استسلام أجهزة الإعلام الوطنية لسلطة الإعلان أمر محير ومستغرب، صحيح البلاد تشهد أنشطة اقتصادية وانفتاحاً على مستوى الاستثمارات لا ينكره إلا مكابر، إلا أن هذا لا يعني بحال من الأحوال هذا الخضوع المشين لكل أشكال الإعلان الوافدة بدءاً بخديجة وقعت من البلكونة وهي تلبس البنطلون (والثوب السوداني) في استخفاف واضح بثقافة أهل السودان، ونهاية بالتغني بالطحنية والمكرونة وكأننا أمة لا هم لها غير الأكل والشرب إنني أحترم جداً تلك الأغنيات التي تصمم بأصوات سودانية وألحان سودانية حتى وإن كانت قوالبها من أغاني البنات لأنها على الأقل تملأ جزءاً من الذاكرة والموروث السوداني. الإعلان في البلدان التي تحترم إرثها وخصوصيتها يخضع لمعايير دقيقة حتى في مصر التي يعتبرها المعلنون مثلاً أعلى في خبرات التسويق والترويج فهي تخضع لمعايير الجودة من ناحية فنية أي الصوت والصورة وتخضع لتقييم المحتوى من ناحية ثانية والمضمون الثقافي للمنتج الإعلاني. والمبرر الذي تسوقه قطاعات الإعلان إن موارد هذه الأجهزة ضعيفة ولذلك فهي تضطر لقبول الإعلان بأي شكل كان وهذا عذر أقبح من الذنب.