وسط الكم الهائل من الكتابات عن لقاء الدوحة الحالي حول مفاوضات دارفور يبدو أن الوضع يتلخص في عدد محدود من النقاط : نقطة أولى، أن كبرى الحركات المسلحة «العدل والمساواة» في طريقها للتنازل عن شرطها الأساسي المطالب بإنخراط جميع الحركات في وفد العدل والمساواة باعتبار أن هذا أفضل الحلول لتوحيد المواقف التفاوضية لهذه الحركات، وأنهم لن يعترفوا بحركات معلقة في الهواء وليس لها وجود في الميدان. ونقطة ثانية، ان عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان ايضاً في طريقه للتنازل عن شروطه للإنخراط في المفاوضات، وما زالت المساعي تتكثف لربطه بمنبر الدوحة والتنازل عن مواقفه السابقة التي تصر على ضرورة عودة الهدوء لدارفور وعودة النازحين إلى قراهم واشتراطات أخرى قبل الجلوس لطاولة التفاوض. ونقطة ثالثة، ضرورة توحيد المواقف التفاوضية للحركات المسلحة، وهذه أيضا تبدو في طريقها للحل، إذ نجد أمامنا الآن أربعة أو خمسة مجمعات تفاوضية بدل أكثر من ثلاثين رأياً لأكثر من ثلاثين فصيلاً مسلحاً بعد أن أندمجت مجموعات فيما يشار إليه بمجموعة اسمرا ومجموعة طرابلس ووحدة جوبا. ونقطة رابعة، ان المساعي جارية للتقريب بين المصطلحات التوحيدية : توحيد المواقف التفاوضية .. توحيد المواقف الميدانية .. والتوحيد الاندماجي للحركات المسلحة. وكلها تحولت شيئاً فشيئاً من مواقف للتجميع إلى مواقف للإختلاف. ونقطة خامسة، ان مساعي منبر الدوحة يسعى للقبول بأقل القليل وهو توحيد الموقف التفاوضي للحركات المسلحة على ألا يعني ذلك ايقاف المساعي الأخرى لتوحيد الفصائل عبر آليات أخرى. خطوط متقاطعة من المواقف والأفكار تقف على اعتابها مفاوضات الدوحة، وأن السباق يجرى حاليا في كل الاتجاهات. كان الهدف في البداية أن تجلب الحركات للدوحة، وبعد أن وصلوا أو أوشكوا على الوصول جاء الدور على هدف آخر هو التقريب لأقصى مدى بين الحركات أو التجمعات التي ظهرت بالاسماء السابقة. وبعد .. الوفد الحكومي متفائل بأن يتم اختراق قوي لتشرذم الحركات المسلحة. طبعا كلنا نتمنى ذلك. لكن لكي يتم هذا الاختراق ينبغي أن تكون هناك نوايا مشابهة من الحركات. تقريبا الفارق الرئيسي بين الحركات المسلحة وكل القوى الأخرى بما فيها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية والمبادرة القطرية هو الموقف من توحيد الرؤى التفاوضية للحركات. هذا ما تسعى المبادرة القطرية لتحقيقه قبل اطلاق صفارة البداية لجولة التفاوض الحالية.