إلتقطت في صحف الخميس ثلاثة أخبار متشابهة : الأول، أن باكاش طلحة ابراهيم رئيس اتحاد مزارعي النيل الأزرق أعلن دخوله معترك الإنتخابات لمنصب والي ولاية النيل الازرق كمرشح مستقل. وقالت تتمة الخبر إن باكاش كشف عن حصوله على تأييد عدد كبير من القوى السياسية بالولاية. والثاني، أن أبو عبيدة الخليفة قدم نفسه كمرشح مستقل لمنصب والي الخرطوم، وقال إنه ترشح مستقلا بإعتبار أن حزبه (حركة تحرير السودان، جناح مناوي) لم يتم تسجيله في مجلس الأحزاب، وقال الخبر إن الخليفة أكد ثقته في جماهير حزبه وقدرته على اكتساح الانتخابات. والثالث، أن لام أكول ترشح لرئاسة حكومة جنوب السودان عن تحالف الأحزاب الجنوبية، وقال إنه يخوض الانتخابات بثقة لانه يحظى بتأييد جماهيري ويثق بأن برنامجه هو برنامج الاصلاح. لو تتبعنا ما قاله كل المرشحين بعد إكمال تقديم ترشيحاتهم لوجدنا شيئا شبيها بهذا، ثقة كبيرة بالانتصار، وهذا مهم جدا لأنه يمثل الأمل. عدد كبير من المرشحين، إن كان لمنصب أو لمقعد في البرلمان، يؤمل أنه سينتصر ويفوز بالمنصب أو بالمقعد. وهذا في حد ذاته تفاؤل حسن ونظرة للحياة والمستقبل بعين الرضا والأمل. لكن بالطبع ينبغي أن نفهم أن ما قيل هو ما يجب أن يقال. فمن المستحيل أن يقدم المرشح أوراقه للجنة الانتخابات ويخرج ليواجه الصحفيين بكلام محبط عن ضعف الأمل في الفوز، إذ سيواجه مباشرة تساؤلات الصحافة : لماذا ترشح إذ كان مقتنعا بالفشل. هذا جانب. والجانب الآخر كيف سيصوت الناخب لمرشح هو نفسه غير مقتنع بالنجاح؟ فهو إذا صوت له فكأنه سيهدر صوته وسيلقي به في بالوعة العدم. ولذلك يبدو ظهور المرشح بمظهر الإنسان الناجح المنتصر هو وسيلة متقدمة من وسائل كسب أصوات الناخبين. هذا كله يدخل ضمن اللعبة الانتخابية المقنعة، وكله من الوجوه الحسنة للانتخابات. أما ما لا يدخل في الوجوه الحسنة إذا أظهر المرشح ما أظهر من التفاؤل ليتكىء عليه في المستقبل، أي عندما يفشل في الحصول على المنصب أو المقعد، ليعدد أسبابا غير الأسباب الحقيقية لفشله. وبعد .. ستكون هناك أنواع مختلفة من الرقابة على الانتخابات مثل الرقابة الدولية والاقليمية والرقابة المحلية كرقابة منظمات المجتمع المدني ورقابة الأحزاب المشتركة في الانتخابات. لكن الرقابة الأهم هي رقابة الناخب نفسه. والناخب بذكائه الفطري يعرف الخطأ والصواب فيما يتقاطع أمامه في مسرح الانتخابات. المرشح الذي يفترض أن الناخب البسيط لا يفهم .. حقيقة هو الذي لا يفهم.