التضاد المثير الذي مارسه المطربان العملاقان «عثمان الشفيع» و«أبو داؤود» في التعبير عن الزهور بحنجرتيهما.. كان من أبرز أنواع التقمص الشعري والغنائي لمفردة الزهور في مسيرة الأغنية السودانية.. فها هو «الشفيع» يردد وبشجن عميق: الزهور والورد.. الشتلوها جوة قلبي.. بينما اختار «أبو داؤود الطريق الصعب وهو يردد: أنا ما بقطف زهورك.. بعاين بعيوني. وبرغم الإختلاف الكبير بين الموقفين.. إلا أننا نجد أن الزهور بأشكالها وألوانها مثلت حضوراً أنيقاً في بساتين الأغنية السودانية.. منذ عصر «الحقيبة» وأغنيات «زهر الرياض» و«زهرة السوسن» و«زهرة روما» وغيرها من الأغنيات التي فتحت الباب على مصراعيه للزهور للتحكر بين القوافي والألحان. ولم يحرم «الجابري» نفسه من مداعبة الزهور بطريقته الخاصة.. وهو يردد: الزهور بسمت لينا.. ويمارس أروع مفردات التشبيه.. في زمان كانت فيه الأغنية على كل لسان..كذلك الموسيقار الكبير «محمد الأمين» اختار نوعاً رقيقاً جداً من أنواع الزهور ليموسقها بحنجرته الذهبية وهي أغنية «نرجسة» التي عاد بها لمعجبيه الذين استقبلوها بحرارة وشجن لتشكل «الزهور» أروع تواجد.. في بساتين الأغنية السودانية ولا تزال تنتظر أن يقطف الكثيرون أوراقها الندية.