في اول مقابلة للدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية مع المبعوث الامريكي قال الاول للثاني ضمن ما قال: ينبغي ان تعلم اننا قد تعلمنا ان نعيش بدونكم، لكن بما اننا نعيش في كوكب واحد وهناك قضايا مشتركة بيننا كبشر، فنحن نفضل ان نتعايش معكم، ولكن في النهاية اذا كنتم لا ترغبون في التعايش فنحن مستعدون للعيش بدونكم. الرواية اعلاها حكاها الدكتور غازي بنفسه للزميلة «الانتباهة»، وزاد اليها اضافة مهمة في سياق توصيفه الى وجود تناقض في مراكز اتخاذ القرار الامريكي..د.غازي قال في اضافته المهمة للمبعوث: نحن اقل حيلة من ان نغير نظامكم السياسي. بعملية استدعاء وتحوير بسيطة من (النظام السياسي) الى (النظام الامني)، تبدو الحكومة اقل حيلة بكثير من ان تقدم على رفض الاجراءات التي اتخذتها الولاياتالمتحدةالامريكية بشأن التفتيش الدقيق للمواطنين السودانيين المسافرين للدنيا الجديدة- اسوة بمسافرين من دول اخرى- عبر استخدام تقنية الماسح الضوئي. يمكن للحكومة ان تسرف في استخدام العبارات الدالة على استهجان الخطوة الامريكية، كأن تصنف التفتيش الدقيق على انه انتهاك لحقوق الانسان- وهو كذلك-، أو انه يهدر حرمة وخصوصية المواطنين السودانيين في المطارات الامريكية، ويجعلهم يبدون امام الكاشفات الضوئية التي تمسح الجسم الانساني مثل الحقيقة. اما اعلان الحكومة رفضها للاجراء الامريكي فهو امر لا تستطيعه، لأنه اجراء يتم داخل الاراضي الامريكية، وتخضع(بضم التاء) له الحكومة الامريكية رقاب المسافرين من دول عديدة غير السودان، بل من بينها دول نووية حليفة لامريكا مثل باكستان، ولم يرشح من هذه الدول كلمة رفض للاجراء الامريكي الذي سيصحبه تفتيش عشوائي لاي شخص لا ينتمي للدول المذكورة ولكن تشتبه فيه السلطات الامريكية في امره. بعد الحادي عشر من سبتمبر وقبل استخدام الماسح الضوئي كانت الولاياتالمتحدةالامريكية لا تتوانى ، بدافع التأمين وإعمالا لنظرية الشك، عن اخضاع كبار المسؤولين في دول بعينها الى اجراءات تفتيش وانتظار مهينة لا تضع في اعتباراتها ابداً المنصب الدستوري الرفيع لصاحبه الذي دفعت به الاقدار الى زيارة امريكا، وكان المسؤولون الذين يتعرضون الى هذه المهانة يغضون الطرف عنها آخذين في الاعتبار الهوس الامريكي بموضوع الامن. وحتى لا تندفع الحكومة اكثر في نصب معركة دبلوماسية على هامش(التفتيش) فإن تقنية استخدام الماسح الضوئي في طريقها الى التعميم داخل الدول الاوربية، فقد اعلن مسؤولون في المانيا إن استخدام أجهزة الماسح الضوئي التي تكشف عن أجساد المسافرين وتهدف لزيادة درجة الأمن في المطارات ، من الممكن أن تصبح من الأمور الطبيعية في المطارات الألمانية خلال العام الجاري، تحسبا لتحذيرات من وجود نقاط خلل في عمليات التفتيش في المطارات الالمانية. وأعلنت هولندا عزمها استخدام الماسح الضوئي في عمليات تفتيش جميع المسافرين بالطائرات قريبا، واتفقت معظم الأحزاب الهولندية تقريبا على ضرورة استخدام الماسح الضوئي مبررة ذلك بأن أمن المسافرين بالطائرات مقدم على القلق من مسألة خرق خصوصية الركاب. وربما تعدى موضوع الماسحات الضوئية المطارات الاوربية الى غيرها من البلدان الاخرى، وقد يتم اقراره دوليا مثله مثل موضوع الرقابة على الحسابات المصرفية والتعاملات البنكية..وبالتالي يصبح موضوع المعاملة بالمثل امرا لا يحتاج الى تصريح صحفي.