قد يجمع الزمان طَرَفا بطَرَف ولو لم يُرِد الطرفان ذلك... قد لا يجمع الإستلطاف طرفين حكم عليهما الزمان أن يكونا معا لأجل معلوم... ومع كل هذا يكون لازماً أن يسيرا فى الطريق معاً حتى إستيفاء الأجل... هذا النوع من الإلتقاء هو اللقاء القََدَرِى... لقاء يقع تحت (المسئوليّة) المباشرة للقضاء والقَدَر! حرب الجنوب السودانى مع شماله على مدار سنواتنا الوطنيّة أخذت عددا من أشكال حركات التمرّد وعددا من أنظمة الحكم لكنْ الأقدار السياسيّة لم تأت بالإتفاق إلا على يدى أشرس طرفين فى تلك الحرب... فالطرفان الغريمان هما اللذان قاما بشكل مباشر بإطفاء نار الحرب فى الجنوب وإعادة هيكلة الوطن! منذ أن جلس سلفاكير ميارديت أمام غازى صلاح الدين فى ميشاكوس, وبعدهما جلس على عثمان أمام جون فرنق فى ضاحية نيفاشا كانت الأقدار السياسيّة هى الطرف الثالث فى الإتفاق... لم تجمع بين الطرفين فى ميشاكوس أو نيفاشا علاقة حب سياسيّة لكن ما جمع بينهما هو الأقدار السياسيّة! من يؤمن يقيناً بالأقدار السياسيّة عليه أن يؤمن بأنّ ما بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبيّة هو نوع من الأقدار التى لا تُرَد... وأنّه برغم (الانتباهة) وبرغم (أجراس الحريّة) وبرغم (أحزاب جوبا) وبرغم الجو الراعد والإعصار فسيبقى ما بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبيّة حتى آخر يوم وحتى آخر نقطة فى مشوار الأجل المعلوم! جمّدت الحركة الشعبيّة مشاركتها فى حكومة الوحدة الوطنيّة قبل عامين... وترك نوّابها بالمجلس الوطنى مقاعدهم البرلمانيّة قبل شهرين... وما بين تلك وهذه مارست الحركة الوقوف المتكرّر... لكنّها تعود دائما... ولا نجد لذلك سببا غير أنّ الحركة الشعبيّة تستجيب للأقدار السياسيّة! هل نهنئ الحركة أم المؤتمر أم الإثنان معا بعودة (الأقدار السياسيّة) إلى مجاريها... لكن من الأفضل أن نذكّرهما بأنّ الأهداف المتوازية لا تتحقق بالطريقة التى يحبّها كل طرف ولكن بالإيمان بالقضاء والقدر السياسى خيره وشرّه حتى تقضى الإنتخابات والاستفتاء أمرا كان مفعولا... وبين الانتخابات والاستفتاء لا أجد ما أحضّهما عليه غير ما قاله حسن عطيّة: الحِجِل بالرِجِل!!