دخول الكهرباء الي قريتي الاركي بمحافظة مروي بدّل كثيرا من البيئة المنزلية التي ما عادت تصلح للعقارب والثعالب والافاعي وبقية الكائنات التي هددت حياتنا زمنا طويلا ...ففي ليالي الصيف درج الناس علي سماع صيحات الاستغاثة ثم الركض نحو ثلاث بيوت في وقت واحد تعرّض فيها بعض المناكيد للدغة عقرب جبلية خشنة الملمس والطباع او نهشة حية جاءت تتلوي من قمة نخلة مجاورة ...عند دخولك علي الضحايا تجد ان هذا (يطرش) بصوت مرعب واخر يرتجف مثل قصبة في مصب الماء ويهذي ببعض اقوال السلف الصالح فراعنة ومسلمين اذ كثيرا ما يخرج التراث الشفاهي الموروث لا اراديا....خلي بالك ...اما النسوة فقد كن من اسوا ضحايا العقارب حيث تبدا الواحدة بالزغاريد بصوت يرتفع بالتدريج وعند اجتماع القوم تبدا في رثاء نفسها وذكر محاسن ومناقب ابيها واخوانها ثم تعرّج علي ذم الحكومة بقولها( لا شفخانة لا فتيل دوا بس فالحين للزكاة والضرائب _يضربن الضرب ابوي) فان قالوا لها اسكتي هزة راسها في عناد وقالت (لا لا خلوني اتفشي قبل ما اموت واوعكم تدفنوني قبل عثمان اخوي يجي من اتبرا )!!!!! عند الغروب يعود الناس من المراعي والمزارع منهكين ثم يقذف كل واحد منهم بجسده علي عنقريب ليس باحسن حال من الراقد عليه .....مع انسياب الظلام تشد كتائب البعوض علي الراقدين الغارة تلو الاخري لتصادر ما تبقي لهم من دم هو عبارة عن رصيد لاعباء اليوم التالي .....فكر وبحث الناس كثيرا في كيفية رد هذا العدوان( الاسرائيلي الغاشم ) واخيرا اهتدوا الي مسح اجسادهم بالجازولين فصار حصنا منيعا ضد البعوض _ يعني طبيعي جدا ان تستهلك اسرة بها سبعة اشخاص نصف جالون ديزل يوميا لمسح الجزء الكاشف من الجسد كالساقين والسواعد،اما اذا كانت احداهن تمتلك جيدا كجيد الرئم ليس بفاحش اذا هي نصته ولا بمعطل وفرع يزين المتن اسود فاحم اثيث كقنو النخلة المتعثكل فلا مناص من ان تستهلك جالونا كاملا، (قال حمام مغربي قال!!!).لم تظهر أي اعراض جانبية لاستخدام الجازولين كما انه لم يُسجل كاختراع نال استحسان الاهالي وكفي المسؤولين شر دعوات المظاليم ... مع دخول الكهرباء ظهرت حضارة جديدة واصبح القوم في نعمة من الله حيث احتلت المراوح والمكيفات والكمبيوترات حيزا حسيا ومعنويا في حياة الناس وهربت الثعابين والعقارب لان بيئتها الطبيعية قد صودرت مثلما حدث للقرود بمنطقة قاردن سيتي، فعندما قام الناس بتشييد العمائر والابنية وقطعوا الاشجار هربت القرود الي جامعة الخرطوم كملاذ آمن به الاشجار والجداول والوجه الحسن علاوة علي ان المثقفين يحترمون حقها في الحياة ولا يعترضون سبيلها ابدا....لاحظت لكم ان قرود الجامعة تتجرا كثيرا علي الفتيات بخطف الشنط والسندوتشات لكنها تتقي صولة الاولاد خاصة ابناء الضهاري الذين لن يترددوا في ذبحها ان هي تجاوزت حدود الحرية الممنوحة لها ... تصرف عجيب: اشتري احد الناس حافلة هايس جديييييدة فذبح لها ودعا اصحابه للوليمة و بينما الناس منهمكين في الاكل والتحلية تسلل هو وحمل علبة بوهية وفرشة الي حيث تقف العربة ثم كتب عليها (الانقاذ) ودخل البيت...عندما خرج الناس راوا الكتابة علي الحافة بارزة فسالوه :انت مجنون ؟ ليه تكتب اسم عجيب زي دا في الحافلة؟؟ قال لهم : عشان ما (تتقلب)