسعاً كما ان المختارات الغنائية كانت موفقة. أيضاً كانت «أطياف» سهرة تراثية تناولت الفلكلور السوداني عملاً مهنياً رفيعاً. ولم استطع متابعة «زول وهارموني» لأنهما خارج الشبكة.