اطلقت الصحافة العالمية على قمة مجلس التعاون الخليجي ، في دورتها الثلاثين في الكويت، لمدة يومين، حتى امس، قمة الحروب المجاورة، و«الضرورية» و«المفروضة» . وتلك حقيقة، تحمل سطوع شمس الخليج، وربما حرارتها. فالحروب المجاورة للخليج، تطوق هذه المنطقة الغنية بالنفط كما السوار بالمعصم. تكاد تكون هذه الحروب هي حروب العالم، بالتمام والكمال.احصي من بعيد او من قريب:الحرب تدور في افغانستان،والحرب تغلي في باكستان، وحرب نووية بين ايران من جهة، وامريكا واسرائيل من جهة، وهناك بالطبع بين هذا وذاك من يحملون الحطب، من كل فج عميق، لهذه الحرب ، وحرب العراق لم تنته، وحرب اسرائيل على الفلسطينيين. هي أم الحروب، وهي قد لا تنتهي، وحرب خفية في لبنان بين حزب الله وآخرين، وهي جزء يسير، ونموذج مصغر من حرب كبيرة باردة مثلجة، ولكنها حارقة تدور بين «السنة والشيعة»، وحروب حدود باردة بين دول الخليج. كل هذا كوم، والحرب في اليمن «السعيد» كوم آخر. أرى فيها نموذجاً مصغراً لكل الحروب آنفة الذكر: فيها حرب القاعدة وحرب طالبان وحرب الحدود وحرب الشيعة والسنة، والحرب النووية، وحرب الوحدة في اليمن، وحرب «ضرورة»، وحرب «مفروضة». ثم ان كل تلك الحروب بما فيها حرب اليمن كوم، والحرب العالمية المالية كوم، خاصة اذا كنا نتحدث عن خامس أكبر تكتل اقتصادي في العالم:مجلس التعاون الخليجي. الاسبوع قبل الماضي» طارت»شرارة من تلك الحرب وسقطت في دبي، فكان الاشتعال في كل مكان في العالم، والخسائر حتى الآن مليارات الدولارات لحملة الأسهم، ولا يعرف ما اذا كانت شرارة دبي ستنطفئ في القريب العاجل ام لا،خاصة ان الشرارة الكبرى لم تنطفئ ولا يعرف متى ستنطفئ،وأوباما يحاول ولكن! آخر المحاولات انه عقد اجتماعا مع مديري البنوك الامريكية وخطب فيهم ناصحاً بأن يكونوا «وطنيين». هي قمة عادية دورية، وتعتبر الخامسة من نوعها تعقد في هذه الدولة «الرائقة» الكويت، ولكن بتلك الحسابات تبدو أقرب الى الاستثنائية. بالتأكيد، ليس للقادة الخليجيين حلول جاهزة، على الطاولة لتلك الحروب، ولكن مجرد وجودهم حول الطاولة في الكويت، يقدم اشارة قوية بأنهم يدركون تلك المخاطر، وانها تشكل ورقة أساسية على طاولاتهم وحقائبهم. كما ان وجودهم معاً في الكويت والتداول حول هذه الحروب، يقدم لهم شعوراً بالجماعية ودفء العشيرة والهم الواحد والهدف الواحد. انجز مجلس التعاون الخليجي منذ تشكيله في العام 1981 ، على خلفية اندلاع الثورة في ايران، الكثير وبقى امامه الأكثر الهائل، ولكن انتظام القمم، وبالحضور الواسع، منذ قمة الامارات الاولى، وحتى الاخيرة هذه في الكويت، لهو أكبر انجاز لقادة هذه الدول، ويعني ان الشعور بأهمية الوحدة هي الغالب. ومع هذا تترقب شعوب القمة من قادتها قرارات عملية حيال اقرب الحروب المجاورة: حرب اليمن، بين الحكومة اليمنية والحوثيين، وأخيرا دخول السعودية على خط الحرب. ان لم تتخذ تلك القرارات ستدخل على الخط دولة اخرى، ثم ثالثة، ثم رابعة، ثم انفجار للنفط. سيطرت مسألة توحيد العملة في الخليج على مداولات القمة، في القاعات وعلى الهامش، ولكن يبدو أن دول الخليج ما زالت على سفح المسألة، رسمياً تبدو الأمور جيدة حيث تجدالفكرة التأييد من:الكويت والسعودية وقطر والبحرين، فيما تتحفظ على المسألة كل من الامارات وسلطنة عمان، والسبب هواجس تعتري بيوت المال والاعمال من مسألة توحيد العملة الخليجية،من النقلة، في حد ذاتها، وليس من مخاطر بحسابات اقتصادية بحتة. النقلة، حسب رأي محللين كثيرين، ليس أكثر من ما يشعر به الجريح من رغبة في الحك الشديد ، هي بشارات البرء. القمة حركت حجر العملة الموحدة، بدأت الدوائر تدور، وأبقت القضية على طاولة الخليجيين، وهذا اقل ما يمكن ان يكون في قمة بدولة ما انفكت، تعلم الآخرين حرفة التطلع والنظر الى الأمام، حيث الافق البعيد: دولة الكويت.